شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أحمد محمود ))
ثم تحدث الأستاذ أحمد محمود حيث قال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام، على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
- فإن من نافلة القول أن أزجي الشكر للشيخ الأستاذ عبد المقصود خوجه على تفضُّله بهذه الأمسية الجميلة التي ما كنت أتوقع أن أقابل بهذا الموج من العاطفة الجياشة الصادقة الأخوية، التي تفضل بها عليَّ أساتذتي وزملائي وإخواني. وإن كان المقام الآن هو مقام الاختصار بعد الإِنذارات المتكررة بسرعة الدخول إلى المائدة فلا يفوتني إلاَّ أن أذكر ثلاثة أيام:
- اليوم الأول الذي دخلت فيه إلى العمل الصحفي عاملاً بالمجان، فقد كنت أدرس في كلية الشريعة، وكانت بيني وبين زميلي الأستاذ نعمان محمد طاشكندي صداقة ومحبة في الله، فقد كان من الطلاب العلماء في ذلك الوقت فقيهاً ومؤلفاً، وكان يعمل في جريدة الندوة تحت رئاسة أستاذنا الفاضل محمد صلاح الدين، كمدير للتحرير في ذلك الوقت. وبحكم اتصالنا وزمالتنا كنت أذهب معه إلى مقر جريدة الندوة، أساعده في التصحيح مجاناً. وعندما انتقل الأستاذ نعمان إلى جريدة المدينة انتقلت معه، وعملت بضع أسابيع في جريدة المدينة أيضاً معاوناً بدون مقابل، وكنا لا نفترق، ثم اقترح عليَّ الأستاذ محمد علي حافظ في ذلك الوقت أن يستفاد مني في تحرير باب في جريدة المدينة، في عهد صحافة الأفراد، وأسند إليَّ إعداد صفحة دينية بحكم دراستي في كلية الشريعة أسبوعياً، وفرحت أيما فرح لسببين: أولاً لأنني اقتحمت هذا المجال بدون سابق إنذار، وثانياً هو المهم أنني سأتقاضى 400 ريال نهاية كل شهر، وكان ذلك مبلغاً كبيراً حل معظم أزماتي المالية.
- وهكذا بدأت عملي الصحفي بإعداد صفحة دعوة الحق في جريدة المدينة، ولقيت من الأستاذين هشام ومحمد علي حافظ منذ البداية دعماً وتشجيعاً كبيرين، وتعلمت الصحافة على يد أستاذنا الكبير محمد صلاح الدين، فعلى يديه درست حروف هجاء الصحافة.
- فقد كان يعلمني كيف أكتب الخبر، وكيف أحرره، وكيف أعنونه، وكيف أتابعه؟ ولأنه لم يكن عندي من الاهتمامات إلاَّ العمل والدراسة، فقد كان العمل مناصفة بين الدراسة في كلية الشريعة في مكة المكرمة ستة أيام في الأسبوع، وبين العمل في جريدة المدينة، وكان مكان نومي ووقته هو سيارة الأجرة التي نستقلها من جدة إلى مكة للدراسة، ومن مكة إلى جدة للعمل وما بين هذين الوقتين عمل مستمر، ونتيجة لذلك فقد تعرضت إلى الإِصابة بمرض فقر الدم، وأوصاني الطبيب بالاستراحة التامة وتحسين الغذاء.
- أما اليوم الثاني فهو انتقالنا إلى عهد المؤسسات جاء أستاذنا عزيز ضياء وتسلم مسؤولية جريدة المدينة، وللأستاذ عزيز ضياء بلا شك فضل كبير عليَّ شخصياً. فعند تسلمه المسؤولية قام بتقويم الجهاز، ولقد فوجئت من تقويمه بأنني كلفت بالعمل براتب شهري مقداره ألف وخمسمائة ريال، وهو مبلغ لم يمنح لأحد من المحررين غيري عام 84 للهجرة، فكان ذلك انطلاقة صاروخية في مجال الدخل.
- والحقيقة أن رحلتي في جريدة المدينة كانت سلسلة من الدفعات غير المتوقعة بالنسبة لي، وكنت دائماً أشعر أني ألاقي تقديراً أكثر مما أستحق، ووهبت للجريدة كل ما أستطيع من وقت وجهد المقل على كل حال.
- وعملنا في جريدة المدينة أسرة عز نظيرها في الصحافة في ذلك الوقت. والفضل بعد الله يعود أولاً إلى القيادة الإِدارية المتفهمة، وأعني بها فترة قيادة معالي الشيخ أحمد، الأولى للجريدة، وإلى روح العمل الجماعي التي استطاع أستاذنا الأستاذ محمد صلاح الدين أن يضيفها باعتباره مديراً للتحرير في ذلك الوقت على العاملين معه. حتى دخل فيروس الخلاف للمؤسسة، وليس كخلاف داءٌ يبدد الجهود ويفسد الأخلاق والعلاقات. فتركت جريدة المدينة عام 1394هـ، عندما شعرت أن الجو غير مناسب، ومن جريدة المدينة انتقلت إلى جريدة (Arab News) وكانت تجربة طريفة بلا شك. قبل أن أنتقل إلى (Arab News) عرض عليَّ أن أتولى رئاسة التحرير في جريدة إنجليزية أخرى لكنني آثرت العمل مع الأخوين هشام ومحمد علي حافظ لسابق العلاقة من جهة، ولمعرفتي بهم وسابق فضلهم في تشجيعي عندما كانا مسؤولين عن جريدة المدينة قبل عهد المؤسسات، وبالنسبة للأستاذ محمد علي حافظ في بداية عهد المؤسسات.
- ولكن أن يأتي إنسان لا يعرف اللغة الإِنجليزية ليكون رئيساً للتحرير، فهذه كانت تجربة تستحق أن تذكر، ولعل من بين المطبات القاسية التي وقعت فيها نتيجة عدم إتقاني للغة ولسرعة العمل وضغطه، وقلة الجهاز العامل بالجريدة في ذلك الوقت نشرنا شرحاً تحت صورة ممثلة اعتقاداً منا أنه شرح للصورة فتبين في اليوم التالي أنه نص آية قرآنية، وكان هذا من الكوارث الأولى والأخيرة التي مرت بي في جريدة عرب نيوز. وبعد شهور جئت إلى الناشرين وقلت لهم: يا إخواني ويا أصدقائي أحسنتم الظن، وقامت الجريدة وأنا أجد نفسي اليوم غير قادر على قيادة هذه الجريدة إلى الأحسن. أولاً أنا لا أحسن اللغة الإِنجليزية فمن المستحسن إسناد مهمة رئاسة تحرير هذه الجريدة إلى شخص يتقن اللغة، ويكون مهيئاً لذلك وقد جيء به ومشت الجريدة والحمد لله، فإذا هي اليوم واحدة من أبرز الصحف الإِنجليزية الصادرة في العالم العربي.
- تحدث أستاذنا الأستاذ عبد الله القصيبي فذكر بأن المدينة اختارتني للدراسة في الخارج، والواقع أن تلك الرحلة التي ذهبت فيها إلى الخارج لم تكن على حساب مؤسسة جريدة المدينة وإنما على حسابي الشخصي، وطلبت من معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم احتساب مدة غيابي لدراسة اللغة الإِنجليزية إجازة بدون مرتب، شعوراً مني في ذلك الوقت المبكر من عملي الصحفي أن الصحفي بدون لغة إنجليزية لا قيمة له على الأقل خارج المملكة، فوافق غير أني فوجئت عندما ذهبت لدراسة اللغة الإِنجليزية على حسابي وعدت فوجدت أني قد كوفئت بالفصل من جريدة المدينة، نظراً لتغير الإِدارة، لكن محبة الإِخوان في الجريدة أعادتني مرة أخرى إليها.
- بعد تجربتي الشخصية الفاشلة في قيادة عرب نيوز لتكون جريدة نظيفة من الأخطاء، تعكس العمل الصحفي الإِنجليزي الجيد، عدت للعمل في جريدة المدينة المنورة بضغط من معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم، والأستاذ محمد صلاح الدين، عندما عاد مرة أخرى لتولي قيادتها. وأشهد لله أن النجاح الذي أصابته جريدة المدينة في السنوات العشر التي كان معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم مسؤولاً عنها ذلك النجاح يعود أولاً بفضل الله، كما ذكر معاليه، ويعود ثانياً لتفهم معاليه لدور الصحافة ودور الإِدارة في دعم التحرير.
- لقيت من معاليه كرئيس لتحرير المدينة كل دعم وكل عون، ولولا ذلك الدعم، ولولا ذلك العون لتخبطت جريدة المدينة في المشاكل كما تتخبط للأسف الشديد بعض المؤسسات الصحفية كما نسمع اليوم. وعندما خرجت من جريدة المدينة في ربيع أول 1404 للهجرة، ما كنت أتصور أنني سأعود ثانيةً للصحافة، ولكن الرياح تجري أحياناً بما لا تشتهي السفن، فإذا بي أعود مرةً أخرى إلى جريدة "المسلمون" وعن المسلمون لن أتكلم ولكنني أقف موقف المستمع والمسترشد والناصح. وأرجو من كل أساتذتي وإخواني وزملائي أن لا يبخلوا عليَّ بالنصح أو التوجيه أو التقويم، وإني لأتقبل ذلك بكل صدر رحب، لتكون جريدتهم "المسلمون" في أحسن هيئة يريدونها، ولتؤدي تلك الرسالة التي يتطلعون إليها.
- وفي الختام وقد أطلت عليكم أكرر الشكر للأستاذ عبد المقصود خوجه، ولأساتذتي وإخواني ممن تكلموا في هذه المناسبة بما ليس فيَّ من صفات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :745  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 213 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.