شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لوحة التأمل
* عدواً وراء نقطة انبلاج فجر اليوم الأول من شهر رمضان المبارك...
ألتقط من أعماق الإنسان : الجوهر، واغتسل بالإيمان... رغم حشود المعاناة،
والنزعات في النفس، وشواغل الدنيا، ولهفتنا على الرغبة!
لعلنا نتمرس على الصبر، والانضباط، والالتزام!
وتظمأ خفقاتي ... وهي ترتقب إطلالة هذا الضياء الوافد مع شهر البركات .
حيث يهمي الحنين في صدري... فيغسل هذا الهجوع النفسي !
حيث تلوح من البعد السحيق: أصداء من " أمجاد" أمة آمنت.. فأعزها الله بإيمانها!
إننا نرتقب قدوم المسلمين إلى عودة الإيمان... إلى التضامن ، ووحدة الصف، واستشعار القدرة والإرادة في داخلهم.. للانتصار لدينهم، وتحرير مقدساتهم، وتنظيف صفوفهم من الخونة، وعبيد المادة!!
 
* تسكن نظراتُه عند حدود وجهها... كطائر هدَّه الترحال!
تتبعثر هذه النظرات، لاحتواء أكثر.. يرتوي من نبع حنانها!
تختبىء النظرات - تارة - في شَعْرها...
تمتزج بأبعاد صمتها...
تَنْبَثُّ بابتسامتها القادمة من زمن التعب.. الذي لم يتعب!
وجهها يتشكل في مشاعره، وأحلامه، وتأملاته... شراعاً أبيض، يهديه إلى شواطيء الاْمان، والراحة!
وجهها: اغترابه، ووجوده.. ترحاله، وإيابه!
وجهها: حزنه، وبوصلة سفره المتواصل .... إليها!!
 
* طال وقوفي أمام "البحر" ... منذ افتقدت المرآة الصادقة في منح الحقيقة!
اختلَطَتْ نظراتي بأمواج البحر...منذ افتقدت في الحب: نقاء، وأمان القلب،
البوَّاح بحلمه وشجونه!
ابتلع "البحر" الأصداء... منذ افتَقدتُ: أصالة الصداقة... إلاّ قليلاً!
فإذا كان "البحر " أمامي... فمن ورائي؟!!
صار هذا هو " الأهم "... إذا عرفنا: أن الإنسان يقلّد طباع البحر، وقد تشكلت نفسيته من المد و الجَزْر.. والطَّفْو، والغرق.. والسطح الممتد، والعمق الغامض الغائر!!
في هذا الزمان الغريب .. صار الذين نمنحهم الحب، يواجهون
حبنا بسكين الجحود، أو التناسي، أو التعالي
وتفوُّق الغرور في نفوسهم!
إنهم يقابلون "الصدق"
بتعميق المزيد
من الجروح !!
 
* جلس - أخيراً - على رصيف ليلة من لياليه التي توّحد فيها مع نفسه.. يتأمل، ويستعيد العديد من الصور، والمواقف!
ـ قال: لم يكن حباً... بل مجرد "علاقة " تنتهي... لتبدأ علاقة أخرى من نهاية ماقبلها!
عرف الحب المبرح، وسهر، وناح، وغنى، وتوجّع... لكنه كان يكتشف دائماً:
أن تلك "العاطفة " بلا قاعدة... إنها من هشيم ، وخزف!
انفعال، لهفة، ركض...ثم اصطدام بأشياء مزوّرة!
إن كل مافي حياته قد تساوى..
وجلس يفكر في الهدوء، أو الموت، سيان!
الموت: حب آخر... أقل ما فيه يمثل تعبير الناس نحوه!!
 
* ما يريده الإنسان من ماديات، ومن انتصارات ذاتية.. قد أنسى الناس: التهذيب الروحي، والوطني... فصدئت الجوارح، حتى بتْنا نذبح عشقنا الحقيقي، وننسى هذا القتل المستمر في أعماقنا... للأصالة، وللطيبة، وللوشَائج!!
أصبح " النجاح " في الحياة، مرهوناً باثبات الموقف الذاتي!
أصبح "النجاح " هو: شيطان " الكم "...ليكون الفشل هو " كيف " هذا العصر الذي نعيشه!
 
* صار " الوقت " مكسوراً بالفراغ...
صارت الساعات: فيَّاضة بالأصداء!
نقشت على صخرة " الوحدة ": صلابتي...
التفتُّ... أنبش سحنات المارّين أمامي!
على كتفي: ظلمة الليل....وغيابك !
في أهدابي : الحنين إلى زمان الصدق ، والعطاء!
في شفتي تمدد الشتاء المشتق!
في صدري: مدّ وجزر...تفعلهما الآهة، وتبغيهما..و لا أندمل.... لاأندمل.... لا أندمل!!
 
* يبدو أن عالم البشر قد انشغل أكثر بصرعات عصره، وبما يتموّه أمامه من أشكال السلوكيات "المودرنية" ذات التخاطب بالأرجل، وبالسيقان، وبالدينار!
* لقد قلبت هذه "المودرنية" بساطة الإنسان، وشوّهت أعماقه، وأثرت بالضد في مفاهيم البشر... فجعلتهم يفكرون أبعد من حجم مشكلاتهم، وإذا بهم يقعون أسرى: التوتر، والعصبية، واللامبالاة حتى التلاشي والخلخلة!!
ولعل بعض الأمثلة نمتحه من حقيقة "الذرة" والرمز بها، وتعداد أغراضها وأخطارها..
ونأخذه من الترف الذي كسا عقولنا بالغرور.. وربما من تفوّق الحضارة الذي يفتقد إلى المعادلة!
 
* صارت "للخيال" أمّاً عصرية.. هي - وحدها التي تلده، واسمها: الأفكار الصعبة، والمؤرقة!
إن "الخيال" - تبعاً لأمه العصرية - صار يحقق الأعمال الصعبة!
كان "الخيال" يمتصّ قنوط أرواحنا في هجمة مادياتنا.. ويمنحنا وجوداً في الابتكار!!
ونُلحُّ عليه اليوم - بالقسر - أن يعطينا حلولاً لمعادلاتنا النفسية!!
 
* كنت "منقوعاً" تحت نجمة... مهمتها: تشذيب غرور الساهرين!!
كنت أردِّد أغنية "فيروز" العتيقة:
ـ سْهار بعد سهار... تايحرز المشوار!
ولكنْ... أيّ مشوار لم يتعرض للطعن، أو حتى للحسد؟!
لم أكن ذلك الساهر، لأني مغرور بزمني، وبأفكاري.. وبأحلامي .. بل كنت ذلك المغرور بعزة النفس،
لأني ساهر بأحزاني .. بأوجاعي.. بانتظاري.. بتبلدي!!
واعجبوا "لآدمي".. تتسع مساحة غروره، لأنه متبلّد!؟
 
* الحياة: شارع يتيه الإنسان في فروعه، ومنحنياته... وكل الأشياء على دربه: مزدحمة ومغيّبة في التوقع غالباً!
الحياة: كلمة واحدة.. هي " الموقف " في عمر الإنسان..
الحياة: غلطة واحدة..هي " السقطة " في ركض الإنسان..
الحياة: همسة حب.. هي " الحظ " الذي يصاحب الإنسان، أو يخذله!!
شارع واحد، وكلمة واحدة، وغلطة واحدة، وهمسة حب:
إنها ركائز " التحديد " التي نُرهق بها أبعادنا في النفس، ونؤطر بها ركضنا في الخارج.. فنبقى نركض بطريقة: مكانك سر!!
 
* هناك شريحة من البشر.. تضمر البغضاء للناجحين، لكن أصحابها جُبناء في إعلان وساوس نفوسهم!
إنهم يستبدلون شجاعة المواجهة.. بنذالة الطعن في الظهر، ومحاولة الإنتقاص من المتفوقين عليهم!
لقد قتلوا المودّة في صدورهم... وهم يأكلون أنفسهم من الداخل!!
 
* لم يعد " الحب " هو: القلب وحده... إنما " القلب وحده " يصارع أشياء كثيرة، ترتفع به، وتندفع إليه!
أصبح الحب: "دون كيشوت "... والقلوب هي: طواحين الهواء!
والذين يبحثون عن السعادة... يمارسون لعبة الشطرنج، فوق سطح الحياة!
إنهم يبحثون عن الحياة.. في النظرة إلى أوراق التاريخ.
و يبحثون عن التاريخ... في التعامل اليومي، وفي المصالح المترابطة!
ويبحثون عن المصالح.. في العاطفة المطحونة بالانفعالات، وبالمعاناة!
 
* من حضارة الغرب.. تعلّم الشرق: " علم الاتصالات، وإلغاء المسافات "!
فماذا بقي في مواجهة رفضهم؟!
الخطوة المطلة اليوم : أنهم رفضوا أنفسهم... أي يرفضون رفضهم!!
وفي ضياع الفواصل القابلة للاتّساع.. سقطت أثمن القيم، وارتفعت أردأ عبارات الغزل..
وأصبحت ذات تداول على أرصفة الشوارع الكبيرة التي شهدت حروب المقاومة، والاستقلال، والوحدة!!
* تكوم " الحنين " الجديد الغامر على أضلاع الجذع العتيق!
هناك محارة مغلقة.. مطوّحة في الأمنية...
وهذا الليل.. يحترق بأشيائه المنفرة، وصمته الرهيب!
يحترق الليل بالصوت، والسكون المتوجِّس...
بالقلق، والانخطاف النفسي... حتى الملل!
و "فيروز " ...تنساب صوتا ًمن الغربة: "سكن الليل "
و " الوحدة "... سكنت صدر الإنسان، وصدى نبضه!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :903  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 277 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.