شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مواقف له، وعنه، ومعه
ـ أيها الوطن: لا بد أنك تبكي (إبناً) من أبنائك المميَّزين: عَشِقَك حتى آخر أنفاسه، وتجذَّر انتماؤه لك من خلال دموعه، وكلماته.
لا بد أن دموعك - أيها الوطن - تنساب الآن من خلال عيون كل الذين أحبوه، بعد أن كانت دموعه هو: تتدفق مدرارة، كلما تحدث عن موقف في تاريخك الإسلامي العظيم.
ولم تكن دموعه صامتة.. بل كانت دموعاً: شاهقة أعلى من ناطحات السحاب.. حارقة أفظع من الجمرة... مشعَّة أكثر من الضوء!
ـ مفتاح شخصيته: الحبُّ.
ـ ركائز هذه الشخصية كانت تقف على قاعدة: الفضيلة، الحق، الجمال!
ـ يحلو له أن تنعته بكلمة: أيها الرجل (العُمَريُّ).. فقد كان محباً للخليفة العادل: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستشهد في كثير من آرائه، وصوره، ومقالاته، ومحاضراته.. بمواقف ((عمر بن الخطاب)).
ـ قال لي: لقد كان ((عمر)) شديداً في الحق، صارماً في التشريع.. كثير الشفقة والحنان!
(لم يكن يؤرخ... ولكنه كان يسجل الحدث، ولا يُمَنْهجه، بل يُقولبه، حتى يصيغه بأبعاد متعددة).
أسلوبه في الكتابة: العبارة القصيرة المكتملة التي لا بد أن تضع في نهايتها نقطة.
عبارته: لم تكن مفتوحة، كما نسمي نهايات القصة القصيرة الحديثة!
أسلوبه: سهل، ممتنع.. يستخدم فيه أحياناً: اللفظ البرقي، لكنه يصوغه في عبارة أدبية،
ذاكرته: قوية وحافظة.
* * *
ـ في أي مكان يذهب إليه.. حتى لو دخل إلى بقالة، فإنه يتحدث إلى من يقابله.
أي إنسان يقف للسلام عليه، أو يسأله، أو هو يسأل البائع.. فيطرح سؤالاً رئيسياً لديه، يبادئ به الواقف أمامه، قائلاً:
ـ منْ الأخ... من أي منطقة في الكيان الكبير؟!
ـ أو يقول: مَنْ الأخ.. ما هي قبيلتك؟!
ثم... يتولى هو عن الذي سأله إعطاءه التفاصيل عن: قبيلته، ونسبه، وجذوره.
* * *
ـ لم يكن يخطط لحياته... كأنه يعيش أبداً، وإن كانت آثاره ستبقى من بعده.
لكنه كان يكتفي بيومه للناس.. ويكتفي بلحظته لشعوره فيها بالعطاء للآخرين، وبالفرح للآخرين.. أكثر مما يفرح بنفسه، أَو ْلَها!
* * *
ـ من كلماته الضاحكة/الساخرة:
ـ أحسن طريقة (للإعلام) الحديث.. تجدها فيما يفعله هؤلاء (المشَّاءون)!!
* * *
ـ خصوماته الأدبية: كان فيها يترفّع عن الشتم، والتعريض، والنيل ممن اختلف معه، ويردد عبارة شوقي الشعرية: إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية!
ـ ويضيف: إن هذا الذي عرّض بي له عيوبه، وأنا أيضاً لي عيوبي الأكثر منه!!
* * *
ـ كان يغيظني في بعض الأحيان، عندما يدخل إلى مكتبي، وأنا مشتاق لحواره الممتع، ولرؤيته الأبعد لفكره، وبتحليله.. أو أنتظره لأقرأ عليه موضوعاً كتبته، لأستزيد من رؤيته وتعديل بعض الكلمات أو تبديلها!
فيفاجئني بعد ربع ساعة - لا أكثر!! بالوقوف، ميمِّماً نحو الباب.. يلاحقه صوتي قائلاً:
ـ يا أستاذ.. لم تسترح من السلالم.. أريدك في موضوع.
لا يلتفت.. بل يترك صوته وراءه يردد:
ـ لن أغيب عنك.
كان لا يطيق الجلوس في مكان واحد فترة طويلة من الزمن.. حتى لا يثقل على الآخرين!!
* * *
ـ هو: تشكيل حي.. يجسد حقباً تاريخية عديدة.
هو - أيضاً - : لوحة رائعة.. ذات أبعاد في ظلالها، وألوانها، وإضاءتها... مستمدة من أزمنة الوعي!
* * *
ـ كنت ألح عليه في تسجيل حواراتنا معه... فيضحك، ويقول:
ـ بعدين... ستسأم مني.
وكنت أعرض عليه: ساعة من نهار أو مساء.. يتحدث هو: وأكتب أنا.
لكنه تَعِب... حينما لم يعد لديه حافز!
* * *
ـ حياته: أوديسا حافلة!
ـ الحب - مفتاح شخصيته - ربط بينه وبين عدة ركائز هامة:
ـ بينه وبين الوطن.
ـ بينه وبين الكلمة.
ـ بينه وبين الحق، والحقيقة.
ـ بينه وبين التاريخ.
ـ بينه وبين (أنساب) من كان يتحدث عنهم، ومن كان يخاطبهم في كل لقاءاته وخطبه.. وهو يستهلُّهما قائلاً:
ـ أهلي، وعشيرتي!
* * *
ـ كانت كلماته التي يرسلها إلى سمعي.. تشدني حكمتها، ويجذبني التجنيح فيها.. فقد كان يكتب كما يتحدث عن: التجربة، والخبرة، وبراعة المعلِّم.. فكيثف في نفس قارئه وسماعه: أصداء الحنين إلى الماضي... وكان يصوغ العبارات التي (أتعبتني).. ليس في فهمها، بل في الامتلاء بمعانيها!
كان في شجونه: نغماً حزيناً.. متلع النجوى.
وكان في شؤونه: حصاد عمر.. عامر بالدرس، وبالمعرفة، وبالأستاذية.
ورغم علمه الذي كان يفيض.. لم يكن يتسرع في أجوبته على الأسئلة الكثيرة التي يوجهها إليه قرَّاؤه.. وكان يردد: نصف العلم.. لا أعرف!!
وهذا (التواضع) فيه: رفعه أكثر من غيره إلى مصاف المثقفين الكبار، الذين علموا الكُثْر من تلامذتهم!
موته: كرَّس اليُتْم في حياتي للمرة الثالثة، بعد أن فقدت أمي وأنا رضيع، وفقدت أبي وأنا ناضج، وفقدته اليوم وأنا وحيد من عطائه، وفكره، وأبوَّته.
إفتقدته في ركائز أساسية لحياتي:
ـ فقد كان الصديق المؤتمن، والأذن التي تصغي لي في كل الأحوال.
ـ وكان الصدر الحنون الذي يحتوي أرقى، وهمومي، وأسئلتي.
ـ وكان مخزن أسراري التي أقف أمامها وأبوح.
ـ هو الذي علَّم عقلي الطريق إلى الحوار، والتفكير، والرجاحة.
ـ هو الذي غذَّى فكري بالقراءة على درب الثقافة.
ـ هو الذي هدهد مشاعري بالتلقي منها، ومجاراته في شجونها حتى تهدأ.
* * *
ـ وهكذا أصبحت اليوم يتيماً..
وأعرف أن أبناء الزيدان كُثْر.. من الذين تعلموا على يديه، ومن كتبه، أو من مقالاته، أو مدرسته.
إنه كان يردد على المميَّزين في الأخلاق أولاً: هذا من بقية الناس.. لأن (لناس) بمعنى الإنسانيين قد ذهبوا!!
أما هو.. فأقول عنه: هذا هو آخر الناس!!
يرحمه الله.
* * *
كلمات.. ذاعت
ـ من الكلمات التي أبدعها الأستاذ (محمد حسين زيدان)، ولاقت أصداء واسعة لدى القارئ المتلقي، وذاعت، وانتشرت، واستعارها الكثير من الكتّاب، والصحافيين:
ـ الكيان الكبير: أطلقه على بلده المملكة العربية السعودية.. اعتزازاً، وانتماءاً، وفخاراً بتجربة (الوحدة) العظيمة الثابتة.
ـ التلفاز: بدلاً من التلفزيون.
ـ المذياع: بدلاً من الإذاعة، أو الراديو.
ـ المجتمع دفَّان/ ولا بد لك أن (ترعص) حتى لا ينساك الناس... فقد أصبحت ذاكرتهم ضعيفة، أو هي كالغربال، لا تحتفظ بشيء!
ـ شباب القلب/قلب الشباب!
ـ ينقصه الذي يُنغِّصه!!
ـ وكان يقصد من هذه الكلمة، معنى: وجود المرأة في حياة الرجل ضروري.. ورغم ذلك، فهي لا بد أن تقوم بما يُنغِّص دَفْئَه بها!!!
ـ هندسة الكلمة في موسقة الكلمات.. أراحتني من غَرض أسعى وراءه، أو من مُغْرِض يجري ورائي!
ـ زيد الشيخ كاسَهْ/يقولها ضد السادرين في الغرض والهوى، ولا أمل في إصلاح اعوجاجهم، أو إفاقتهم من الغيْ!
ـ بعضهم: تضع أصبعك في عينه.. ورغم ذلك يشعرك أنه لا يراك!!
ـ أرمي عليه كف رز/تأمنُه!!
ـ وهناك كلمات.. كان يستعيرها، ويلحقها بقائليها، ويرددها... ومنها:
ـ قيل لتشرشل/رئيس وزراء بريطانيا - الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس:
ـ لقد سقطت أندونيسيا... فقال: وستسقط غيرها!
وفرق بين السقوط الذي كان يومها، والسقوط اليوم!
ـ كلمتان لسعد زغلول:
ـ تُهمة لا أدفعها، وشرف لا أدَّعيه!
ـ أعذرني لهذا الإطناب.. فليس عندي وقت للإيجاز!
* * *
أبيات كان دائم الترديد لها
- ولو أني حُبِيت الخُلْد وحدي
لما أحببتُ بالخُلّد انفرادا
- أحمد شوقي
ـ ويدل معنى هذا البيت على: شعوره بالوحشة عندما يكون وحده، وفرحته بالناس وبالاجتماع... وكما كان يقول لي: (اللَّمة حلوة.. تجمع الأهل والأحباب)!!
* * *
- ولم أر في عيوب الناس شيئاً
كنقْص القادرين على التَّمام
* * *
- وفي النفس حاجات وفيك فطانة
سكوتي بيان عندها، وخطاب
وما أنا بالباغي على الحبِّ رشْوة
ضعيف هوىً، يبغي عليه ثوابه
- المتنبي
* * *
وإنْ امرءاً يُمسي ويصبح سالماً
ومن الناس، إلاَّ ما جنى لَسعيد
- حسان بن ثابت
* * *
ضاق المجال بنا.. على سعة به
وتعجَّل الحُذَّاق نهْب رحابه!!
- حمزة شحاته
ـ كان مفتوناً بشعر ((حمزة شحاته)).. وهذا البيت/ وحده، كان يكثر من ترديده.. مبتسماً بسخرية، حين يشعر بضائقة نفسية!
* * *
قضاها لغيري، وابْتلاني بحبِّها
فهلاَّ بشيء غير ليلى: ابتلانيا؟!
- قيس بن الملوح
* * *
ليت هنداً أنجزتنا ما تَعِدْ
وشفت أنفسنا ممَّا نجدْ
واستبدَّت مرة واحدة
إنما العاجزُ منْ لا يستبد
- عمر بن أبي ربيعة
* * *
ولما أن تجهَّمني مرادي
جريتُ مع الزمان كما أرادَا
- المعري
* * *
زعم الفرِزْدق أن سيقتلُ مِرْبعا
أَبَشِرْ بطول سلامة يا مِرْبَعُ
- جرير
* * *
ينام بإحدى مقْلتيه ويتَّقي
بأخرى الرزايا فهو يقظَان هاجِع
- حميد بن ثور الهلالي
* * *
وما المال والأهلون إلا ودائع
ولا بدَّ يوماً أن تردُّ الودائع
- لبيد بن ربيعة العامري
* * *
وتجَلُّدي للشَّامتين أُريهمُ
أَلْفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ
- أبو ذؤيب الهذلي
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :789  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 424 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.