شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من مشعل السديري..
يا رحمة الله.. إنزلي
ـ أخي الحبيب/عبدالله:
لست أدري ماذا أقول لك وسط هذا الركام من (سقْط المتاع)؟!
الأعذار كثيرة، وسهلة، وجاهزة، ومعلَّبة.. وأنا وسطها (على قلق).. لا أبرح المكان وإن طرت.. ولا أنزل وإن دفنت نفسي تحت التراب!!
مُشتَّت، مفتت، مغصوب على شيء، أنا لا أفهمه ولا أعرفه، وهذه هي الكارثة.
أنت في عيني تظل بكامل أبعادك وألوانك.
وسأصل إليك بأي طريق كان.. وبأي وسيلة كانت.. المهم هو أن لا نضع (عصا الترحال)!!
عندما سمعت عن غياب (الزيدان) كنت في قرية بين حائل والمدينة.. فتملَّكني ساعتها شعور من الغضب والحزن.. والحزن معروف.. ولكن للغضب روافد عديدة، ولا أريد أن أتكلم عنها، ولكني أخصُّ نفسي بواحدة منها.
كنت غاضباً على نفسي بدرجة (لا تصدق) لأنني سافرت من جدة، ولم تتحقق فكرتك التي طرحتها، لنقتحم عليه عزلته في زيارة جماعية إجبارية.
كنت أعتقد أن الزمان سوف يمهله ويمهلني.. وما عرف الزمان أنه بفعله هذا أصبح غريمي.. ولكن الزمان لم يهتم بذلك، ولم يلتفت.. بل راح يجرجر عجلاته الثقيلة في دربه الوعر، مخلفاً وراءه قرقعة الأصوات، وغيوم الغبار، وشيء من الذكريات الموجعة.
ومن أول يوم هممت بإمساك القلم للتحدث إليه غائباً.. وللتحدث عنه حاضراً.. ولكن - ويا للغرابة - ما وجدت قلماً!!
وإن وجدته ما وجدت كلاماً.. وإن وجدته ما وجدت تصديقاً.. وإن وجدته ما وجدت عزاء!!
ويمر اليوم تلو الأسبوع، وها نحن نجتاز شهراً.. فيأتي القلم، والكلام، والتصديق، والعزاء.. كلهم يأتون على استحياء، وإشفاق، وإخفاق، بطريقة متدافعة متصادمة، هي أقرب (للملاسنة) من الرثاء.
فيا لهذا الشوق يا عبد الله:
ويا لهذا التوق المتغلغل في أحداق من هبّوا، ومن حبُّوا، ومن داهمو جحافل الحزن بصدورهم العارية، وقلوبهم الراعفة الواجفة.
وسيمتد اليوم طويلاً.. والظلال طويلاً.. والعمر قصيراً، ثم قصيراً، ثم قصيراً.
ولتصدح كل (صنجات) العالم.. فاليوم أمر.. وغداً أمر آخر.
(أخوك/مشعل)
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :644  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 454 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.