إننا نبحث في الكلمات، |
عن الملاح الحقيقي للحياة.. |
عن أصدق ما استودعناه النفس.. |
من إحساس عزيز وغال.. |
فأصبح سر وضمير الخفقة وحياتها. |
إنه من المحزن أن تموت الكلمات في القلب.. |
في لحظة البحث عن فرص العمر، |
وفي مزيد من هموم الزمان، |
وركض الوقت. |
ولكن القلب يتحد مع العقل في الاحتفاظ بأجمل عبارة آتية |
من الصدق، |
وبأحلى التفاتة تستقر في رؤى الإنسان الصادي! |
وبعض الكلمات.. |
لا بد أن تقال وحدها.. |
بلا مقدمات، وبلا تفسير، وبلا مسببات.. |
إنها الكلمات التي تطلع من الصدر كنبتة اللبلاب.. |
ما تلبث أن تكبر وتتسلق جدار النفس، |
وتنشر فيئها.. وتصبح سفراً متواصلاً. |
* * * |
تبدّدتُ وتبعثرت.. |
ونثرتني اللحظات.. |
رمتني إلى خارج الزمان.. |
وأنا ذرات من الشجن، والتكامل، والامتلاء.. |
والخوف من الفقد في داخل الزمان! |
كنت أستلقي على صدر أملي - |
هذا الذي يمنحني بطاقة عمري - |
وخلفي حزن اغتسلت منه، |
وفي داخلي بهاء وفرح أكبر من حسي.. |
امتلكت فيه يقيني وخفقي، وتجدد عشقي للحياة! |
ولم أحتمل أن أسترجع ما أخذني وأعطاني العمر الحقيقي.. |
بل إنني أحيا إغماضة الهدب لتتفتح زهور الحياة، |
فيكفي أن لا نخون صدقنا.. |
يكفي أن نفكر في السعادة، |
ولكن هذه السعادة هي لحظة تشرق، ثم نجترها بعد ذلك، |
فالمكتوب بمعنى القدر: |
أن نستمر في اجترار السعادة.. |
ونظراتنا تغرق في الخوف من الفقد.. |
ذلك الذي يقوض بناء النفس!! |
* * * |
ذلك المساء... |
رأيت فيه زماني، |
فأترعني وجداً، |
وأمرع نبضي فأحالني إلى خفقة تذوب وتكبر، |
وأثخنني الشوق لهفة وانسكابا! |
كنت كشجرة هرمة.. |
هطل الغيث عليها فروى تربتها وأخصبت من جديد، |
وطرحت ثمرها. |
كنت أصادر فرحتي قبل اتساعها.. |
لئلا أتحول إلى محيط يغرقني، |
ثم يرميني - كصدف البحر - وأغيب في الرمل! |
كنت إنساناً وتمثالاً.. |
وجداناً ولوناً!! |
كنت أبكي بابتسامة، |
وأضحك بآهة، |
وأتبدد كالواقف فوق الماء!! |
تلاحقت أنفاسي كطفل ضائع، |
وجد أمه فارتمى بين أحضانها، |
وهدأ، وسكن، وأغفى! |
كنت الفرح الثمل في مطلع الأمسيات.. |
الحافلة بالتوق والشجون. |
كانت الخطوة.. |
بداية العالم ووجدانه الذي أفاق. |
كانت المسافة.. |
هي حصاد العمر الذي كان أعمى فأبصر، |
ركضت فيها وهزمت تعب الأيام الراحلة، |
وامتلكت رؤية الزهرة وهي تتفتح وتعبق وتنتشي! |
ثم... صحا الوقت، |
ليعيدني من خارج الزمان، |
ويرميني مذهولاً.. |
منسياً في خيام قبيلة من الحنين الجديد!! |