آية اللَّه الترابي |
ـ إن معنى ((التفوق))... يرتبط بالوعي الذي يفكّ قيود سجنه من وراء أسوار التبعية، لإِملاءات أطماع حاكم فرد.. يفرض على الشعب أن يُردِّد خلفه كلمات التمجيد لشخصه، وتكريس تسلُّطِه! |
إن معنى ((التفوق))... يتمثل في رفض القفز السطحي، الذي تستخدمه نوايا ((حزبية))، وأفكار ديماجوجية!! |
إن معنى ((التفوُّق))... هو: أن لا تهزمنا الكراهية فتطمس العشق للأرض، وتقطع جسر التاريخ على درب الأمجاد، والإرادة! |
لكن هذ ((المعنى)) الباهر.. آخذ في التدهور داخل العربة المسرعة، التي غيَّبوا فيها ((الدور)) الأساسي للكلمة الشجاعة، والحرة، والملتزمة، والواعية. |
إن هذا العالم العربي - كوحدة دينية، وقومية، ووطنية، وحضارية، وإنسانية - ينزلق إلى تلك الهاوية التي دفعته إليها أيدي (المنتفعين) من اللغط، ومن تزوير التاريخ، ومن تدليس الحقيقة... ممن حوّلوا ((الكلمة)) إلى قفز سطحي تارة.. وألبسوها عباءة الدين، وصحوة العقيدة تارة ثانية.. وأضرموا فيها نيران الثورة، والتقدمية، والتغيير تارة ثالثة!! |
إن الإسلام)) يتلخص في كلمات: الحق، والعدل، واليقين، والإِيمان، والصدق. |
لم يكن ((الإِسلام)) بقناعاته الهائلة، ونبراسه، وهديه.. يحتاج إلى أحزاب، أو ((حزبية)).. ولا يرتبط الجهاد في سبيله بنوايا تجمعت من حصيلة: الحقد، وإفشاء البغضاء ونشرها، وإحداث الفتن، ونسف مساعي السلام التي قطعت شوطاً بعيداً على درب ((الحوار)) والمباحثات، وإسْماع العالم (عدالة) صوت الفلسطيني المضطهد فوق أرضه، ووأد ((الإِنتفاضة)) التي صمدت أكثر من عامين بفعل النضال الإِيجابي، والمؤثر في قرارات السياسة العالمية، والرأي العام العالمي، واقتصاد العدو في الداخل!! |
وأمام هذه المغالطات، ومحاولة غمط، ودفن قضية المسلمين الأساسية: (تحرير القدس) والأرضي العربية التي يحتلها - بمعنى الإِحتلال الحقيقي - عدو... فإننا نود أن نحاور فئات من هؤلاء ((المُتَحزِّبين الإِسلاميين)) الذين يدّعون دفاعهم عن الإِسلام، أو عن الحرمين الشريفين.. من خلال آيديولوجيات أحزابهم، وتجمعاتهم! |
ـ وفي البدء.. نطرح عليهم هذا السؤال: |
ـ أين اختفت وغابت غيرتهم الإِسلامية، على امتداد هذه السنوات الطوال، منذ احتلت إسرائيل (القدس) وَعَبَثَتْ بالمسجد الأقصى: القبلة الأولى، وثالث الحرمين؟!! |
ـ لماذا لم يعلنوا عن ثورتهم الإِسلامية، بمثل حماسهم الذي يهاجمون اليوم به الدولة التي تخدم الحرمين الشريفين، وتحرس أمنهما، وترتقي بالخدمات وبالحياة فيهما؟! |
ـ لماذا لم يثيروا الشارع العربي، والإِسلامي، بمثل إثارتهم اليوم، عندما احتلت إسرائيل (القدس)، وعندما دفعت عميلاً لها لإِحراق المسجد الأقصى؟! |
إن ((إسرائيل)) قد أعلنت عن مخططاتها لمحو (إسلامية) القدس، ونواياها عن هدم المسجد الأقصى، لإِقامة الهيكل... فماذا فعل الإِسلاميون المُتحزّبون، في السودان، وفي الأردن، وفي تونس، وفي الجزائر؟! |
* * * |
ـ في السودان: لعب هناك (آية الله الترابي) دوراً تآمرياً مُخجلاً، منذ إعلانه عن بدء نشاطه السياسي الذي ألبسه عباءة الدين، وأسس حزبه الذي صار معروفاً جداً لدى المنظمات الإِرهابية، و (ثوار) العالم الثالث، والندوات التي عُقدت تحت مظلة إحياء (الفكر الديني الإِسلامي!) لِتَضع خُططها المسدّدة إلى التضامن العربي، وخطط التنمية والإِستقرار! |
واستطاع (آية الله الترابي) أن يصل إلى كرسي الحكم من داخل الكواليس، بعد أن وضع في الضوء: دُمْية، يُحركها من الخلف... حتى إذا أشعل حاكم العراق فتيل (الفتنة)، إكتشفنا أن هذه ((الأحزاب)) التي ادعت الإِسلام، والجهاد الإِسلامي.. هي الأدوات المُسَاعِدة لسكب المزيد من الغاز على نار الفتنة!! |
ولقد وعدهم ((صدام حسين)) - هم أيضاً!! - بنصيب من هذه التركة.. فانطلقو يَفتُون، وينظِّرون باسم ((الفكر الإِسلامي))، ويهددون بتجييش (الشارع العربي) بعد أن أوغروا الصدور العربية بعضها ضد بعض، وقَسَّموا الشعب العربي إلى: أبعاض، وأغنياء وفقراء، وإسلاميين - هم وحدهم! -، وكفرة: كل من شارك في الوقوف مُواجهاً لعدوان، وتهديدات، وفتنة ((صدام حسين))!! |
واستطاع (آية الله الترابي) أن يدفع دُميته في السلطة إلى إرتكاب حماقات، وأحقاد، وسقطات... تمثلت في خطوات بالغة الغباء، ومنها: |
ـ أولاً: خضع لتوجيه حاكم العراق بنصب صواريخ، ودبابات تُهدد أمن المملكة العربية السعودية. |
ـ ثانياً: بعث بِفرق من قوات السودان (الأبيّ العربي) إلى الكويت المحتلة، لتتولى تفتيش الناس، والتحقيق مع أهل البلد والمقيمين بمعاملة شرسة: (جريدة الأيام البحرينية). |
ـ ثالثاً: أبلغ ((البشير)) المسئولين الإيرانيين - من خلال وفد بعثه إلى طهران - بأن دول مجلس التعاون منزعجة من نظامي الحكم الإسلاميين في السودان، وإيران: (جريدة السياسة الكويتية)! |
ـ رابعاً: أسفر (آية الله الترابي) عن وجه قبيح حاقد - بعد عدة زيارات قام بها للمملكة العربية السعودية، وهو زائغ البصر - وأدلى بتصريحات (لراديو لندن) مباشرة في الإفصاح عن عدوانيته وبغضائه... لخَّص فيها نواياه، فقال: |
ـ في حالة نشوب حرب... فإننا سنعلن الجهاد ضد الأعداء!!! |
ـ وما هو ((جهاد)) آية الله الترابي؟!! |
ـ ينحصر في اتفاقه مع المنظمات الإِرهابية (منظمات الآباء!!) للقيام بجولات تخريب ضد شواهد الحضارة، والتنمية، والأمن والإِستقرار!! |
ـ وأين سيكون جهادهم؟! |
ـ لن يكون في (القدس)... بل في أرض الحرمين الشريفين!! |
إذن... هذا هو ((الجهاد)) عند هؤلاء الأصوليين، الإسلاميين، المتحزِّبين... وهذا هو محور (فكرهم الإِسلامي)... وهذه هي أبعاد دور (الكلمة) التي يطلقونها، ويثيرون بها الشارع العربي.. باسم: الإِسلام، والجهاد!! |
* * * |
ـ لم نكن نريد أن تبعد الشقة بينتا وبين (أخ) مسلم، وعربي، وجار، هو السيد (حسن الترابي)... حرصاً منا على تثبيت ((الحوار)). والكلمة الطيبة التي هذّبنا بها الإِسلام، ودعانا إلى التخلّق بها... حتى لا يظلمنا، وحتى لا نفقد الأمل في عودته إلى الحق!! |
وحين كان يقوم بزياراته المكوكية لبلادنا - في بدء الفتنة الصدامية - ليلتقي بالعديد من ((رجال الأعمال!))، والإعلام، والثقافة، والمجتمع... كان الإِنطباع السائد عند كل من يستمعون إليه، ويبدون تعاطفهم مع السودان الشقيق: أن هذا الشخص قد ارتدى ثوباً آخر، واستعار لساناً لم يعد نظيفاً... وكان رأي الناس في موقفه: أنه موقف ((أملس جداً))، ويطفح بالتشفّي!! |
وقد ساد هذا الإِجماع بعد سلسلة ((حوارات)) إتسمت باستنكار السامعين لآرائه الغريبة والحاقدة التي ((يبصقها)) في عقر دارنا، وضدنا... وأريد - هنا - أن أنقل جانباً من ذلك الحوار المتعدد، ومن تلك الآراء التي قالها: |
ـ قال (آية الله الترابي): إن ما فعله الرئيس ((صدام حسين)) خطوة على طريق الوحدة! |
ـ أجابه مستمع: ولكن ((الوحدة)) لا تكون بالقسر، وبالدبابات، والقتل، وبالإِرغام! |
ـ قال الترابي: صلاح الدين.. وحّد بالسيف! |
ـ أجابه مستمع: ولكن... حَدَث هناك في الكويت مِنْ جُند ((صدام)): هتك عرض، وقتل، وسلب، وسرقة! |
ـ قال الترابي: لازم تلتمس العذر لأخيك (المسلم)، وبالذات في الحرب.. دائماً أثناء الحروب تحدث تجاوزات، لأن الجيوش كبيرة، والحركة سريعة، وليس هنالك ضابط، ولا رابط، وبذلك نلتمس العذر لتصرفات جيش العراق. |
أجابه مستمع: لكنه لم يُعلن الحرب.. بل غزا الكويت غدراً، وغيلة؟! |
ـ قال الترابي: من أجل الوحدة، وتوزيع مال المسلمين على المسلمين! |
ـ أجابه مستمع: من منطق إسلامي أنت تتكلم، فليكن، ولكن.. أنت تعلم أن ((صدام)) بعثي، علماني.. فكيف تتحد معه؟! |
ـ أشار بيده وقال: يا أخي.. إن الله لينصر هذا الدين بالبر، والفاجر!! |
ـ سأله مستمع: هل سينصر الله دينه على يد ((صدام)) وفيه كل هذا الفجور؟! |
ـ أجاب الترابي: الرجل يقول لنا بعض الكلام الإِسلامي، والعبارات الدينية، وقد بدأ يرفع الأذان من إذاعته، وهذا قد يُحوِّله الله إلى مصلح كبير، وإسلامي كبير!!! |
ـ سأله مستمع: ولكن.. من غير المعقول أن نُغامر، لنكشف بعد ذلك أن كلامك صحيح، أو خطأ! |
ـ أجاب الترابي: من تجربتي السابقة مع غيري، بدأنا نشجعه على الإِتجاه الإِسلامي، حتى أنه بدأ يصلي، ويقرأ القرآن (إنه من نسب علي!!!). |
ـ سأله أحد الحضور قائلاً: أنا كمواطن كويتي بماذا تنصحني أن أفعل... وبعد تشريدي من بلدي، وقتل أهلي، وهتك أعراض أخواتي؟!! |
ـ أجاب الترابي (وقد تفصَّد عرقه): والله.. يعني.. في الحقيقة، أشوف إنك تتفاعل مع القضية، ومع وضعك، ومجتمعك، وأسرتك! |
ولقد رفض أن يُوضِّح طبيعة ذلك (التفاعل).. وهذا يدل على نفسية وخلفية فكر الترابي!! |
ثم. انفعل (آية الله الترابي)، وقد استفزته الأسئلة، وشعر بالإِختناق، فأخذ يصرخ قائلاً: |
ـ أنتم في الخليج، والجزيرة... من أنتم.. ماذا أنتم؟! |
ـ ماذا قدّمتم.. حتى تحاسبوننا على مواقفنا؟! |
ـ لماذا تريدون أن نقف معكم.. لماذا؟! |
وهكذا... يخلع (آية الله الترابي) قناعه، ويُسفر عن (حزبيته) التي يحاول أن يلوِّث بها أخلاق الإِسلام! |
ولو أنه أفصح عن (حزبيته)... فلعلّنا نعذر بعض تجاوزاته، إبقاءً على الأرومة، ومحبة الدين... لكنه حين يدّعي الإِسلام، ويتكلم باسمه، ويتباكى عليه... فإنه (دعيّ) يريد أن يُسيِّس الدين لأغراضه، وأطماعه السياسية!! |
|