شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مرحباً بالضياء
حيا الشاعر صدور ديوان أخيه الصديق العزيز العلامة الأستاذ ضياء الدين رجب بعد وفاته رحمه الله في هذه القصيدة:
علم الله ما نسيت ولا أنسيت
لكن شغلت بالهم بعدك
عضني الداء ضعف ما كنت تدريه
فكم عشت بالحقيقة عندك
ولقد تسبحون في عالم الأرواح
حياة تلقى بها اليوم وجدك (1)
ونعيش الحياة أطياف وهم
عشتها بيننا فما عشت وحدك
* * *
لا تلمني على القصور فوالله
يرغمني برغم في الحشاشة وقد
كم تمنيت أن أكون الذي أرجو
وحاولت والظروف تصد
وتهاوى على ما ليس في الحسبان
وما ليس بالعقول يرد
أنا بالله وحده أطرد الهم
وبالله وحده أنا جلد
* * *
ما عرانا نقص الحياة نعيماً
بل عرانا من النعيم اللغوب (2)
والمعاني عند الأديب هي النعمة
إن أخصبت فعيش خصيب
والمعاني إن أجدبت أقفر الخصب
وشاخت مع الوجوه القلوب
نحن في نعمة من الله وفر
هي في غفلة النفوس تذوب
* * *
التفاهات حولنا تغل الناس
ونفسي حتى تذوب المعاني
أنا أشكو نفسي ولست أزكيها
وأشكو معي بني الإنسان
والحياة الحياة جادت بما فيها
نعيماً يفضي إلى الإيمان
غير أنا إلى النعيم ركنا
وهجرنا موارد العوفان
وتهون الأعباء ما كثر الأحباب
لقياً فيها على كل معنى
كم أنسنا بالقرب منك وطابت
بك لي هجرة حياة ومغنى (3)
ما افترقنا يوماً سنين طوالاً
وارتبطنا عهداً وقلباً وذهنا
* * *
ثم عدنا إلى الديار وفي القلب
ندوب تخضخض الجسم وهنا
وظللنا على اللقاء وإن بعد المنزل
وازدادت الكواهل حملا
وفتحنا الصدور نلتمس الآمال
نعتد كل وعر سهلا
والمودات للقلوب غذاء
كم سعدنا بها على المر نهلا
لم تزل وحدها بقاء حياتي
أتداوى بها شباباً وكهلا
* * *
والحسابات في الحياة رصيد
بعض أرباحه يعوض بعضا
والمزيد المزيد في حسبة الأحباب
شعور يزود الحي ركضا
غير أن الفقيد في عالم الأحباب
رصيد يظل حساً ونبضا
مثلما يلهم السعادة رجعاً
تنهش الحسرة الجوانح عضا
* * *
وبهذا وذا تلقيت ديوانك
في دمعتي سرور وذكرى
فرحة بالتراث بعدك منشوراً
فتحيا به مراراً وتقرى (4)
كم زحمت الأحياء حياً وهذا
أنت ميتاً تزاحم الحي ذكرى
وطيوف من ذكريات زمان
وحبيب تعج في القلب حسرى
* * *
إن أكن منك حيث أنزلني الحب
فأطريتني صفات وذكرى (5)
وتلقيتني تشد على الكف
بقلب وبسمةٍ منك سكرى
الفقي قبل والأساتذة العقاد
وأنت اللصيق جهراً وسرا
انتموا انتموا الأولى ملأوا النفس
اعتزازاً وكان شعري ذخرا (6)
* * *
كنت أعتز بالمقالات نثراً
والأحاديث في المحافل جهرا
وتصدي العواد بنقد شعري
ويثنى خيراً ويكرم قدرا
والفقي قال في اليفاع كلاماً
لم يزل ينفح الجوانب عطرا
ورأيت العقاد يقرأ شعري
ثم يضفي الثناء جماً ووفرا
ثم ألقى إلى ما كنت أرجوه
وأسعى إليه كالحلم بشرى
وتهيأت للذي أسعد النفس
ورتبت للبشارة أمرا
وجمعت الديوان كي يكتب العقاد
فلم تفسح المنية عمرا
وتولى العقاد لم يكتب الرأي
ولكن غذا به النفس شعرا
* * *
كنت تدري هذا وبالقرب تدري
غيره فانثنيت بالأمر أحرى
وامتشقت اليراع بعد اطلاع
ممعن صغته حديثاً أبرا
ملأ النفس غبطة بمعانيها
وأروى زنادها واستورى (7)
هذه قصتي مع الشعر والنثر
أحي بها المحبين نثرا
* * *
إن عدوت الحديث عنك إلى الذات
فقد شئته اعترافاً وبرّا
علمتني بك الحياة كثيراً
وأفانينها تعددن كثرا
جمع الود بيننا فتساقيناه
كؤوساً من المعارف شكرا
كم خبرت الرجال من قبل ومن بعد
وقد كنت في الرجال أغرى
* * *
يا رفيق المنى وإن خابت الآمال
لهفي على الزمان الحالمْ
كم نعمنا به على نشوة الحلم
اقتناصاً من الزمان الظالمْ
وضحكنا وفي القلوب مآسٍ
والليالي من حولنا كالمآتمْ
ليس ذنبي وليس ذنبك أن الأقدار
شاءت والأنف لله راغمْ
* * *
كنت لي منفذ الرجاء على الغيب
تواسي همي بحلو الأماني
فكفاني إن خابت الآمال
جمال الرؤى وعشق المعاني
وكفاني رفيق صحبتك السمحة
في قسوة الظروف كفاني
حفلت جعبتي بخير هداياك
التقاء على هدى الإيمان
* * *
لا تخلني خلوت من عزمة الصبر
ومن بسمة الفؤاد الواعي
لم أزل أحرث المنى في ربى الفكر
بقلب المتيم الزراع
والبشارات بالثمار توافي
روضنا الخصب في كريم البقاع
فرعى الله للنفوس مناها
ورعى الله بالهدى كل راع
* * *
وقرأت الديوان أدرى بما فيه
وأسراره وخلف القوافي
كم روينا الأخبار عندك عني
ثم عندي عنك الكثير الخافي
وبسطنا الشؤون نستلهم الله
هداه وهو العليم الكافي
إن دهتنا الخطوب حتى عتبنا
فكلانا على الوفاء الوافي
* * *
لا أناجيك ناقداً فلقد أعلم
فوق الذي نسجت بشعرك
والذي سطرته كفك يكفيك
دليلاً على نباهة قدرك
غير أن الكثير من ومضة المنطق
والعلم والنهى تحت سرك
قد عرفناه والمجالس كنز
وأنا اليوم سابح حول ذكرك
* * *
وشجاني الحديث حين تبدى
شعرك الجزل في النسيج القشيب
فأردت الوفاء للود محضاً
واعتذاراً عن القصور المريب
قلت رأيي من قبل فيك رثاءً
وأنا اليوم في حديث الحبيب
هو مني عصارة من فؤاد
يحفظ العهد بالوفاء رطيب
* * *
مرحباً بالضياء أشرق في الشعر
وللنثر حظه منك بعد
يا ضياءً حديث قلبك أنغام
على معزف العواطف تشدو
جدد الشعر نفث سحرك في الناس
لحونا إلى السرائر تعدو
فابعث النثر للعقول خطاباً
فخطاب العقول وقْدٌ وبرد
* * *
والذي طالع الوجود بديوانك
أهل للشكر والعرفان
هو في دولة القريض أمير
لا تنحيه غلية النسيان
وهو أهل لأن يزيدك تبياناً
بنشر المطويّ من تبيان
فله الشكر خالصاً ولك الله
نزيلاً في ساحة الرحمن
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :637  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 1067 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.