ما أسرع ما تتحول الكلمات.. |
إلى حجر يهوي في النهر! |
هل نحاسب أنفسنا على ما نقوله من كلمات. |
هل الكلمات هي التي تحاسبنا.. |
على وضعها في المكان غير المناسب لها؟! |
العالم يطفح بالكلام.. |
والإنسان يتوعد زمنه.. |
ويفقد زمنه!! |
لا شيء يحتفظ بتخومه، |
وكل الذي بين شفاهنا كلام فقد معناه. |
إننا نحلم بالكلام، |
ونتعاطف بالكلام، |
والكلمات تحولت إلى حجر يهوي في النهر! |
* * * |
أمس.. قال لي شاعر كبير: |
ـ إنني أتحرك بين المسافة والظل.. |
حتى شعري يصبح بطاقة خبز. |
وهوية معدة. |
فأنتم لا تعطوننا كلمة. |
وإنما كلاماً يكثّف الغثيان، ويدمي الشعور! |
* * * |
أمس.. قال لي مطرب.. |
ميزته الوحيدة أن صوته جميل: |
ـ إلى متى أغني كلمات الأسى والبعد، |
والفراق والغربة؟! |
صوتي ((دجّنته)) هذه الكلمات. |
فأصبح شيئاً كالدموع؟! |
* * * |
أمس.. قال لي صديق أحترمه: |
ـ كل الكلام الذي في رأسك.. |
هو - في اعتباري - بين قدمي! |
ولم أحاول أن أجعله يستطرد، |
فالكلمة سلاح المناطقة، |
وسلاح السفهاء. |
والكلمة علاج المجروحين، |
وجرح الذين يشف إحساسهم إلى درجة الالتزام بمعناها! |
* * * |
منعت الكلام فوق شفتي.. |
حريصاً أن لا أفقده من أجل كلمة قالها واحد مريض |
بالسأم، |
الباحثون عن اللقمة بالكلمة.. يتناسون عهد |
((الطربادور)).. |
الشاعر الذي جعل الكلمة نغماً ناطقاً.. |
فوق صدر الجيتار.. |
ذلك كان يعني المزج بين اللقمة والإحساس، |
أما القاتل حقاً: |
فهو أن نفصل الإحساس عن الكلمة، |
فتصبح الكلمة لقمة نأكل بها، |
ونتطلع إليها حجراً يغيب في القاع!.. |
وما الشعور يكون... |
إذا جاء شاعر فرصده كتمثال؟! |
* * * |
أمس: قال لي موظف مرموق: |
ـ لقد سئمت من قراءة الكلمة، |
إنها مرمدة باهتة.. |
لا روح فيها ولا طلاء.. |
وهي مكتظة بكلمات ملطخة بالدم.. |
بكلمات تتحدث عن الحرب والسلام المفقود، |
الكلمة لم تعد رائعة، |
الآن.. الشتائم تروّج، |
والحقد يتنفس، |
ويغيب وجه الكلمة الإنسانية.. |
وهو يعاني من اضطراب عاطفته!! |
كثيرة هي الكلمات التي تتحول فوق شفاهنا، |
وداخل اسماعنا إلى حجر.. |
يتدحرج ببطء، ويهوي في النهر. |
ولكن.. |
نحن ضعفاء أمام شفاهنا وأسماعنا، |
والكلمة مخاض.. |
مهما كان المخاض!! |