شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الناشر
بقلم: عبد المقصود محمد سعيد خوجه
يسعدني أن أضع بين يدي القارئ الكريم الأعمال الكاملة للشاعر الأديب الأستاذ محمد عمر عرب ((رحمه الله)).. فهو من الرعيل الأول الذي أسهم في النهضة الأدبية بالمملكة العربية السعودية، فقد عاش رحمه الله خلال الفترة (1318 - 1375هـ) الموافق (1900 - 1955م)، وهي الفترة التي شهدت بدء ازدهار نشر بعض الإبداعات التي شكلت منعطفاً بارزاً في أدب شب عن الطوق، غير أنه لم يكن طاغياً على ما حوله من أدب وثقافة تفد بسطوع وحضور مميز من مصر أو الشام أو أدب المهجر.. وبالرغم من ذلك بزغ نجم عدد من الشعراء الذين أثبتت الأيام رسوخ أقلامهم في دنيا الحرف، وكانت من أوضح تجلياتهم ما أورده كتاب (وحي الصحراء) لسيدي الوالد، وصديق عمره معالي الشيخ عبد الله بلخير ((رحمهما الله)).
ومن خلال ذلك النسيج اختار شاعرنا الأستاذ محمد عمر عرب مجموعة اختصها بالاندماج والتمازج وفق الأسلوب الذي كان متبعاً آنذاك، فقد استهوت الأدباء نوازع الانتماء إلى مجموعات تعرف بالمراكيز أو المجالس، فارتبط عمر عرب والأساتذة محمد سرور الصبان، وعبد الوهاب آشي، وعبد الله فدا، حيث يعقدون مجلسهم بعد عصر كل يوم في محلة ((جرول))، كما أشار إلى ذلك الأستاذ الكبير محمد حسن عواد، الذي التقى هذه المجموعة في إحدى زياراته لمكة المكرمة.. وذكر أيضاً أن عرب كان يكتب تحت اسم مستعار (زهير الصغير)، مستشفاً من ذلك ميل ذائقته الإبداعية إلى شعر البهاء زهير، الشاعر الحجازي المعروف، الذي نشأ وترعرع في بيئة الحجاز، ثم نزح إلى مصر وعاش بها، وقد شرفت بنشر كتاب (البهاء زهير شاعر حجازي) للأستاذ محمد إبراهيم جدع، ضمن سلسلة ((كتاب الاثنينية)) الطبعة الأولى 1415هـ/1995م.. ولعلّ الرجوع إليه يثري القرائن بين الشاعرين الكبيرين.
وبالرغم من أن السيرة الذاتية للأستاذ عمر عرب تشير إلى أنه عاش معظم حياته في مكة المكرمة، خلا سنة قضاها مدرساً بمدرسة الفلاح بجدة، إلا أن شعره يموج بكثير من العبارات التي تشي بزاده المعرفي المتنوع، وتأثره بقراءة الأدب الذي عاصره، وأدب المهجر على وجه الخصوص، حيث تتماهى مفردات ذلك الاتجاه الأدبي بقاموسه الشعري، فيشير بكثير من العاطفة الجياشة إلى الرياض، والينابيع، والنسيم العليل، والأزاهير والبراعم، وقطف الورود، وغيرها من التعابير التي تعبر عن بيئة لا تنسجم مع واقع حياة الشاعر، لكنها الروح التي تحلق في أودية عبقر فتنقل المبدع عبر فضاءات لا يحسها غيره، وتلك طبيعة الشاعر الفنان.
وقد أفضت رقة الأحاسيس التي عُرف بها الأستاذ محمد عمر عرب إلى تكريس حياته يين قلة من صفوة محبيه، فالتزم نهجاً معيناً في حياته باعد بينه وبين كثرة مخالطة الناس، ولعلّ هذا من الأسباب التي أدت إلى قلة نتاجه الشعري والنثري، فأرخى سُجفاً من العزلة على مجمل مشاعره، وحبس نفسه بين عمله رئيساً لديوان الصحة، ومنزله، وبعض أصدقائه الخُلّص.
كانت الاستقامة ترسم مجمل خطوات شاعرنا الكبير، إلى أن وافته المنية وهو أقرب إلى الناسك الزاهد، تاركاً إرثاً أدبياً مبعثراً، فعمل بعض زملائه ومحبيه على تقصيه وجمعه، إلى أن تمكن الأستاذ رشاد سروجي من إصدار كتاب قيّم بعنوان (الشجرة ذات السياج الشوكي) حيّا من خلاله بكثير من الوفاء صديقه عرب، وكتب مقدمته الأديب الكبير والشاعر المبدع محمد حسن عواد ((رحمهما الله)).. ولاقى ما لاقى من لأواء في سبيل إصداره، ليقف مع بعض المراجع الأخرى كواحد من أفضل الشواهد، وكخير زاد لدراسة سيرة شاعر ترك وسماً مميزاً في حياتنا الأدبية.
ومن حسن الطالع أن تأتي المجموعة الكاملة لإبداعات شاعرنا الكبير متزامنة مع اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية، تقديراً لجهود رائد من روادنا، وجزء من واجب ((الاثنينية)) مشاركة من ابن من أبناء مكة المكرمة يشرِّف بتقديم جهد المقل احتفاء بالكلمة في بلد شعَّ منه نور ((اقرأ)).
والله الموفق وهو من وراء القصد..
عبد المقصود محمد سعيد خوجه
شعبان 1425هـ/سبتمبر 2004م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2852  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 3 من 37
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج