الإنسان تضنيه المعايشة لاكتساب المتاح.. |
والتعزّي عن المهدر والضائع!! |
ولا بد أن أجمل لحظات العمر.. |
هي التي يجد فيها الإنسان ((داخله)).. |
فيصفّيه وينقيه من كل شوائب الرغبات والضعف والصغائر |
التي علقت به.. |
ويغسل أعماقه بلحظة صدق، ولحظة حب، ولحظة أمل!! |
إن داخل الإنسان في عصرنا اليوم هو المشكلة.. |
لقد فسدت السرائر.. |
وتشوّه الجوهر بكل ((المتاح)) المادي.. |
هذا الذي أفقدنا المعاني، وتحولت هذه المعاني إلى |
((الأصعب والأعظم)).. |
تحولت إلى الشيء الوحيد الذي ضاع منا!! |
* * * |
إن الوشائج بين الناس أصبحت واهية جداً.. |
لأن حدة الرغبة في مبدأ: ((خذ وأعط)).. |
مسيطرة على عاطفة الإنسان وتفكيره.. |
إن ما هو ((متاح)) من فلوس، ومكانة، وفرص.. |
غمر - حتى الغرق - كل لحظات التأمل في حياة الإنسان |
فلم يعد يجد نفسه.. يجد جوهره.. |
يجد روابطه الإنسانية بالمرأة التي تعشق.. |
والصديق الذي يخلص، |
والأسرة التي تتماسك، |
والناس الذين لا يهمهم في عطائهم لك نسبة ما يأخذونه منك!! |
إنه الخوف، والحزن، والتفاهة، والشره.. |
* * * |
إن بطل إحدى الروايات يقول للأنثى التي يعالجها |
من انهيارها العصبي: |
ـ ((إن العالم يبدأ وينتهي داخل الإنسان، |
وعندما نشغل أنفسنا بهدف، فلا بد أن الحياة تصبح |
ذات معنى.. |
فلا تنسي أن تبحثي عن معنى الحياة))؟!! |
وهذا البحث هو الإجابة على السؤال المرهق عن المتاح |
والضائع.. |
فعندما يحب الإنسان الحياة.. |
لا يهدرها في الصغائر، والمواقف المؤقتة.. |
الحب للعمر.. |
هو في تأكيد (المعنى) الغامض الذي يركض الإنسان من |
أجل اكتشافه.. |
ليستطيع أن يؤكد قائلاً: |
ـ لقد عشت الحياة، ولها طعم ونكهة!! |
ولكن.. |
من هو الذي يستطيع الآن أن يضع إصبعه فوق وجنة |
الحياة.. |
أو يطبع شفتيه بقبلة رضا؟! |
إنه كلام شاعري.. |
خيالي.. |
يبحث عن الإنسان ويتحدث عنه ويعجز أن يجده أو يحققه!! |
إن عواطف الناس في هذا العصر مصابة بانهيار عصبي!! |
إن عاطفة الناس تعاني من إغماء مزمن.. |
إن تأكيد ((المتاح)) في حياة الناس.. يثبّتونه عن طريق |
الشيء المهدر، والضائع من عواطفهم ومعانيهم، وصميمية أعماقهم!! |
وما زال ((المفترق)) يتكدس بجثث من ((قلوب)) الناس وعواطفهم.. |
بينما الذي يركض ضائعاً وحائِراً أمام مفترق الطريقين |
(الحب والموت).. |
هو الإنسان الذي فقد الحب، ويمارس الموت!! |