ليلة الريح |
كل الأشياء المجردة... حقيقة، والحب لم يكن حقيقة |
كاملة.. إنه نصف الحقيقة دائماً!! |
الكلمات كانت ترحل.. مثلما الخفق في صدره ينسحب مجروحاً بالوهن ويذوي.. |
كانت ليلة الريح تلك.. هبت عاصفة من بين ضلوعها إلى نبضه وضلوعه المرتعشة.. تحاول أن تزرع من جديد في أعماقه: العهد.. الذكرى.. عمق الحس.. التحديق في الآتي!! |
إنه يسبل جفني عينيه كأنه يصغي إلى العهد.. كأنه يحيا للذكرى في هذا التجسيد لأمتع لحظات عمره. هذه اللحظة هو يموت.. يعرف أنه يموت الآن فوق سرير هذا المستشفى بعد أن أعلن الطب عجزه التام أمام سريان ((السرطان)) إلى دمه، فلا فائدة حتى الآن من أبحاث العلم، ومن محاولة الأطباء للانتصار على هذا الداء اللعين. |
ولكنه يعرف أيضاً أنه يموت بعيداً عن بلده.. عن حزمة أهله.. عن مراتع أحلى حياة ذاق فيها طعم السعادة، وأحس فيها بعطاء الحب المحفور في ضلوعه المرتعشة الآن بقوة الموت.. |
وشرع جفنيه في صعوبة، وهو يدلج إلى رحاب الموت هادئاً.. |
الملامح مضطربة ومموهة.. وهو يكاد أن يتعرف بالنظرة الأخيرة على وجه أمه المغسول بالدمع، وعلى وجه أبيه المغضن بالحزن والحسرة على هذا الشباب الذي يودع الدنيا في اللحظات الأخيرة. أعز الناس كانا حول سريره يتمتمان بآيات من القرآن للتصبر وللتجلد.. لكن وجهاً ثالثاً ينحني على صدره.. لا يكاد يتبين ملامحه.. يحاول أن يصفي نظرته.. أن يجلوها ليرى الوجه الذي تحفره الدموع.. فلمن هذا الوجه؟! |
أتكون هي بذاتها.. هل أتت أخيراً لتودعه للأبد؟! |
أيكون هذا وجهها.. هي ((نغم)) تشهد موكب رحيله من الدنيا بعد أن أعطاها وهج العمر، وأعطته الفرح بالحياة وهي معه، ثم تركته للفراغ، وللحسرة.. لا يفزع من هذا الموت القادم؟! |
ترى.. ماذا تريد الآن؟! |
خمس سنوات مضت منذ انفصلا بعد خلاف تافه.. لكنه عصف ذات ليلة بكل ما يحمله الواحد منهما للآخر من عشق.. عصف بعامين شربا فيهما الهناء داخل عش حالم دائماً!! |
ـ (أبذرك في تربتي يا نغم.. كما تبذر الآهة في صدر الكليم الضائع، وقد كنت ضائعاً حتى وجدتك. تذكرين ميلاد ذلك الشعور بالوجود يوم جئت أضع الدبلة في إصبعك وأبي بجانبي. |
وأبوك يبتسم ويدعوك أن تجلسي بجانب خطيبك وزغاريد أمك وأمي في صالة الفيلا كزخات المطر. يومها - يا نغم - شعرت أنني ولدت، وأن وجهك الذي أتطلع إليه كان نافذتي إلى الحياة الأحلى)!! |
في أي زمن حدث هذا البهاء في العمر؟! |
فواصل الأيام.. لا تتشابه مع فواصل الإحساس.. ذلك لأن فواصل الإحساس تعميق للوجد، أو إغراق تام له!! |
في ذلك اليوم.. كان في صدري امتلاء بالحياة.. كنت أحاول تفسير الاقتناع بالنظرة التي تأتي من الداخل إلى الداخل ورغم ذلك فلا بد من الخلاف، ولم أكن أظنه باتراً حاسماً يفصل روحي عن حياتي، ويبذرني حنيناً تعيس المسافة والزمن.. أناديك فيه ولا أجدك. أبحث عنك لأعيدك إلى عشنا المنشرخ فلا ألقاك. وأتذكر كثيراً ما قلناه في تلك الليلة العاصفة.. ولكني نسيت السبب الذي صعَّد الخلاف. فدفعك للخروج إلى بيت أهلك غاضبة، ودفعني بعد يومين أن أخضع لرغبتك فأكتب لك ورقة الانفصال. نسيت السبب لأنه تافه بمقارنته بذلك العشق الرائع الذي حيينا به عامين.. |
في تلك الليلة التي لا أنساها.. أذكر حدة النبرة في صوتك، وصوت الحدة في نبرتي: |
ـ (أكره أن تصفيني بالغرور.. لو كنت هذا الموصوف ما عرفتك لأن زهوة جمالك لا ينافسها غرور آخر! |
ـ قالت: كل الأشياء المجردة هي حقيقة، والحب لم يكن حقيقة كاملة.. إنه نصف الحقيقة، فهو مزيج من اللمس، ومن التخيل، ومن الهمس، ومن غنى الأحلام. وأنت معي نبحث عن الحقيقة الكاملة، وأنا لا أطيق أن أراك تتفحصني كدمية عندما تكون جالساً بجانبي وخواطرك مسافرة إلى أمكنة لا أعرفها. |
ـ قال: تريدين نصف الحقيقة دائماً.. تطلبين الآن أن ننجب طفلاً وأرى أننا نسبق الزمن.. وعلينا قبل ذلك أن نضع قاعدة راسخة للحياة المادية.. لمستقبل من سنكون سبباً في دخوله إلى الحياة. تطلبين أيضاً أن نقيم الليل بالسهر والمرح وأنا لا أطيق ذلك دائماً.. لأنني لم أعد أثق بالناس.. لم أعد أصدق تلك الابتسامات الملونة، وذلك الضجيج المنافق.. بل نريد أن نكون أنت وأنا معاً.. وحدنا نحدق في نجمة واحدة، ونناقش حياة المستقبل بلا ركض لاهث، وننام مبكرين لأصحو حباً في العمل. وأطلب فيك سيدة البيت التي أجدها كلما عدت بدلاً من أن أعرف بذهابك إلى سهرة لا تنتهي إلا في الساعات الأولى من الصباح! |
ـ قالت: أنت تقتات الحزن.. أكثر لحظاتك ساهماً مبتعداً بخواطرك.. بينما حياتي التي تعودت عليها هي المرح، والانطلاق، والتخلص من العقد والمواقف الدرامية.. لم أعد أطيقك قط.. ليس حباً هذا ولكنه عبودية. أريد أن أنطلق.. أن أمرح أن أرقص وأسهر فلا أعرف مسافة عمري، وأرفض أن أقطعها في التحديق، وأنت لا تعرف إلا التحديق فقط. لقد زهقت زهقت.. فاتركني)!! |
وحاول أن يشرع جفنيه ثانية.. بينما الموت يأخذه رويداً إلى رحابه.. |
كان يحاول أن يرى وجهها الحبيب إليه.. أن يودعه في لحظاته الأخيرة لينام مرتاحاً وإلى الأبد، فقد كانت السنوات الخمس.. شاقة، جافة، هشة كورقة الخريف.. مرت به عمراً فكأنه فيها لم يكن الشاب الثلاثيني العمر، وإنما تحول إلى ركام.. تناثر اللون الأبيض في أكثر شعره، وزحفت التجاعيد إلى وجهه. سنوات مرت به حالة، أو ملابسة، ثم اقتناعاً.. اقتنع أن ما ذهب لن يعود، وأن الهروب عظمة الخائفين، وأن إسقاط الإصرار على ما أردناه أو اخترناه.. هو الحاجة إلى الاستقرار على شيء.. بدواعي شيء آخر مفروض!! |
لحظة موته الآن، وهو يرفع جفنيه ليرى حياته التي خذلته.. يرى ((نغم)) التي كانت تمثل امتلاء النظرة الأخيرة له إلى الحياة.. تماماً مثل اللحظة التي رآها فيها أول مرة، وكانت تمثل النظرة الأولى له إلى الحياة.. |
لقد تركته يومها، ونالت الانفصال الذي أصرت عليه، وحزمت حقيبتها ثم رحلت.. سافرت إلى أمريكا تلحق بخالها الذي يدرس هناك، واستقرت عنده تواصل دراستها، وتحقق لنفسها أن تحيا الحياة التي قالت إنها مفقودة في عشها الزوجي معه.. انطلقت، وسهرت، ورقصت، وعاشت الضياع والفراغ معاً.. عاشت الليل نهاراً، والنهار بدراً. |
واعتقدت ((نغم)) أنها قد انقطعت نهائياً بأخبارها عن ((أحمد)) الذي أحبته وضاقت بلون حياته، فكسرت عن قلبها طوق الحب، وجفته، وسافرت إلى البعيد لتنساه، ولينساها.. لعلّها تعثر على الحياة التي تريدها! |
لكن ((أحمد)) كان يعرف عنها كل شيء.. يتابع أخبارها.. يركض خلف جنونها بدون أن تدري بما يفعله، وبدون أن تراه.. لقد أحب مرة واحدة، وكانت هي تلك المرة الواحدة. كان يعاني أحياناً من الحنين المستعر في صدره.. كان يتوق إليها كقطرة ماء تسقط في جوف ظمآن.. كان يفكر أن يضعف، ويذهب إليها في أمريكا، ويعيدها، ويحقق لها ما أرادت: الطفل. والانطلاق والسهر، والرقص، والحياة اللاملتزمة. كان يفكر قليلاً.. لو أعادها وأعطاها الطفل الذي تريده.. من الممكن أن تنشغل به، وتتنازل عن مطالبها الأخرى، وتلتفت إلى بيتها، واستقراره. وتواجدها فيه دائماً. لو ذهب إليها.. فهل ترضى أن تعود.. أما زالت تحبه؟!.. لو كانت تحبه ما تخلت عنه. ربما الغربة قد فعلت في نفسها التغيير وربما أخذتها إلى الأبعد وبعثرتها.. ولكنها قد تعود.. |
يا لحظة عودتها.. كيف سيأخذها إلى صدره.. ماذا ستقول له.. ما الذي يمكن أن يقال لحظتها عن الأيام، والامتزاج، والعهد، وعمق الشعور؟! |
ـ (عندما أحدق فتظنين أني لا أفكر فيك.. تكونين في خاطري دائماً.. ملامحك قناع وردي شفاف.. ألبسه فأرى الحياة أجمل وأروع. وأنت معي مثلما أنت بعيدة عني.. أنت دائماً نبضي، وتواجدي في الزمن وفي العمر وفي الشعور)!! |
لكنه لو ذهب إليها.. فستعود معه بكبرياء مستمد من انتصارها عليه. لكن الحب ليس فيه انتصار.. الحب نصف الحقيقة.. إنما هي تريد الحقيقة كاملة، وإذا ذهب إليها فقد وجدت تلك الحقيقة كاملة، واحتوته طائعاً لها في كل شيء. لا.. إنه لن يذهب، ولماذا لم تعد هي؟! |
وأمضَّه صراع قاس.. في كل ليلة يسهر حتى نجمة الصبح.. يتخيل، ويستعيد، ويحلم، وتفر دمعة من عينيه.. كأنه يناديها.. بل إنه يسترجع ذلك البوح الذي كانت تسمعه من بين ضلوعه في الشهور الأولى من زواجهما: |
ـ (يا نغمي.. يا كل الشوق المتجدد دائماً في حنايا متآلفة على حبك.. أنت نعمة عمري فلا يشوهك الزمن، ولا يضعف حبنا الإصرار الأحياني المجنون على رغبة تافهة! |
ـ لا يا أحمد.. كنت طفلة فكبرت في عينيك وصدرك. كنت أعتقد أن الحب يكون قبل الزواج.. صرت أدافع بأن الحب بعد الزواج أعمق وله قاعدة.. عندما رأيتك أول مرة أحسست أنني أعرفك يوم تزوج أبي من أمي.. روحان توأمان ولدا معاً، فليست لي حياة بعدك، وليس لي عمر غيرك. سنختلف يا حبيبي على التفاهات مثلما يختلف كل الناس، ولكننا لن نفترق.. أبداً حتى لا أموت.. فأنا بدونك موت يا أحمد! |
ـ لا تتحدثي عن الموت.. هات يدك تدلني على درب الحياة.. ((اتركني أزهر في الخرافة)) فأنت خرافة عمري.. أنت أسطورة زماني. أدخلك وأرفض أن أخرج منك)!! |
ولكن ((نغم)) تركته في ليلة عاصفة.. أسقطت الحب في لزوجة خلاف لم يترك لهما فرصة للتحديق، وللتفكير، ورمت بنفسها في رغباتها، ورمته في فراغ العمر بقعة من سراب لا ينتهي!! |
وقوي في نفسه عناده، ومكابرته، وتمسكه برجولته.. |
وقويت في نفسها رغباتها وجنونها، وتخليها عن الطفلة التي كبرت في عيني من أحبته! |
وفي كثافة الرحيل جدف، وخاض المعاناة حتى أسقمته.. ولكن الرحيل لم يستطع أن يقتل الصورة الجميلة في نفسه.. بقيت تلك الصورة برغم السنوات الخمس، وبرغم النوى، وبرغم الحسرة على أعز ما فقد.. بقيت الصورة زاده.. بينما هي أيضاً تصدعه، وشروخه.. |
ـ وقبل أشهر.. قال له الطبيب: لا بد من فحص عام، ومن تصوير بالأشعة لداخلك! |
ـ وابتسم في وجه الطبيب.. وهو يقول: داخلي؟! |
إنني أعرفه جيداً.. إنه أصدق ما يميزني. إن الذي فيه أراه بوضوح.. أكثر مما ستراه في الأشعة! |
ـ قال الطبيب: ولكن لا بد يا أحمد.. إنني أشك في شيء! |
ـ قال: لا يهم يا دكتور.. لم يبق شيء.. خلاص يا دكتور!! |
لكن الطبيب أصر على ما طلبه، وحينما أمسك بالأشعة تميزت ملامحه بالكآبة.. |
ـ قال أحمد: ماذا ترى يا دكتور؟! |
ـ قال الطبيب: أرى أن تسافر إلى أمريكا.. لا أنصح أن تذهب إلى لندن فالطب فيها يتأخر. |
ـ قال أحمد: وهل الحالة خطيرة إلى هذه الدرجة؟! |
ـ قال الطبيب: أرجو أن تسرع يا أحمد.. فالوقت ضيق جداً! |
لكنها أمامه الآن.. بجانب السرير في أحد مستشفيات أمريكا.. في المنطقة التي هربت إليها ذات يوم قبل خمس سنوات.. لا تسأل عنه، ولا تلتفت إليه، وقد جاءها أخيراً.. وأخيراً قرر ((أحمد)) أن يقترب من قطرة الماء. أن يأتي إليها بكل ضعفه، ولكن ليس ضعف إرادته، وإنما ضعف جسده المتهالك المسجى.. المدلج إلى رحاب الموت.. |
ـ (ها أنذا جئتك يا ((نغم)).. وأرفض أن آخذك اليوم، لأنه ليس عندي ما أعطيه)!! |
جاء ((أحمد)) يحمل بين ضلوعه داء ((السرطان)) وقد سرى إلى دمه، ولا فائدة.. |
بل إن ((أحمد)) سعيد جداً هذه اللحظة.. أليست بجانبه.. وسوف يموت ورأسه فوق ذراعها؟! |
ـ أحمد.. اسمعني صوتك.. كلمني يا أحمد أرجوك.. سامحني يا حبيبي!! |
وبتثاقل مرهق.. شرع جفنيه ليرى وجهها.. هذه اللحظة فقط يريد أن يتكلم.. لا يهم ما نصح به الأطباء أن لا يتكلم. إنها بجانبه.. رأسها فوق صدره.. فوق وجهه.. دموعها تغسله الآن وتكفنه، وتواريه مثواه الأخير.. أليس صدرها بيته؟! |
أراد أن يتكلم.. تحركت شفتاه، ويده مخبأة بين كفيها: |
ـ لا تتكلم يا أحمد.. فقط قل إنك ستعيش، وسأعود معك، وأبقى في البيت، ولا أريد طفلاً.. أنت طفلي، ورجلي، وعمري، تعبت من السهر والرقص والضياع يا أحمد.. قل إنك سامحتني.. قل إنك نسيت الخمس سنوات.. صدقني كنت أريد أن أنساك وعجزت. أردت حتى أن أكرهك وعجزت. ملأت حياتي بالصخب والضجيج.. فكان هدوؤك الذي أعرفه أقوى من الصمت والضجيج.. أحمد.. أحمد!! |
رفع يده اليسرى فوق يديها اللتين تخبئان يده اليمنى وغطاهما.. إنه يبتسم لأول مرة بعد خمس سنوات.. إنه يستقبل الموت بلا خوف.. وبصوت واهن قال لها: |
ـ هذه اللحظة يا ((نغم)) اقتنعت أنني سأحيا بالموت! |
ـ قالت: أحمد.. لا تقل هذا أرجوك.. إنك تعذبني أكثر يا أحمد! |
ـ قال: أليس الموت هو الذي أعادك إلي.. هو الذي جعلك تقطعين خطوات الرحيل والهروب وتعودين إلي؟!.. لو لم تسمعي أنني أحتضر ما رأيتك ثانية يا نغم! |
ـ قالت: لا تقسو علي يا أحمد.. أما زلت تذكر تلك الجملة التي قرأتها همساً في أذني ونحن نجلس في بيتنا في جدة؟.. كنت تقول إن هذا التشبيه يعجبك: ((واحة الصبح المعزولة)) وقلت لي: إنك أنت واحة الصبح فلا تعزلي نفسك عني ولا تعزليني عنك.. لقد كنت دائماً وأنا بعيدة عنك ((واحة الصبح المعزولة)) عن كل شيء عندما كنت أمارس كل شيء.. فلا تذهب يا أحمد.. لقد عدت إليك، فعد إلي يا أحمد.. لا تخذل واحة الصبح!! |
ـ قال: لم أخذلها يوماً، وإنما كنت منجذباً إليها حتى وهي تخذلني. انظري يا ((نغم)) هذه الابتسامة على شفتي.. ليست هي انتصار الموت على رغبتي في الحياة، لكنها انتصار الحياة بقوانينها، وبروابطها على رغبتك التي كانت في الضياع والهروب. طويلاً عشت يا ((نغم))، وكانت حياة كبيرة في داخلي تغذي نبضي وفكري.. حياة التأمل التي كرهتها أنت.. حياة الشوق لك حتى وأنت بجانبي.. حياة الوفاء لما يعطينا إياه نصف الحقيقة، فليست هناك حقيقة كاملة يا حبيبتي!! |
ـ قالت: أحمد أسكت.. أرجوك. لقد تعلمت.. علمني فراقك.. علمني الضياع والهروب.. لا تتكلم يا حبيبي حتى لا تتعب أكثر.. |
ـ قال: قرأت لك عبارة قبل أشهر، وكنت راحلاً إليك.. إلى هذه الأرض التي كثيراً ما راودتني نفسي أن آتي إليها بضعفي وإنهاك كبريائي لأستعيدك، ولكني كنت أعرف أنني آت لأموت هنا.. - قالت: أحمد.. أرجوك أن تسكت: |
ـ قال: قرأت هذه العبارة: ((وجهك الزمن البعيد.. وأنا عالم المسافة القصيرة)).. ها نحن الآن معاً يا ((نغم)) استعدتك أخيراً يا حبيبتي.. |
ورفعت رأسه إلى صدرها.. |
كانت آخر مرة سقط فيها رأسه.. على صدرها مات أحمد!! |
|