الأرض.. والعقل! |
هذه التُربة... |
ما أَقْدَسها! |
نفحها من نفح: |
خير المرسلين! |
هي في أعناقنا |
من دونها: |
حشرجات الصدر.. |
أو قطع الوتين! |
|
|
ـ الأرض: حينما تكون بيتاً يأوي... تصبح هي قضية ((الخطوة)) في توسيع الحجم التاريخي.. لئلا تفقد الأمم وعاءها، وتراثها، وملامحها.. ولئلا تبهت حوافزها! |
ـ الأرض: حينما تكون جسداً، تتعامل معه وسائل الحياة الإِنسانية.. تصبح هي قضية الغذاء، والصحة، والعقل، والفصول، والأجيال. وهي شرف القيمة الإِنسانية! |
ـ الأرض: حينما تكون برتقالة ناضجة... تصبح هي قضية ((الأمل)) التي نرفض عبوديتها، ونتصاعد بها.. لتكون حرّيتنا! |
ولا بد أن تكون هذه ((القيمة)) المرجوّة في عقل ووجدان الإِنسان... هي ((حجم)) لا نقيسه لمعرفة مقدرتنا على المشي، والركض فقط.. بل لمعرفة ما نستطيع أن نبذره ونزرعه فوق الأرض!! |
ومن هذه القواعد.. ننطلق لتجسيد المتطلبات التطورية، والإِستقلالية، والإِنتاجية، والإِنتصارية.. فتتبلور إلى: مسؤولية، وعهد، وعشق، يفني الإِنسان من أجلهم عمره، ويسفح دمه، ويتصاعد إلى ذروة الإِخلاص للتربة، وللإنتماء، وللبقاء الكريم! |
وفي كل يوم.. يحتفل العرب بـ (يوم الأرض).. |
في الوقت الذي تصعِّد فيه ((الانتفاضة)) من ضغطها على العدو اليهودي.. |
وفي الوقت الذي كان العالم يشجب فيه تدفق المهاجرين الروس على الأرض المحتلة.. |
وفي الوقت الذي ارتكبت فيه إسرائيل مذبحة دائمة، لم تكن الأولى... وهي ليست الأخيرة! |
وفي الوقت الذي يتعامل فيه الرئيس العراقي مع (أشقائه) العرب.. بنفس الأسلوب، والقسوة، والحقد، الذي تمارسه إسرائيل مع العرب أيضاً!! |
وقد صار العرب اليوم: في عشق الأرض.. وفي الاعتزاز بالعقل: بين فكي كماشة حقد صهيونية/عربية تتعامل بحقد صهيوني!! |
ولا حول، ولا قوة إلا بالله!! |
* * * |
لقد جئت ((بأرضية))... ليس شرطاً أن تكون ممهدة ، بل هي بالغة الوعورة.. لتكون تمثيلاً لإِنبثاقه ((نُطْق)) فكري، جعل الحوار عنه مُستشرفاً أبعاد مصلحة ((الأرض)) أو الوطن، والوفاء لتاريخ عربي، إسلامي، حافل بأمجاد.. أعطتنا قيمة الحقيقة، وتمجيد الشعور الإِنساني! |
وكانت تلك ((الأرضية)) هي محور لحديث يناقش دور الأدب، والكلمة! |
ولن يكون بدء الحوار من روايات ((نجيب محفوظ)) الحاصل على جائزة نوبل العالمية... ذلك أن هذا الروائي الكبير، قد خصص إبداعه في تجسيد قضية: الأرض/الإِقليم، وقضية حرية إنسانها... لكنه لم يبدع - حتى الآن - عملاً روائياً شاملاً عن ((الأرض))/الوطن الكبير، والقضية الأكبر للإِنسان العربي في كل مكان! |
حتى شعراء ((المقاومة))، أو من أطلقنا عليهم هذه الصفة.. كانوا يلوّحون بما يشبه (توصيات) نضالية، لها صوت مؤقت، وأخطأت مرماها! |
إنّ المرمى.. لم يكن هدفاً محدداً، ونحن نحاول أن نجعل لكل سهم نطلقه: نقطة نضالية للوطن.. يحفرها، فلا تكون بريئة، ولا يكون الفكر، أو الفن العربي بريئاً أيضاً! |
وبعد الانتصار في ((العاشر)) من رمضان.. وبعد الدخول العربي في ((دوائر)) المباحثات الموسومة بنداءات السلام.. صار شعراء ((المقاومة)) يتعاطون سوائل الثقافة، ويوجهون للقارئ العربي ((طلقات)) تُحدث صوتاً، ثم تخمد، وتضيع في الصدى!! |
ـ سميح القاسم: لم يعد نضاله الشعري، سوى توجيه رسائل اللوم والتقريع إلى ((محمود درويش)) الذي اتخذ ((بيروت)) مرفأ، ثم حمل حسكله، واستقر في باريس بعد ذلك!! |
ـ محمود درويش: جعل من ((فلسطين)) برتقالة حيناً، وجمرة حيناً آخر، وأنثى مُعتدى عليها حيناً ثالثاً! |
وصار هدفه الأكبر (لإِثبات ثوريته): أن يلعن سنسفيل دول النفط (!!). |
وجعل من ((الوطن)) المغتصب: موضوعاً لتجربة ((تأملية)) فاضت من قصائده! |
ولا أطعن في ((شاعريته))، ولا في صنعة الشعر لديه... ولكني - كإنسان عربي - أجدني مطعوناً بكل كلمة تخرج، كأنها رصاصة من مسدس كاتم للصوت، ولم تُسدد في المرمى/الهدف! |
ـ ولقد قيل: إنّ شعراء ((المقاومة)) بعد توقفهم، لم يكونوا أكثر من (ظاهرة)... برزت صحيَّة في البداية، ثم تراكمت عليها نفس القشور التي تراكمت على التحرك العربي، النضالي ضد العدو!! |
لقد كان مجال الرؤية لأبعاد المعركة التي حطّمت أسطورة إسرائيل.. هو مجال محدود حتى الآن! |
لأن الكتب، والمذكرات التي ظهرت.. كانت - في أغلبها - متأثرة بما قبل حرب العاشر من رمضان.. بل وصَبَّت جام غضبها، وتقريعها على نكسة 67... كأنها قد تضامنت مع كل الوسائل، والأساليب الإِعلامية التي انتهجتها إسرائيل، لتمجيد بطولاتها على العرب.. إلى درجة مسارعة العدو إلى شراء ضمائر بعض الكتّاب في العالم، حتى قال مؤلف كتاب: ((تحطمت الطائرات عند الفجر)): إنّ العرب تحولوا إلى نشارة من الخشب! |
ولقد استطاع العدو الصهيوني أن يشتري - مع الكُتَّاب - العديد من الصحف الأمريكية، والأوروبية، والعديد من الممثلين، والممثلات، ودور النشر.. ونجح في تشويه وتظليم عدالة القضية العربية!! |
* * * |
واجبنا اليوم: أن نتوقف عن إصدار كتب المذكرات، ومن يطلقون على أنفسهم: (شاهد عصر).. من الذين يهدفون إلى تبرئة أنفسهم، وتنصُّلهم من المسؤولية التي يلزمهم بها الوطن، والأرض.. وقذف الآخرين بتهم لا يقدر أن يوجهها إلا ((التاريخ)) وحده.. بينما كانوا هم مجرد ((كمبارس)) على هامش ذلك التاريخ!! |
ـ واجبنا: أن نمتنع عن تقريع أنفسنا، بذلك ((الاصطلاح)) الذي أطلقوا عليه اسم: (النقد الذاتي)، وقد أحالوه إلى ماسوشية تمارس ضد صُنَّاع تاريخنا، وضد حوافزنا، وضد عواطفنا، وضد فكرنا... هذه الماسوشية التي ما زالت تتبناها صحف تركض وراء أية مادة تحفل بتضخيم السقطات والأخطاء لتروّج مبيعاتها!! |
ـ واجبنا أيضاً: أن نتحضّر - كعرب فيما بيننا - فنكفّ عن أكل لحم بعضنا البعض، والتربص ببعضنا البعض!! |
ـ إننا نحتاج إلى: تطوير نُطقنا.. من موقف نظري، سلبي، مشلول، متساقط فوق أرصفة التاريخ، وفوق أجزائه.. إلى موقف: عملي، صارخ، منطقي، يحفل بالدلالات، والشواهد.. ويطوف العالم، ليستقر في وعي الرأي العام العالمي، ووعي المثقفين، والمهيمنين على وسائل الإِعلام في العالم! |
ـ ومطلوب أن يكون فكرنا، وأن تكون ((كلمتنا)) في مستوى القدرة النضالية... بل في قدرة ((الحجر)) الفلسطيني الذي يُحارب به الأطفال، والفتيات، والفتيان في هذه المقاومة التي دخلت عامها الثالث، ويستشهد من أجل الأرض يومياً أكثر من فتى وفتاة!! |
ـ ومطلوب أن يكون فكرنا عملياً.. ينطلق إلى مفاهيم كل إنسان في العالم.. بعد أن أصبحت قضيتنا العادلة مع عدونا، ذات فهم جديد، وأبعاد مغيرة، واهتمام يعكس خطورة لعبة السياسة، والمكر، والحقد، التي تمارسها إسرئيل ضدنا، بدعم من القوى العالمية... والتي تمارسها - في الوقت نفسه - أطماعنا الذاتية، والفردية، بكل أسف!! |
ويتطلب ذلك: أن نتحدث عن روحنا القتالية، وعن ترسيخ إيماننا بعقيدتنا وبأرضنا، وعن تصميمنا على انتزاع حقوقنا المشروعة والعادلة! |
ولن يتأتَّى لنا ذلك، إلا عن طريق: التخلي عن خصومة الذات، وممارسة ((ماسوشية)) بغيضة ضد أنفسنا، وضد تاريخنا... لننطلق إلى خصومة الانخذال، والتسيُّب، والانهزام الروحي!! |
* * * |
ـ نحن اليوم لا نفتش عن ((القيمة الفنية)) في أعمالنا الأدبية، كفن وإبداع فقط... ولا تكثيف المعاناة العربية، وتصعيد الآلام والجروح النازفة... ولكننا ندعو إلى أن يصبح الفكر والفن: إرهاصاً.. يؤكد إنتقال هذه الأمة من مرحلة: الانخذال والانهزام النفسي، إلى مرحلة اليقظة في الشعور، والفكر! |
إنّ أكثر ما نطلبه.. هو: وضع الحقائق أمام العالم... وتوصيلها إلى وسائل الإِعلام المختلفة، بل واقتحام تلك الوسائل بما نستطيعه من سبل!! |
والسؤال المطلوب.. يصرخ قائلاً: |
ـ ما هي الطريقة المُثْلى لكتابة أدب جديد، للأرض.. للوطن.. للقضية.. للحرية، نحقق من خلاله أهدافاً أساسية، من أهمها: إعادة الثقة إلى نفسية الإِنسان العربي، وإلى مفاهيمه... وإقناع الرأي العام العالمي، ومفكريه، وهيئآته.. بأحقيتنا للأرض التي لنا، وللحرية التي أستُلبت منا، وصادرها العدو الرابض فوق أرضنا، والعابث بمقدساتنا؟!! |
وإعادة الثقة - أيضاً - إلى قدراتنا في بلورة زعامات عربية/عربية... تجسد أبعاد ومطالب الإِنسان العربي الطامح إلى إرساء الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والحرية التي ترتقي بالعقل.. بجانب الحفاظ على الأرض!! |
أليست الطريقة المثلى.. تتوفر في كتابة أدب ((حقائقي)) يصور نضالنا، وصمودنا، وأحزاننا، وآلامنا، واضطهاد القوى العالمية لحقوقنا المشروعة؟!! |
ـ فكيف نتصور ذلك؟! |
ـ وما هو ((التقييم)) كمعنى... حتى يمكن أن نصف به ما سنكتبه؟!! |
لقد تكاثر ((المنظِّرون))، و((الأيدلوجيون)) والملوّحون بورقة السلام... كأنهم يكتبون بصوت محبوس، أو صوت مستعار!! |
إنّ رواية (لا تَبْك يا بلدي الحبيب) التي كتبها أديب زنجي في الخمسينات.. قد استطاع فيها أن يصور أبشع ألوان الاضطهاد العنصري، فكانت جهداً ((إعلامياً)) ذكياً وباهراً، بجانب الإبداع في تشكيلها الكتابي!! |
وأعتقد أن السؤال المتقدم... سيبقى بوابة مفتوحة، تدعو المفكرين، والأدباء، للعبور منها إلى (أرضية) واسعة.. تحدد عليها معالم أدب جديد، ومباشر إلى مفاهيم العالم! |
إنه من الضروري: الحوار في نوعية العطاء، من المفكر، والأديب، والفنان... حتى نحقق خدمة جيدة، ترتقي بتوضيح أهدافنا، وتحديد رؤية سليمة للعالم.. ليبصر من خلالها: أوجاعنا... فيقف معنا!! |
|