لوحة السؤال |
إن في العين: تيهاً... وفي البعد النفسي: ارتحالاً إلى جغرافية مجهولة... أفظع من إرتحالنا عن الأرض! |
إنها هذه الجغرافية التي نعدو إليها، ولا نعرفها! |
إن آخر النهار.. أصبح استراحة لبداية نهار قادم مُبْهم، وغامض... لأنه مرهون بمقدار المكاسب، والخسائر!! |
إن " عين " الإنسان صارت تريد، ولا " يترسها " شيء... |
وبقي "قلبه" وحده... هو الذي يتمنى! وما يريده هذا الإنسان.. تحصره المواقف، والنتائج المادية، والمعركية.. |
أما الذي يتمناه... فقد تحول إلى: غربة للروح، وللمعاني... وتبَّدد! |
|
* إنسان " بسيط " كان يعمل " دلاَّلاً " في مكة المكرمة، كنا نناديه: " العم صدقة الروك ".. وفجأة، وبنفس البساطة، طرح - يرحمه الله - سؤالا على من كانوا حوله، فقال: - نعرف أن " زينة الحياة الدنيا " هما الأولاد، والمال! |
والأولاد، والمال - وحدهما " السبب الأساسي في حرمان كل إنسان من لذة النوم، والمعاناة، والقلق... فكيف هما ( زينة )، ويَحْرما الإنسان من النوم، والراحة؟!! |
روى لي هذه الحكاية، الصديق " حسني سابق "... فقد عاصر جيل ذلك الرجل البسيط، الذي لم يطرح الأسئلة كثيراً، ولكنه عندما يطرحها.. يلف الرأس!! |
|
* الممثل: ينقل لك صورة حقيقية لما يدور في حياة الناس... ويجسِّد لك الصورة، وربما يضخمها - بالكوميديا - ويعكسها للمشاهد كمرآة.. ليرى الناس مَنْ حولهم، أنفسهم! |
أما المتُصنّع: فهو يغمر أشياء كثيرة تلوب وتتحرك في نفسه وأعماقه، ويهوي بها إلى القاع لئلا يكتشف أحد حقيقته، أو حتى لا تظهر جوانب من الحقيقة فيه! |
* إنه يقابلك بالابتسامة.. وهو يودُّ قتلك! |
ويأخذك بالأحضان.. وهو يتمنى أن تسقط أمامه! |
ولا يزال " بعض " البشر.. يسير على ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين التمثيل، وبين التصنُّع!! |
|
* من مفارقات زماننا هذا: |
ـ أننا نفكر: كيف نجعل الحيوان ينطق... |
والآلة تقوم بدور الإنسان؟! |
وفي ذات الوقت... يبادر البشر إلى إشعال الحروب في أنحاء الأرض، |
ليموت المخلوق الوحيد ( الناطق ) ... أو المخلوق الراقي!! |
ويفقد اللسان النطق.. |
يموت بالكلام... |
وتتعلم الحيوانات لغته!! |
|
* لاسبيل إلى تقليد " الدود " في حركته ( الحضارية ) التي تميّز بها ركام العصر، |
وانطلاقته.. وتبقى شاهدة - كفعل - مضاد للعدوان. |
ـ والسؤال: أفلا يحق " للعرب" أن يقلّدوا " الدود" .. لإخراج مستعمر مقدساتهم وأوطانهم ، |
وإمتلاك حريتهم، وقيمتهم الإنسانية من جديد؟! |
لم يعد مقبولاً من القُوى العظمى، ولا من الطغاة.. أن يسيطروا على الشعوب، ويصادروا إرادتهم.. |
ليحدُّوا من أحلامهم! وأمانيهم! |
|
* أنت تفكر في أشياء كثيرة ومهمة... |
وأثناء إستغراقك في التفكير... يشرد ذهنك خلف خاطرة صغيرة، ولعلها صغيرة جداً..خلف سحابة بعيدة.. خلف نجمة في ليلة ممطرة، مغطاة بالضباب!! |
وقد تشعر أن أفكارك تبعثرت.. وأن الخاطرة الصغيرة جداً قد استحوذت على اهتمامك.. وأن الصعود الى قمة " إيفرست " يبدو لك أسهل بكثير من الهروب بعيداً عن هذه الخاطرة الصغيرة! |
وربما هُيِّء لك قدرتك على حل مشكلة الشرق الأوسط المستعصية.. ولا تقدر أن تتخلص من تسدد الخاطرة الصغيرة إلى ذهنك، وتشبعها في نفسك! |
وهكذا يضعف الانسان.. حين يسقط في خاطرة صغيرة!!! |
|
* عُدْت إلى الكلمات القديمة: أجرحها.. |
أستفزّها.. لتتألم معي! |
إنني لاأقدر أن أبقى لعبة بين الكلمات الآتية من قصص قراصنة البحار... |
والانسان في ركضه يفتش عن شاطيء الأمان!! |
إنها كلمات تغرق... وتضيع في أمواج ملتهبة!! |
|
* صِرْتُ الآن مثل هؤلاء " البشر " الذين نلتقي بهم، ونواصل المسير! |
إننا نصافحهم في اليوم عدة مرات، وننساهم مئات المرات! |
إنني لا أنظر إلى شيء، وهو: " بدون "... فكل الأشياء مُغْلَقة بجلودها، وأغلفتها، وأقنعتها... بما يسكن فيها من وراء العين المجرّدة! |
وكل الأشياء: مشبعة، وفارغة قاحلة... فالجوع لم يعد مشكلة الانسان الحضاري، وانما مشكلته: أنه لا يجوع، ولا يشبع... بل يطلب المزيد من كل شيء!! |
* في لمحاته شيء من البريق... |
يستخدم ابتسامته حتى مع لحظات كَربه، ومحنته... |
لايحب أن يتأنق كثيراً في ملابسه، أوحركاته... |
حتى كلامه... لاُيعيره شيئا من الأناقة اللفظية، أو العبارات المجنحة! |
كل ما يحرص عليه: إبتسامته فقط... أن تكون صافية، وصادقة، و أنيقة! |
ـ يقول: هذا زمن " الابتسام " الصعب!! |
إنه يكره: الابتسامة الصفراء... التي راجت في هذه الأيام!! |
|
* في هذه اللحظة... هربت من أخبار الرصاص، وموجات الارهاب في العالم، ضد هذا "الإنسان" |
الطموح إلى حياة الأمن والسلام! |
لكنّ العالم يطفح بحكايات الأسى التي تعصف بأمانيه.. في الوقت الذي يتوق فيه إلى لحظة إعتراف |
فوري بالحرية، وبالحق، وبالرأي!! |
في هذه اللحظة - أيضاً - شعرت بظمئي إلى: الكلمات اليقظى... تلك التي تنطلق من صدور الناس، كطائر يفر من قفصه.. محلقاً في الفضاء، ومغرداً! |
شعرت بجوع الإنسان إلى: لحظة صدق.. ليست مبلّلة بالخديعة: ولا بالكذب، ولا بالنفاق! |
لقد نسفت " أحلام " الإنسان: الحياة الأميّة.. والحياة الخوف.. والحياة المادة!! |
|