في الرياض.. |
بين حفيف الأشجار، وأريج الأزهار |
رأيت عروس الفجر ترتل نغمة الحب! |
في الرياض.. |
بين النسيم العليل والهواء الرقراق البليل سرت في |
أعضائي تلك النغمة السماوية وجعلت روحي ثملة |
من خمرة الحب. |
في الرياض.. |
تحت أشعة القمر الفضية ورقابة أعين الدراري جلست أردد نغمة الحب، تلك النغمة التي أرسلت إلى نفسي شعاع الأمل. |
في الرياض.. |
على ضفاف الجداول الجارية النقية كقلب المحب، الصافية كلون السماء، المعقوفة كمرآة الحسناء، أخذت أعيد إلى أذني تلك النغمة الحلوة. |
في الرياض.. |
حول الأشجار حول الأشجار الباسقة، حول القطوف الدانية، |
رأيت - لأول مرة في حياتي - ((عروس الفجر)) مرتدية ثوب السكون متمنطقة بوشاح الهيبة. |
في الرياض.. |
عند تغريد البلابل وسجع الورق وهديل الشحارير وزقزقة العصافير تضاءلت أمامي أحلام الصبا وأَماني الطفولة. |
في الرياض.. |
عند ابتسام الورد وتحديق النرجس عرفت معنى السعادة وانسكبت في نفسي قطرات الحب. |
* * * |
في الرياض.. |
دعوت قومي لألقنهم دروس المعيشة العالية. لأعلمهم أسرار الحياة الهادئة. دعوتهم لأشنف أسماعهم بأسطورة الحب التي سمعتها من عروس الفجر، فوجدتهم عجماوات لا يسمعون، يصخبون لنعيق الغربان ويطربون من صوت الزوابع الثائرة! |
علمت حينذاك أن القلب المظلم لا تنيره إلا أشعة الحب، علمت أن الأدمغة السوداء لا تضيئها إلا أغاني الحياة وأناشيد الحرية. |
فرتلت على مسمع منهم أسطورة الحب، بتلك النغمة التي تستفز حتى العجماوات، فإذا بهم يضحكون ويبكون معاً..! |
حينذاك علمت أنهم مخدرون ((بمورفين)) الجهل لا يفيقون إلا متى جرت في دمائهم الحياة الحقيقية، وأنَّى لهم ذلك وهم كذلك حتى تطأهم حوادث الأيام، ويذهبون في خبر كان؟ |
حينذاك |
ودعت قومي |
تركت مسقط رأسي |
عفت مربى طفولتي |
وأخذت قيثارتي بيدي |
وذهبت أسعى وراء عروس الفجر عازفاً عليها أسطورة الحب وطفقت أجوب السهول والأوعار والأنجاد والأغوار. |
أبحث عن ضالتي المنشودة، حتى عثرت عليها واقفة على ربوة الحياة مشرفة على الأفق من وراء العالم. |
تبسم للمحبين |
وتحنو على البائسين |
وتسحق بأرجلها المجرمين |
فجلست معها. جلست مع عروس الفجر تلك التي علمتني نشيد الحرية، وهدتني إلى أسرار الوجود. |