ما برحتها الحدقات.. |
ما تلملم عنها الطرف.. |
ما خبا بريق السحر منها.. |
إنه يعكس أصالة ما عبرّت.. |
وعمق ما أعطى الإحساس بمعانيها.. |
شاخص إليها بنظراته.. |
يدسّها في الظلال والزوايا.. |
يعبّ الأبعاد وهي تعطي انعكاساً لتوقع الرحيل، والانتظار بعد ذلك.. |
أملاً في التمازج من جديد.. |
* * * |
رسام هو.. |
لم يكن يحترف إبداع اللامح، أو الزوايا، أو مزج الألوان! |
لم يكن يحترف أيضاً رسم اللوحة بريشة يغمسها في |
الألوان ويرتقب جفاف |
اللوحة.. |
كان - فقط - فنان لحظة.. |
فنان حس. |
فنان نهدة تتبلور في الوجدان حساً دافئاً. |
صارخاً.. فعالاً!! |
الفنان حينما يمرض شعوره بالصمم.. يفقد قيمة أن يحيا. |
وأن يعبر! |
وهو.. كان يشعر بعافية وجدانية في أعماقه.. |
رغم التوقف عند لحظة رحيل مؤقت. |
كانت نظراته تحتضن ألوان اللوحة، وميضها، وما |
يمكن أن ينعكس على |
زواياها.. |
كان ينتظر!! |
لحظة الصدق ينتظرها.. |
وهي لوحة ثمينة تبقى أكبر من كل المزادات.. |
ويتعذر شراؤها من جديد.. |
قيمتها أغلى من التصور.. |
واللوحة هذه كانت تعبيراً عن اللحظة تلك.. |
مليئة بالظلال الراقصة. |
ومع ذلك كان الفنان في أعماقه يتساءل: |
ـ هل تبقى اللوحة في مكانها زمناً طويلاً.. طويلاً؟! |
* * * |
نظراته ضائعة في اللوحة.. ممتزجة بألوانها.. |
إنه لا يريد أن يحول اللوحة إلى شيء مرصود! |
يتمنى لو تحركت ظلالها الآن.. |
يتمنى لو تماوجت ألوانها.. |
لو تداخلت زواياها، ليشعر بالحياة مع حياتها! |
لم يكن شاعراً خيالياً مغرقاً في الرومانتيكية.. |
كان فناناً بالحياة.. |
فما قيمته إذا تصور أن الحياة فنية به هو؟! |
ـ (البحر الهادئ الصامت، وهو يصغي إلى خطوات |
مرتاحة منطلقة.. |
الأضواء البعيدة التي تبدو فتحة نافذة في ظلال الليل.. |
والتواري عنها إلى الظلال المكثفة! |
الإخفاق في الكلام.. |
والإصرار على الشرود لاحتواء كل شيء وتبديده بعد ذلك)! |
* * * |
كان هذا هو وجه اللوحة، أو هذه خطوطها.. |
وعند تأمله لها بعد رسمها.. |
كان يتذكر الموت.. |
ينتابه خاطر بالتلباثية الحزينة بأنه سيموت وهو شاخص إليها.. |
وهو يفكر فيها. |
وهو مصلوب على الانتظار.. |
يدق نظراته في منتصف الطريق ليلقاها.. |
ليقول لكل الحياة فيها: أهلاً! |
لم يعطه الحزن إلا بسمة ((محبّرة)) على شفتين مزمومتين.. |
تقول لطفل ساذج حلو: قبّلني! |
لم تعطه البسمة إلا مزيداً من الشرود.. |
ليلتصق ((بفنية)) الحياة!! |
لم يعطه الشرود إلا كلمة فجائية تتردد دائماً.. |
وتقول: ها؟! |
وتقف هذه الكلمة متعاطفة مع النظرة... تنتظر! |
وتمتد إليه الأصابع مشيرة.. تتساءل: |
ـ هذا الفنان.. ما باله متجمداً أمام لوحته.. مصلوباً؟! |
أتخاله قد مات؟ |
ولكنه لم يمت.. |
إنه ما زال يحيا.. على بقايا ابتسامة |
ومن أجل ذلك أيضاً... |
ما تزال اللوحة في مكانها!! |