(( كلمة الشاعر الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري ))
|
وتحدّث في تلك الأمسية الشاعر الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري فقال: |
- بسم الله خير الأسماء في كل أرض وفي كل سماء، والصلاة والسلام على سيد الخلق برهان الحق، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أيها السادة الأجلاء، وأيها الإِخوة الأحباب.. أردت أن أسعد نفسي بأن أسهم في هذا التكريم المبارك بكليمات من جانب، وبدعابة من جانب آخر، وبإهابة من جانب ثالث، ولكن سأتحدث كما كانت قُبَلُ ذلك الخطيب الولهان الذي منع أهل خطيبته عنه رؤيتها وقلبه يتلهف إليها وكان قد علم بأن خطيبته وأهلها على سفر، فتسلل إلى مضاربهم واستطاع أن يختلس منها لقاءاً سريعاً، وتحدث عن قبلاته لها فقال: |
نقر العصافير وهي خائفة |
من النواطير يانع الرطب |
|
|
- فأنا سأتكلم نقراً مختصراً حتى يبقى المجال مفتوحاً للأحبة وللإِخوة الأعزاء، ولكي يبقى للشاعر بعض ذوقه. |
- سأقدم للأخ الكريم الحميم الحبيب المحتفى به هدية هي زميل له، هذا الزميل وضعته في محفظتي، هذا الزميل مدني مكي كما اختار الله له أن يكون مدنياً مكياً، وقد كنت قبل أن أعرف ما اختاره الله له من تكريم قد أشدت به وذكرت طباعه في ختام هذا الديوان الذي هو الديوان الأثير لدي وعنوانه "نجاوى محمدية" هذا الديوان الذي أكرمني الله به، ثم أكرمني عديد من الأصدقاء على رأسهم معالي الأخ الحبيب الدكتور محمد عبده يماني الذي أراد أن يسعدني ويسعد الديوان، فبعد أن تم طبعه أحب أن يتوَّج بشعار دارِ القبلة، وكتب له مقدمة بأسلوبه السهل الممتنع الرصين المتين. |
- ففي آخر هذا الديوان ذكرت أنني قد زينته بستين لوحة، أكرمني الأخ الحبيب الأستاذ المهندس عمر قاضي بعدد كبير منها وأهدانيها للديوان لما كان أميناً للمدينة المنورة، ورأيت من حقه عليَّ أن أذكر اسمه وأن أشيد به. |
- فقد طبع الديوان في المدينة لكننا لم نستطع أن نجلده في المدينة المنورة لعدم وجود دور للتجليد، فنقلناه إلى مكة المكرمة لكي يجلد في مكة. فكما أن الله أكرمه بالمكتين المكرمة والمنورة أكرم هذا الديوان أيضاً أن يحظى بأن يطبع في المدينة وأن يجلَّد في مكة. وما زلت أعاني المشقات التي تتطامن الجبال أمامها مع المجلد الذي صار له أكثر من عام وهو يعذبني لتجليد الديوان وما يعطيني منه إلاَّ نسخة بعد نسخة. |
- فهذا الديوان أقدمه في هذا الحفل البهيج الكريم لسعادة الأخ الحبيب هدية. وهو زمالة له لما شرف الله به إصداره في المدينة ومكة، وبالمناسبة أريد أن أزيد فأقدم له نسخة من أحدث ديوانين صدرا لي خلال أيام متتابعات أخيراً، أحدهما "حجارة من سجيل" وهو شعر وفكر وسياسة إلى أبطال الانتفاضة الجهادية في فلسطين، والآخر "الزحف المقدس" ويعالج قضايا أمتنا في أفغانستان وفي فلسطين وفي أرجاء الأمة العربية والإِسلامية الكبيرة. |
- وأنتهز هذه المناسبة لأقدم أيضاً لأخي العزيز الحبيب الذي يغمرني دائماً بالعطف واللطف والود الأستاذ عبد المقصود خوجه من هذين الديوانين نسخة، وأرجو أن تزيد في يدي أعداد هذه الدواوين حتى أجعل منها بين أيدي الإِخوان عدداً. |
- إذن هذه أولاً القبلة.. قبلة العاشق الولهان الأولى.. والدعابة دعابة التوأمة والإِهابة لما زرت الأستاذ عمر قاضي، الأستاذ المهندس عمر قاضي وتحدثت عن المدينة وهي غالية في قلب كل إنسان تنبض قلوب المؤمنين بحبها رجوته وليس رجاء إنسان لإِنسان لا يهتم ولا يعلم. رجوته أن يعير آثار الإِسلام التاريخية عناية خاصة في إبرازها وفي تعهدها وفي عدم طمس معالمها بل بالعكس ما طمس منها وما يمكن إحياؤه أن يحييه، وأنا أعرف التحفظات على هذا. ولكن أقول أيها الإِخوة الأحباب إن الخوف من الوثنية بالنسبة لهذه المآثر غير وارد لأن الإِنسانية جميعاً انتهت من زمان من وثنية الحجر وانتقلت إلى وثنية البشر. فالذي في نفسه وفي قلبه الوثنية يمارسها بأي شكل كان. والإِسلام يرفض الوثنيات ولكن يحفظ هذه الآثار ويحفظ لها أمجادها، ويحفظ لها عطاءها ويحفظ لها إشعاعها في تكوين الأجيال وحفظ التاريخ وصيانته. وقد أكرمني وأبهجني فقال لي: إننا نعمل الآن على إحياء ثنيات الوداع وإقامة مسجد كبير عليها بعد أن كانت هناك ظروف ونيل من هذه الثنيات، ولكننا الآن نجدد هذا المسجد وأنا أشهد أن ما تجود به هذه المملكة للمساجد وللمآثر ولدور العبادة وتبذل له بسخاء عمل سيرفع مقامها عند الله، سيرفع مقام عاهلها ورجالها والعاملين فيها وسيذكر لهم فيشكر في الآخرة قبل الدنيا. |
- الشيء الثاني الذي لفتُّ نظره إليه ورجوته وما أزال أرجوه قلت كم أتمنى وفي السنَّة أن النبي صلى الله عليه وسلم شجع ودعا إلى وضع العذاق في منطلقات القبور ووجد فيها تخفيفاً عن الموتى، وهذا عمق حضاري إسلامي محمدي نبوي سابق، كنت أتمنى أن أجد في ممرات البقيع الأشجار الباسقة، وكما وجدنا في عرفات هذه الخضرة وهذه الأشجار نتمنى أن تكون هذه الأشجار في ممرات الأضرحة الكريمة في مكة وفي المدينة بخاصة. وهذا كما قلت مظهر حضاري نحن لا نتعارض فيه مع الإِسلام، بل نطبق روح الإِسلام وروح حضارة الإِسلام. |
- أسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيد الأخ المهندس عمر قاضي وأن يعينه بمدد من لَدُنْهُ وأن يوفقه على أن يحقق الأمل ويبدع في العمل ويرفع مقامه في الدنيا وفي الآخرة ويقر به عيون أصدقائه، وجزى الله الأخ عبد المقصود خوجه على ما صنع ويصنع وسيصنع في تكريم الرجال وفي حفظ المآثر وفي إبهاج القلوب وفي إسعاد النفوس وفي بر القيم، ولا سيما في زمن طغت فيه المادة على الروح. |
- وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبقيكم ويحييكم جميعاً جنوداً له موفقين للخيرات وممتعين بالعافية والمسرات والعطاء الدائم وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. |
|
|