| نهاية الينابيع |
| أيتها الواقفة فوق أسوارك بحدة.. يا هذه الحياة: |
| ملأتك زهواً، وتفتحاً على الأمل... وملأتني غروراً بشجاعة الموت! |
| أتعبني التطلع إلى تحديقك، وذهولك، وأحزانك السعيدة. فتجرأت يوماً - من التعب! - وحدثتك عن النهاية! |
| النهاية؟!! |
| نعم.. وكنت أعنى بها: ((وقفة)) التجسيد المحزن لهروب الفرح من بين أيدينا.. حين كنا نحاول الهروب إليه! |
| أتعبنا أرق الضوء حولنا.. أرق النهارات. وقلت لك يوماً بكل شجني: |
| ـ نهارك ليس بفعل الشمس.. إنه كثافة الأضواء التي تنظر إليها، ولا ننظر بها! |
| * * * |
| أيتها المسترخية فوق سأمك بقلق... يا هذه الحياة: |
| النهاية.. لم تكن شجاعة الموت، بقدر ما هي تضخيم مؤلم لهروب الأماني.. لخدر النظرة التي تتابع خطوات جسورة نبدأ بها ((المشوار)). |
| النهاية: واقع مؤقت.. تأتي خلفه الذكرى، وتتبلور حياة أخرى يعيشها الإنسان مستطرداً في الخيال، أو يرضاها صدى يهز جوانب نفسه، كلما بردت خفقاته! |
| النهاية.. صلبت الإحساس بالحيوية من الخارج، غير أن الداخل يمتلئ بقطرة واحدة من نبع جف! |
| مع ذلك.. فالتساؤل يأتي حقيقة في لحظة التخاطب القلق، وهو يردد: |
| ـ أين الحياة.. في اللحظة التي نريدها أن تعرف فيها أننا لا نريدها؟! |
| أين هي.. في اللحظة العاكسة: أن لا تعرف أننا نفقدها، ونعدو خلف ظل يخدع خطواتنا، ثم نضيع؟! |
| إن الاشتياق - رغم ذلك كله - نداء يملأ الساعات بالبهجة العابرة! |
| وعندما أركض نحوك باسئلتي.. بأشواقي.. بفراغ الصدى من الأجوبة، أجدك متعبة بالصمت الذي تصخب به أعماقك.. فلا تردين! |
| * * * |
| أيتها التواقة إلى مطر الصيف في الشتاء.. يا هذه الحياة: |
| ما زال الناس يتحدثون عن الحب.. في أغانيهم، ومن خلال ضعفهم، وفي عمق تأملاتهم، وعند ارتطامهم بالذات.. والحب ((قوس قزح)) يطلع من وراء الحزن والآلام والمعاناة! |
| الحب إذا تحقق.. إذا صار حياة الحلم، نعته الناس بالخطيئة.. كأنه في هذا العصر المادي قد تحول إلى ثمرة محرمة، محظور قطافها! |
| الحب - إذن - هو النوى، والحرمان، والسر. هو الخوف في إثبات العاطفة، وفي تنظيف وجدان الإنسان! |
| فهل يكون إثبات الحب والبقاء له... بالموت؟! |
| * * * |
| أيتها الواقفة على حدود مسافاتي.. يا هذه الحياة: |
| عيناي تحدقان في حدود مسافاتي، ومنهما تنطلق النظرة الأولى المتواصلة، المغذية، المتغربة نحو مساحات بلا حدود.. وإذا خفقي - كإنسان - هو مدار استيقظ على اختصار الأمل! |
| وكل مساء أقف منادياً عليك.. وقد زلزلت رعودك صدري، وانحبس الغيث خلف سحب تتراكم، ثم تنجلي عن نهار تشققه مادياتنا الجائعة! |
| * * * |
| أيتها الآخذة من عمري عطائي الذي لا أبخل به... يا هذه الحياة: |
| أراك حيناً في وصوصة نجمة، وحيناً في حبة مطر،أراك في تفتح وردة، وفي عبق زهرة. أراك في أصداء لحن، وفي زقزقة عصفور، وفي ضوء القمر! |
| فهل بعد كل هذه الرؤية تفاؤل أكبر؟! |
| أجد - دائماً - في عيني: وجهك.. فلا أدري، هل أغمض عيني عليه، أم أفتحهما؟! |
| * * * |
|
|