أقاسمك عطشي ومطري |
كأنك توقظينني من غفوة.. لا أعرف متى كان ابتداؤها! |
كأنني - في أصداء ما تركت لي من كلمات وتحريض - أفقد الدروب وأتشرد بعيداً عنك! |
ذكرتني - يا حبيبتي - بالحب والضنا.. بالجنة والنار.. بالتعاسة ودفء الاحتضان. |
* * * |
كما نضحك في ذلك الزمن السهل.. لم نكن قد فكرنا بعد في قدوم الزمان الصعب! |
كانت خطوات الليل تأخذنا إلى أوجه عديدة من الفلسفة. |
عن الإقناع، والاختباء.. عن الوفاء والملل.. عن الاكتشاف وشيخوخة العاطفة! |
ثم يكون ذلك الضحك الساقط منا في فنجان القهوة! |
* * * |
خرجنا مرات، لنعود! |
هكذا.. كل مرة كانت تعبر الذكريات فيها إلى عقولنا، وتزدحم صدورنا، وتنفذ من بين ضلوعنا.. مختبئة في فلسفة التخلي عن كل ما فات! |
كنا نغني ونحن نضحك: ((جفنه.. علَّم الغزل)). |
أصبحنا نغني ونحن نصمت: ((لا تجرحيني.. جرحك العام، ما طاب))! |
كان الزمان واحداً.. فأصبحنا عدة أزمنة في رغبة واحدة! |
ودائماً - يا حبيبتي - يتحدث الناس عن الذكريات، لم يكن حديثهم مللاً، ولا ألماً، ولا إلحاحاً.. لكنه الهروب الجميل إلى الحلم! |
* * * |
حقاً - أيتها المهرة الفريدة - أنت تذكرينني بتلك العبارة التي قرأتها عليك ذات مساء: |
ـ ((ما أكثر الذين يرددون أغنية متوحشة.. وأكثرهم روعة في الأداء والانسجام: درويش متجول على رصيف الحياة.. يرى أن الحياة لا تستحق الإدراك الكامل، وقليل جداً من الإدراك.. |
يكفي الإنسان زاداً لاجتياز هذه القنطرة التي اسمها الحياة))! |
أنهم يرددون الآن - يا حبيبتي - أغنية متوحشة.. وأنت مثلهم، أصبحت ترددين نفس الأغنية المتوحشة! |
* * * |
حقاً - أيتها المهرة الوحيدة - لم أنس ذلك الزمان القصير بسعادته.. |
كانت أمسياته.. ينساب فيها صوتك، حتى تحولت كلماتك فيه إلى نجوم. |
كانت صباحاته.. تطلع فيها ورود، تجمعت من ابتساماتك الأعذب والأعبق. |
كان ذلك الزمان: عمراً.. هو ندائي الدائم على ((الإنسان)) في أعماقك. |
وندائي طروب.. كلما رفع اسمك متوهجاً في مواكب الفرح. |
* * * |
كلما استرجعت أصداء الليلة التي غضب فيها فرحي أمام طعنة صحتك.. |
تذكرت ذلك الخروج من دمي.. |
ذلك الدخول إلى ((شغب)) جمالك وفتنتك.. وأنت تبادلين السماء بالأرض في ((سغب)) أحلامك. |
تذكرت زمان عينيك، وأنا أقاسمك عطشي ومطري! |
* * * |
أنا سميتك: الاشتياق! |
يا نبضة.. تستنفر بين أضلعي عشق الموج للشواطئ. |
يا شراع الرحيل الدائم.. إلى التخاطف، والبعاد.. |
يا زهرة سعيدة، سعيدة.. تفوح ملء العمر بالوجود.. |
|