أقبلت بين كواعب وغواني |
بيض الوجوه رغائب وأماني |
أقبلت أحمل للوفاء تحيتي |
وأجيب صوت الحب حين دعاني |
أقبلت أهزأ بالحواجز حالماً |
كي أستبين من القلوب مكاني |
لكنني صِفر اليدين حقائبي |
مائة تعجّ بجوفها خُلقاني |
أضللت أصحابي بها فتوهموا |
أني ملكت خَوَرْنقَ النُعمان |
يا أيها الرجل المعطر ذكره |
بالمكرمات أعد إليَّ بياني |
لم أدر كيف أخوض بَحْرك شاكراً |
في بطن جارية بلا رُبَّان |
كيف النجاة وليس لي عبَّارةٌ |
تجتاز بي الأمواج للشطآن |
كيف السبيل إلى النجاة ولم يزل |
قلبي بكفك موثقاً ولساني |
فهما دليلي إن رحلت إلى الهوى |
وهما جوادي في الوغى وسناني |
أطلق فديتك أصغريَّ لعلني |
أوفي لك الإحسان بالإحسان |
ألبستني بالأمس أجمل حُلَّة |
وحملتني في موكب فتَّان |
أثقلتني حتى تأوَّه كاهلي |
والدَّين آفةُ عِزةِ الإنسان |
يا آسراً منا القلوبَ بِخُلقه |
لا رهبةً بالمال والسلطان |
لا خيرَ في حُبٍ يُباع ويُشترى |
من يَشتري قلباً بغير حنان |
أطلق فؤادي كي يُرتل مخلصاً |
في حبه لك آية الشكران |
أبصرت فيك الكبرياء تعففاً |
وسكينة العلماء يلتقيان |
علمتني أن السماحة جنةٌ |
تسقى بماء الحب والإيمان |
ورسمت لي شَبَحَ الغرور إذا سرى |
يغتال جسم المرء كالسرطان |
بعض القلوب تغوص في حاناته |
سكرى تُمزق حُرمة الإخوان |
إن لم يَفِقِ منها الضمير تساقطت |
علناً تُقبل أرجل الشيطان |
ولو ارتدى الإنسان أثواب الهدى |
لحمى عقيدته من الأدران |
يا ابن اليماني الكريمَ شمائلاً |
إن ابن خلدون العظيم يماني |
وابن المقفع كوكبٌ من فارس |
وابن الأثير البحر من شيبان |
قمم توارثت الريادة في العلا |
صنّاع تاريخٍ لها وكيان |
هم للحياة إذا استبد بها الدجى |
شهب تبدد ظلمة الأذهان |
ربطت عرى الإسلام بين قلوبهم |
وقرابة الفصحى رباط ثاني |
ولقد ورثت المجد عنهم مثلهم |
بمناقب للفضل فيك حِسان |
يا أيها الرجل المهذب سيرة |
كفَّاك للإحسان يستَبِقان |
إن زلّ بي قلمي وملت مرَّنحاً |
من ضعف ذاكرتي إلى النسيان |
فالمرء قد يعصي ليرجع تائباً |
حتى يذوق حلاوة الغفران |