شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نهاية الينابيع
أيتها الواقفة فوق أسوارك بحدة.. يا هذه الحياة:
ملأتك زهواً، وتفتحاً على الأمل... وملأتني غروراً بشجاعة الموت!
أتعبني التطلع إلى تحديقك، وذهولك، وأحزانك السعيدة. فتجرأت يوماً - من التعب! - وحدثتك عن النهاية!
النهاية؟!!
نعم.. وكنت أعنى بها: ((وقفة)) التجسيد المحزن لهروب الفرح من بين أيدينا.. حين كنا نحاول الهروب إليه!
أتعبنا أرق الضوء حولنا.. أرق النهارات. وقلت لك يوماً بكل شجني:
ـ نهارك ليس بفعل الشمس.. إنه كثافة الأضواء التي تنظر إليها، ولا ننظر بها!
* * *
أيتها المسترخية فوق سأمك بقلق... يا هذه الحياة:
النهاية.. لم تكن شجاعة الموت، بقدر ما هي تضخيم مؤلم لهروب الأماني.. لخدر النظرة التي تتابع خطوات جسورة نبدأ بها ((المشوار)).
النهاية: واقع مؤقت.. تأتي خلفه الذكرى، وتتبلور حياة أخرى يعيشها الإنسان مستطرداً في الخيال، أو يرضاها صدى يهز جوانب نفسه، كلما بردت خفقاته!
النهاية.. صلبت الإحساس بالحيوية من الخارج، غير أن الداخل يمتلئ بقطرة واحدة من نبع جف!
مع ذلك.. فالتساؤل يأتي حقيقة في لحظة التخاطب القلق، وهو يردد:
ـ أين الحياة.. في اللحظة التي نريدها أن تعرف فيها أننا لا نريدها؟!
أين هي.. في اللحظة العاكسة: أن لا تعرف أننا نفقدها، ونعدو خلف ظل يخدع خطواتنا، ثم نضيع؟!
إن الاشتياق - رغم ذلك كله - نداء يملأ الساعات بالبهجة العابرة!
وعندما أركض نحوك باسئلتي.. بأشواقي.. بفراغ الصدى من الأجوبة، أجدك متعبة بالصمت الذي تصخب به أعماقك.. فلا تردين!
* * *
أيتها التواقة إلى مطر الصيف في الشتاء.. يا هذه الحياة:
ما زال الناس يتحدثون عن الحب.. في أغانيهم، ومن خلال ضعفهم، وفي عمق تأملاتهم، وعند ارتطامهم بالذات.. والحب ((قوس قزح)) يطلع من وراء الحزن والآلام والمعاناة!
الحب إذا تحقق.. إذا صار حياة الحلم، نعته الناس بالخطيئة.. كأنه في هذا العصر المادي قد تحول إلى ثمرة محرمة، محظور قطافها!
الحب - إذن - هو النوى، والحرمان، والسر. هو الخوف في إثبات العاطفة، وفي تنظيف وجدان الإنسان!
فهل يكون إثبات الحب والبقاء له... بالموت؟!
* * *
أيتها الواقفة على حدود مسافاتي.. يا هذه الحياة:
عيناي تحدقان في حدود مسافاتي، ومنهما تنطلق النظرة الأولى المتواصلة، المغذية، المتغربة نحو مساحات بلا حدود.. وإذا خفقي - كإنسان - هو مدار استيقظ على اختصار الأمل!
وكل مساء أقف منادياً عليك.. وقد زلزلت رعودك صدري، وانحبس الغيث خلف سحب تتراكم، ثم تنجلي عن نهار تشققه مادياتنا الجائعة!
* * *
أيتها الآخذة من عمري عطائي الذي لا أبخل به... يا هذه الحياة:
أراك حيناً في وصوصة نجمة، وحيناً في حبة مطر،أراك في تفتح وردة، وفي عبق زهرة. أراك في أصداء لحن، وفي زقزقة عصفور، وفي ضوء القمر!
فهل بعد كل هذه الرؤية تفاؤل أكبر؟!
أجد - دائماً - في عيني: وجهك.. فلا أدري، هل أغمض عيني عليه، أم أفتحهما؟!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :915  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 269 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.