شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمات.. شَهِدْتُ مولدها:
ـ هذه الكلمات: نُشرت في الصحف المحلية... لكني كنت
المتلقي الأول لها منه... حين كان يملي عليَّ... وكنت ((أشاكسه)) أحياناً.. وأعارضه.. ونضحك معاً:
ـ المعاني لا تستهلكها المباني، فأي بناء في الكلمة في أي شيء يغريك أو يعجبك إلاَّ بمعناه؟!
من هنا.. كل البيان هو القمة، وكان المبنى هو القاعدة!!
* * *
ـ الفسوق: ضعف، وإن تمرد بقوة العضلات، وإن تفرد بالدراهم.. تأبى إلا أن تظهر أعناقها.
فأي ضعف يماثل ما تتستر منه.. أي ضعف ما تنكره على نفسك في صحوة ضمير؟!
* * *
ـ كتب ((عبد الله جفري)) يرى البقاء في تحديد المنطلق في كل ما يكتب في الرواية.. يراها - أعني الرواية - كتاباً يعطي عطاء ينمو. قلت له: ذلك أن الرواية هي حاصرة ومحصورة.. تحصر كاتبها في وجوده وموجوده، لأنه يكتبها في ما أدخر عن ما أدخر في عقله الباطن.
ـ أعني بذلك: أن الرواية وطنية كاتبها، فهي تحصره في هذه الحدود، وبالتَّلقي أو التلقائية هو محصور في هذه الحدود.
من هنا.. بوطنية الرواية يصبح الكاتب مواطناً أعطى كما أخذ!!
* * *
ـ قرأت في مجلة ((كلية اللغة العربية)) بالرياض في شعر الحنين، ما قاله صقر قريش: ((عبد الرحمن الداخل)) حين رأى في الأندلس نخلة فريدة.
ـ قرأت قطعتين.. لم يغنه مُلك الأندلس عن الحنين إلى ترابه.. أنشد القطعة الثانية:
يا نخلُ أنت فريدة مثلي
في الأرض نائية عن الأهل
تبكي، وهل تبكي مكمَّمة
عجماء لم تُجْبل على جبل
ولو أنها عقلت لبكت
ماء الفرات، ومنبت النخل
وليس بدعاً هذا الحنين من ((عبد الرحمن الداخل))، فقد سبقه ابن عم له - أحد الأعياص - الذي يقول وقد أسكنوه دمشق يحنُّ إلى المدينة:
القصر، فالنخل، فالجمَّاء بينهما
أشهى إلى القلب من أبواب جيرون!!
* * *
ـ النوايا الطيبة، والنصائح الصادقة: كثيراً ما ترفض، لأنها بالإلحاح والتحدي يشتمُّ منها رائحة الفرض والإلزام!
وهكذا يقبح الحسن إذا تعامل مع السلوك السيء!!
* * *
ـ إذا خطب رجل لرجل إمرأة فقد افترض عداوة الزوجين له بعد.
وإذا قاد رجل لرجل فقد فرض صداقته..
ذلك أن علاقة الخير قد ينساها الفاعلون للخير... أما علاقة الشر فلا ينساها الطرفان، ضمانات المن تنسى، ومحاذر الخوف تبقى ولا تخفى.
* * *
ـ هل يتصور أحد من الناس أن يكره إنسان وطنه.. أن يهجر ترابه؟!
بعيد ذلك.. فهناك الزلازل والبراكين والهزائم والأعاصير والعسف والفيضانات.. كلها لا تُخرج الناس من أوطانهم، فالحب للتراب يصابر، والوطنية تُكابر.. لكنَّ القحط والجوع هما العاملان لفرار الوطني من وطنه.. أما الهجرة لحماية المبادئ فطلب للانتصار، وعودة لحماية الوطن!!
* * *
ـ قالوا: من لا يحلم يصبح مجنوناً!
ـ وقلنا: هذا صحيح فالأحلام تُنفِّس النفس.. تطرح مخزونها الكارب كأنها ترفَّه عن ذاتها بالبوح.. عزَّ عليها أن تجد إنساناً تبوح له، واستحيت أن تبوح إلى المرآة.. ففضلات الجسم تذهب إلى مكان ليستريح البدن، وأثقال النفس لا تذهب إلاَّ بهذه الأحلام.. فتستروح النفس راحتها من طرحها لأثقال إختزنتها في العقل الباطن. لا تعجبوا.. فحتى الحيوان يحلم!!
* * *
ـ الغزل بالرِّجِل!!
ـ كانت نائمة فاهتزت، فأصابت رجلَها رجلُه، فحين صحا من النوم قبلها.. كأنه قد استطعم الهزة برِجْلِها غزلاً يناديه!!
وفي المرة الثانية جاءت المقابلة منه.. إهتزَّ فهزَّهَا برجله فلم تُسامح، ولم تعتبر ذلك غزلاً منه.. ذلك أن غزل الأنثى في أية حركة تبديها.. أما غزل الذكر فطريقه رفق.
بسمة.. نداء.. هَزَّة حنان!
الأنثى: كالأرض الخصبة، تُفلح بالفلاحة سقياً ورعياً..
والرجل كالصخرة يحتاج إلى تشذيب وتهذيب!!
* * *
ـ سناء محيدلي:
ـ دمعت عيناه - يرحمه الله - حين كان يملي عليَّ مقالاً عن الشهيدة (سناء محيدلي)، مستفزاً المزيد من شجونه.. فقلت له:
ـ أما زلت تتذكر الشهيدة ((سناء محيدلي))، وقد نسيها الكثير، بعد أن كانت ((خبر)) بطولة؟!
ـ قال: لقد أصبحت ((سناء)) هي حبي الأخير.. حبُّ الموت/الحي!
ولا شك أنني أحب حياة الموت في هذه البطلة التي بصقت على وجوه أسماء كثيرة في الضوء!
ـ سألته: وهل أنت الميت الذي أحبَّ ((الحي)) سناء؟!
ـ قال: نعم.. لو عرفنا قيمة الموت.. بعد أن أهدرنا قيمة الحياة!
* * *
‍‍ـ ما الذي يفكر فيه؟!
ـ تُرى.. في ماذا أفكر؟!
ـ أفكر في ضعف الإنسان أمام نفسه.. وقُوَّته على ضعف الآخرين!!
ـ أفكر في طغيان الإنسان بقوة مدمرة.. بينما هو الضعيف أمام جرثومة لا تُرى إلاَّ بالمجهر.
ـ أفكر في السلام.. ينتحر بيد القادرين على صنعه.
ـ وفي الحرب يتَّجر بها المستغلون لغرور الأقوياء والغافلين.
ـ أفكر في الذين ترحمهم بعفة.. بينما هم لا يرحمون غيرهم من شراسة وكَبْتٍ في طبائعهم!!
ـ أفكر في عازل نفسه عن الناس بكبرياء عفنة.. والباذل نفسه للناس باتضاع يتفسخ!
ـ أفكر في مُجيع ولده وليُخزِّن الملايين، وفي من يُشبع ولده ولو شحت عليه الملاليم.
ـ أفكر في مستشفى أُعد لشفاء المريض.. وأُهمل كملعب يصرخ فيه الصبيان.
ـ أفكر في الحبِّ.. وكيف استحال إلى فوضى في الشارع.. ورقص في الصالونات!!
* * *
ـ هذه ليلتي:
ـ أصغي إلى صوت ((أم كلثوم)) في موعد حفلتها الشهرية، وجاءني بعدها ليقول لي أكتب الآتي:
ـ سهرت أسمعها صوتاً.. صوتاً قبل كل شيء، وشعراً.. شعراً هو الشيء، ولحناً.. لحناً هو زينة الأشياء، فإذا بي اقولها: لا يبعد على حفيد ((الشعراني)) أن يرتفع بهذا اللحن ولا يضيره أن يسقط له لحن.. فقد اقتنى واغتنى، ولن يضار لون النضار أن يختلط بمعدن آخر .. فصوت أم كلثوم هو المجوِّد للحن، والمزين للشعر.. كلاهما الشاعر والملحن يرتفعان لغناء هذه التي غلبت: وحيداً، و((حبَّابة))، وسلاَّمة، و ((الميلاء)).. كأنما ابن سريج قد ادخرها نفحة من نفحات العقيق الأول.. هدية منه إلى النيل.. إلى الفرات.. إلى الأجيال.. لبنانية ومغربية!
كأنما آذان المهرة صقلت الصوت بألسنتها.. تقول ((الآه))!!
لقد جعلنا ((الجرداق)) نذكر بحنين شعراء الأغنية.. مَنْ غنَّت لهم أم كلثوم، ومن غنَّى لهم غيرها: (شوقي، والأخطل الصغير، وأحمد فتحي، ورامي وناجي)، ويحزننا أن لا نرى بينهم ((القبَّاني)) ذلك الذي لم يزن قصيدة تستاهل أن تغنيها أم كلثوم.
لا تحكموا على أم كلثوم بسماعها لأول مرة فهي كالمعتَّقة!!
عبد الوهاب له الواحدة: ((إنت عمري)).. والجرداق فاز بهذه الواحدة: ((هذه ليلتي))... كانت رائعة في أواخرها.
أما هي أم كلثوم فلها الفرائد ننظم بها القلائد.. إن الجرداق غنَّى بشعر يعجب الشباب.. أما نحن، فنساير بهذا الإعجاب.. كأنما نعامل الآخرين معاملة المُؤلفة قلوبهم، وإن عاملونا هم الآخرون معاملة المرتدِّين!!
* * *
ـ زينب:
ـ حين قلت لأستاذي: إن الشاعر نزار قباني، اطلق اسم (زينب) على طفلته الجديدة من زوجته التي رحلت بعد ذلك: (بلقيس)... فبماذا يدللها عريسها بعد عشرين عاماً؟!
ـ قال الأستاذ زيدان: إن الأسماء العربية جميلة.. ونزار فنان، وشاعر بحق.
إن زينب هي: ((زنوبيا))، ملكة اليمن... فأراد أن يكرِّم اليمن بالشام!!!
وقد سمَّى العرب ((سارة)) وهو من السراوة، بمعنى: أميرة، ومنها السراة، ومنها اسم النهر ((سرى)).. وهو اسم عربي قديم استعمله العبرانيون.
وسمَّى العرب: ((آسيا))، وأول من استعمله الفينيقيون. ومعناه: الشرق، ولهذا سمِّيت القارة آسيا، وآسيا هو اسم امرأة فرعون!!
* * *
ـ المبدأ حق، فلا توسُّط للحلول فيه.. أما هو وإلا فالباطل.. أما المصالح فمنافع يمكن التصالح عليها بقبول الحل الوسط، فأما الحل الوسط وإلا فطَرف غانم، وطرف غارم!
* * *
ـ صاحب من ينسى معروفه عندك، ويذكر معروفك عنده.. إنه حين ينسى معروفه لا يثقلك بالإشفاق، ولا يرهق بالمن.. وحين يذكر معروفك فإنه يعطيك المتعة ليأخذ متعة أخرى.. يعطيك قيمتك عنده ليأخذ قيمته عندك، الشكران في وجدان الرجال علامة تعلن أنهم يطيقون صنع الجميل كما يحملون الشكر لمن يصنعه معهم!
* * *
ـ قد تستريح حين تكون العلاقة بين الشخصين.. علاقة بين قلبين - إنسان وإنسانة - صنعها ليحكمها الذوق، والسلوك، والطموح، والفتنة.. فالفتنة هي: فن الجمال.. أما أن تكون العلاقة على مستوى التافه من الرجال، أو على مستوى المنفعة من الأنثى، فشيء لا يريح.. بل إنه لينقلب إلى فشل في العطاء، واقتناص للأخذ المجرد من الفن والسمو والفتنة!!
* * *
ـ سمعت عنزاً تطرح هذا السؤال على غزال صادوه فدجَّنوه.. كانت العنز والغزال يرعيان وسط الحديقة، فبالشعور الموروث جرى الغزال إلى حنظلة نبتت شيطانية على جال القنطرة، فشمها واستطعمها، فمج ما استطعم.. فقالت له العنز:
ـ إنها طعامك في الصحراء؟!
ـ فتنهد الغزال وقال: كانت طعامي يوم كنت آبداً، أسرح وأمرح في الصحراء، أما اليوم فقد أفسدني عنها وارف الظل، ونعومة العيش!!
* * *
ـ قال بعض الأكابر: إني لأعجب من رجل إذا ما ذُكر بخير ليس فيه.. كيف يفرح وإني لأعجب من رجل إذا ما ذكر بشرٍّ هو فيه.. كيف يغضب!!
* * *
ـ حين ما يكون الموظف تنازلياً لا تصاعدياً.. يعني أن يكون ذا قيمة أكبر.. رضي بالوظيفة الأصغر، حينئذ تصبح الوظيفة كبيرة به.. لتصبح الأعمال صغير منه!!
* * *
ـ لا تكشُّوا التراب:
ـ وسألني أحدهم: هل يعجبك هذا الأسلوب في إثارة الأقلام، وإشعال نار الخصام؟
ـ قلت: ماذا تعني، و من تعني؟
ـ قال: أعني ((كشَّ)) التراب بأسلوب أولاد الحارة لإثارة الخصومة، وأعني ((علوي الصافي)) و ((جلال أبو زيد)).. كما أعني الذي نشر والذي استتر، وأعني أكثر ما نشر اليوم في ((عكاظ)) عنك وعن الأستاذ العطار؟
ـ قلت: أريد أن أصارح الأخوان جميعاً، وأخص ((جلال أبو زيد)) بأن أوضاعنا كمجتمع، وضعنا كأدباء... كل منهما يرفض أسلوب أبو الخير نجيب، ومحمد السوادي، وعبد الوهاب البياتي، والشتَّامين الآخرين، أسلوب أسوأ ما فيه إثارة الخصومة بطريقة التشعلق على الأكتاف، أو التملق لأصحاب الصوالين!!
إن صناعة الخصام - إن لم تصنع الكراهية - فهي صانعة الغضب.. تاركة الجذوة تعمل عملها في النفوس، وليس في الغضب كسب، وليس في ألم صديقك راحة لك.. إلاَّ إن كنت ((سادياً)) أو ((دراكولياً))!
إن الخبر المنشور في ((عكاظ)) عن حديث الأستاذ البحاثة أحمد عبد الغفور عطار في نقده لي عن أخطاء وقعت فيها، ما كان ينبغي أن يذاع بأسلوب النميمة لنشر الغيبة.. كان ينبغي أن يترك للأستاذ العطار أن يكتب، وليس في حديث الأستاذ العطار عني ما يدخل في باب الغيبة، لأن ما يذكره العطار عني لا أكرهه.. أما إذاعة الخبر فأحسبني والأستاذ العطار نكرهها جميعاً لأنها نميمة.. ثم إن الأستاذ العطار - ولا أداهنه - كثيراً ما وقع بيني وبينه حوار، أفادني، ولعلّه لا ينكر ما أدركنا جميعاً من فائدة هذا الحوار.
دعوا الأستاذ العطار يكتب، فما يجيء منه على وجه الصواب نقبله، ونستفيد منه، وما يجيء من غير ذلك نتركه إن جانب الصواب!
فـ ((كشَّة)) التراب هذه لم تُثر غضبي، ولعلّنا جميعاً ندرك ما لقيمة التأدُّب في سلوك الأدب ونشره، خير من هذا الأسلوب الذي أحسبه ((موضة)) جديدة في إثارة الخصومات!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :707  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 429 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج