الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

عقلية جران العود

وبالرغم من ضعف إرادته واستسلامه المهين، واستكانته أمام النساء التي تتجلى واضحة في حوادثه معهن التي يرويها لنا في شعره، وإن كان يشوبها شيء من التهويل. وتنمقها النكتة إلا أنه فيما يبدو لنا. ذو عقلية ناضجة وبصيرة ثاقبة. وفكر صهرته الحوادث، وهذبته التجاريب.

وليس من شك في أن عفته وعزته، اللتين لمسناهما فيما سبق وترفعه عن الهجاء والخصومة، وحكمه التي سنتحدث عنها دليل على نضوج هذه العقلية واكتمال هذه البصيرة.

فالعفيف الذي يشعر بعزة نفسه، ويترفع عن سفاسف الأمور. هو بلا ريب، ذو عقلية تهديه إلى الخير، وإلى حيث يضع نفسه.

وعلى كل، فهو كما يبدو من نفسيته ومن ترفعه عن التنزل بالغزل إلى مستوى غير لائق، كما سنرى حين نعرض للحديث عن غزله، ذو عقلية ناضجة. ولكن مع الاحتفاظ بالنسبة إلى مستوى العقليات التي كانت تشاركها الحياة.

و (جران العود) يلقي إليك بالحكمة الصائبة العجلى عرضاً يجره إليها الاستطراد، أو تجره إليها المناسبة.

وإليك مثلاً من حكمه قوله (وفيه خلاصة تجاربه في الاختلاط مع النساء).

ولسن بأسواء فمنهن روضـة

تهيج الرياض غيرها لا تصوح

جمادية أحمى حدائقها النـدى

ومزن تدليه الجنائـب دلـح

ومنهن: غل. مقمل. لا يُقِلُّـه

من القوم إلا الشحشان الصرنقح

وكقوله في مفتتح ديوانه (أول هذه القصيدة نفسها).

ألا لا يغـرن إمـرأ نوفليـة

على الرأس بعدي أو ترائب وضح

ولا فاحم يسقي الدهان كأنـه