ليل مزدحم الموج |
من بطاقة الصمت والترقب لطلوعك.. أعدت على مسامعك كلماتي القديمة، تلك التي أصدرت قرار حبسها في صندوق الماضي والذكرى.. بعد أن كتبتها لتسقي صدرك! |
ـ تقولين: هناك أشياء غير مهمة تندس في كثير مما يهمنا، ويشد بعضنا إلى بعضنا! |
ـ أقول لك: ما يهمنا نهرب منه أحياناً.. نحيله بالرفض إلى شيء مهم، ونعاني منه. |
ـ تقولين متوترة: لا تلح.. فعبارة الحب واحدة، لا يمكن أن تتكرر كما أسطوانة أصبحت مملة! |
بالحب.. نحن نبحث كل لحظة عن عبارة جديدة، حتى لو كان المعنى فيها لا يتغير. |
إذن... دعي الأشياء تتأمل نفسها. فقط.. لا تهمليها بإسقاطه، أو بمحاولة قتلها! |
* * * |
سرعان ما يأتي زمان جديد.. كلما أطلقت لفتاتك، وشاعت ضحكتك في النفس. |
فهل كل زمان يأتي.. هو زماننا؟! |
فكيف نقسو على أنفسنا بإهدار زمان.. يطلع ملكاً لنا؟! |
رغم ذلك.. ما زلت أحفر صوتي في قصائدك.. أسمعك حفيف ورقي العتيق، مثل شجرة مهددة بحلول الخريف! |
كلماتي إليك هي حصون زماننا الخاص.. هي أحلامي بك.. هي سفني التي تحملني إلى موانئك، ورموزك، وضحكة منتصف الليل! |
* * * |
بحثت في الليل عن عينيك.. أسألهما الوعد البكر، والعقيم! |
كانت ((تمطرني عيناك حزناً على البحر.. فأين أهرب من حزن عينيك))؟! |
لا كان الليل.. إن لم يضأ من وعد عينيك! |
لا كان الوعد.. إن لم يكن إبحاره من عينيك إلى موانئي ومناخاتي!! |
* * * |
وحين هبط الحزن - ذات ليلة - فوق ضحكتك.. سهر السهاد. |
وما زلت - قبل تلك الليلة وإلى الآن - أكتب ميلادك فوق شفة النجمة... فوق قطرة المطر.. فوق جدار وحدتي ويتمي! |
أدخل في كلماتك الزئبقية.. أصر أن أجد فيها مزيداً من الشوق، وما تبقى من الحنين والذكرى. |
* * * |
عندما يستبد الوجد والتوق لك.. أجسدك بتخيلي، ثم أغرق في شعرك الغجري، وأصغي إلى ثرثرتك المنسابة كإيقاع جبلي.. وأحدثك عن الذين يستحوذون ولا يمتلكون عمرهم، والذين يفقدون ولا يبحثون عن مسافة عمر من أحبوهم في أعماقهم! |
كأنني حين أستغرق في الاشتياق لك.. أدخل جوف محارة رماها البحر في ليلة مزدحمة بالموج.. على شاطئ هجرته الخطوات. |
المحارة جففتها الشموس المتعاقبة، وأحاطتها رمال الشاطئ! |
أسمع همس الرمل.. ولا أدري بماذا أجيب!؟ |
* * * |
أمام الأشياء الباردة.. تراكمت أنا. أريد أن أستريح! |
أنت لا تملكين إلا منحي مزيداً من التعب. |
أمضغ اللحظات قلقاً، وعجزاً، ومداجاة، ومبالغة في الأشياء الباردة! |
أنت تشلحين مناخاتي، وتترددين على رؤيتي كذبذبات الصوت.. ولا تعطين زمني سوى هذه الواجهة الزجاجية. |
أذهبي إلى أنهار الزئبق. اختفي في أحراش الوقت الضائع. إملئي جفنيك بانعكاس أشعة الشمس الساقطة خلف البحر! |
أنت التي علمت سمعك الصمم دون صوتي.. فعلمني صممك اليأس. |
إنني لا أعدو خلف حيرتك. صرت أكبر في داخلك، وتهربين من نفسك! |
أغلقي مدائنك، ونامي... إني أحاول نسيان الطريق إليها. أنت التي هربت من زمني.. لئلا تكوني هذا الزمن! |
* * * |
|