حصاة في الماء |
احتضنت المساء بكل ذلك الحزن.. |
كأنني كنت أبحث عن رجع نغم شرود.. وقد يئست من ديمومة شرود النغم! |
ولم يبق في ذلك الرجع.. إلا ثمالة من مساء يتيم. |
لم يكن ذلك الرجع.. إلا بقايا أصداء أمسيات جميلة.. |
كان القمر يعلو فوق أنقاض قلعة.. ويرسل ضياءه الفضي: |
همسات تنبع من حنايا الضلوع، ولا تجرؤ أن تنطلق من بين الشفتين! |
* * * |
وفاض الصدر باللوعة، وبالحنين المتكبر! |
صار النداء على الأمسيات المدلجة في الذكرى: |
استرجاعاً لحلم تتموج ألوانه مثل قوس قزح. |
صار ((الحلم)) في ارتطامات الواقع، والإفاقة منه: وهماً يحياه القلب المكسور! |
صرت أردد ما تناهى إلى ذاكرتي من الزمان القديم.. |
حداء بدوي عاشق لم يذل: |
ـ ((الله من جرح إلى جا... لا تحتمله |
لا قادر أكنه... ولا قادر يبين |
إن كان جرحك في الحشا.. لانحتمله |
داوه.. بما داوى جروح الأولين))! |
* * * |
هأنذا... نبضي يتهدج في تذكرك! |
كلما أغمضت عيني.. كلما فتحتهما... |
أنت المساء الذي يصادر تعبي... |
أنت الصبح الذي يتجدد في إشراقة عمري.. |
أنتظرك - دوماً - تحت نجمة شقية ((الغمز))! |
انتظرك.. وأنا أعدو وراء أول نداء مشتاق... |
أنتظرك - أحياناً - من وراء ضحكتك التي تتلفع ثلوج غربتك... |
وتفر من برودة الطقس حولك، إلى دفء الاشتياق في صدري إليك! |
* * * |
إنني لا أستطيع أن أنهض إلا في صوتك! |
صوتك يأخذني من صقيع الانتظار.. إلى دفء الارتحال إليك! |
صوتك - يا عذابي - يحمل غربتي... ينطلق بها إلى عاصمة الأمل.. |
إلى حيث تمتد خارطة عمري، وتتعمق عيناك اللتان فيهما يولد غدي الأجمل! |
وكلما تأملت سحر عينيك.. اشتقت إليهما أكثر! |
* * * |
حاولت أن أخاصم صوتك، حظرت على سمعي أن يتواصل بصوتك! |
تعذبت... حتى أمحل الجفاف صدري وأضلعي. |
تباعدت... حتى تظني أن الموت لذكراك، هو الحياة لميراث طموحاتك! |
تقاسمت معك الجفاء والجفاف.. |
حجتي اكتشفت بعد تجربة مضنية، أن جفائي لك.. هو جنون الهروب، وموسيقى حزينة يعزفونها للموتى! |
فكيف أشعر بالموت.. ودمي يشتعل بهذا ((الحلم)) لك؟! |
واكتشفت أن جفافك معي.. هو هروبك من جنون الخفق.. |
هو خوفك من ((حلم))، قد لا تطيقينه! |
* * * |
ها أنت يشعلك الغياب، ويذروك الجفاف! |
وأمضغ لحظاتي الباردة بدونك.. أسد بها ثقوب النفس، وأقذف حصاة في الماء! |
وتضيع دوائر الماء.. مثل أيامي! |
* * * |
هأنذا... أرتقب يوماً، يأتي فيه خفقك إلى صدقي واشتياقي! |
هأنذا - حتى تطلعي من أعماق محيطك المائي - أشرب الليل، ليرتوي الحنين!! |
* * * |
|