شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حديثنا عن جران العود
ظلت هذه الشاعرية الفذة، وهذه القريحة الوقادة ذكاء بفطرتها العربية الملتهبة طرباً من أغاني الطبيعة ملقاة في زوايا الإهمال، مُطْرحة في جوالق النسيان، تحت أدعاص الزمن، وتقلصت من تحت أجنحة الدهر قرونٌ من السنين و (جران العود) في مكمنه حيث وضعه (الخلد الأدبي) يستمهله الظهور، حتى قيض الله له (دار الكتب المصرية) فبعثت إلى عالم الوجود الثقافي، وهواة الفن العالي، الذين أخلصوا للفن، وأخلص لهم الفن، ديوانه الصغير الذي درجته يد العصور، بين طيات الأدب المنسي، والتراث المدفون، فكشف للعالمين عن عبقرية هذا الشاعر العربي الفحل، وتراث من تراث الفكر العربي القديم.
ونحن إذ نكتب هذه الكلمة عن (جران العود) ليس من همنا أن نعرض له على هذا الأساس، مما يكتب عن الشعراء والأدباء في مثل (الأغاني) ومعجم الأدباء وغيرهما، من كتب تاريخ آداب اللغة العربية. أو لما يكتب عنهم في قواميس تراجم الأعلام وسجلات الشخصيات البارزة في العلم والفن والأدب. ولكننا نريد أن نقتطف زهرات يانعة. وباقات عبقرية الشذى، من مروج هذا الشعر العذب. نحللها تحليلاً عاجلاً فيه شيء من الدقة، في محاسبة الشاعر على ما له وما عليه. وإنا لمستظهرون منها معاني عميقة، وبلاغة رائِعة، وبياناً حلواً.
وأنا واثق -عظيم الثقة- أن سنلقى في هذه الساحة الأدبية شيئاً كثيراً من المتعة، نسري بها عن أنفسنا، أثر هذه الحياة الصاخبة بشكول المعارك والمنازلات. وكثيراً من اللذة، تجعلنا نركن إلى هذا اللون من الأدب الدراسي، ننصرف إليه بكل ما أوتينا من قوة، نتبصر منه مواقع النقد. ونتدبر طرائق القول وشيئاً كثيراً من الطرافة، ننساب إليها بكل شعورنا الحساس.
هذا اللون من الأدب الدراسي، يبعث في النفوس استكشاف المآخذ، وتحديد المعاني، ويغرس فيها سلامة الذوق، وإنعام النظر، وشحذ الفكر.
فهلم معي أيها القارئ الكريم، نرِد هذا المورد، نستقي من نميره، ونُروّي النفس منه، وأنا زعيم أن ستأخذ بك روعة كثير من هذا الشعر تلذ به، ونستزيد منه.
وإنك لواجد بين أدراجه، أحلام نفس شاخصة في ذهنك وأسرار قلب متكشفة بين يديك، كل أولئك في خيال رائع، وتصوير بارع، ولسان عربي مبين.
بيد أننا نريد -قبل البدء في الحديث عن شاعرية (جران العود) ونواحيه الأدبية وأساليبه الشعرية- أن نتعرف نفسيته فنحلل عواطفه وغرائزه من هواية وعفة وتشاؤم وخصومة، نعتمد في تشريح كل ذلك على طرائق، إفصاحه هو نفسه عن نفسه، ثم نخلص للحديث عن عقليته نتبينها من حكمه وأمثاله، ثم نعرج إلى الحديث عن شعره، فننظر مدى اتساع أفق خياله وآثاره في شعره من بديعه. وَصُوره الشعرية وألوان تفننه في الأساليب الأدبية، فنتلمس كل جانب منها من زاويته الخاصة.
ثم نُجمِّع كلمتنا الأخيرة في الشاعر: نفسيته، شعره. عقليته. على أساس قواعد النقد الأدبي الصحيح، والعدالة التاريخية ما أمكننا السبيل إليها. ولذا كان لا بد لنا حين نريد إلى إصدار حكم صادق، لا يغمط الشاعر حقه، ولا يضيف إليه ما ليس له، من أن ندرس بيئة الشاعر الاجتماعية. والطبيعية، والغريزية، أو النفسانية (أعني ما أودع الله به من الرغائب، والنزعات والميول) لنعرف أثرها في شعره وعقليته ونجد (بشيء من اليقين لا بكل اليقين) مبلغ هذا الأثر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1425  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1266 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج