شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور راشد المبارك ))
ثم أُعطيت الكلمة للدكتور راشد المبارك فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على نبيه الأمين. أيها الإِخوة الأحباء.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لسعادة أخي المفضال الأستاذ عبد المقصود كريم دعوته.
- وأشكر لكم جميل السعي وحسن الظن، وفي مقامي هذا خطر لي قول لأحد الكتاب الغربيين، وأحسبه إن لم أكن مخطئاً هو أناتول فرانس حينما قال واصفاً لأحد خصومه من الكتاب مادحاً لذلك الخصم مدحاً لا يحسد عليه. حين قال: إنه يملك موهبة هائلة على بسط أقل قدر من المعنى على أكبر مساحة من الكلمات. شعرت بذلك الشعور، ليس لاقتناعي بقدرتي المحدودة على عطاء الفكر واقتحامه، وإنما أضاف إلى ذلك العجز هو موضوع الحديث، وهو شخصي الضعيف، وما أحمله عن نفسي هو ما قاله الأول.
- وما أنا عن نفسي ولا عنك راضياً... وضمير المخاطب يعود إلى المتكلم. لقد شعرت بالحرج الشديد وأنا أقف ملزماً برباط محبة أخي الداعي وعواطفكم أقف تحت هذا الوابل من العواطف النبيلة التي أتقبلها وأغفرها لمعرفتي بدوافعها في كرمها ونبلها.
 
- وقد كنت ممن لا يرتاح إلى ما يصنعه الكثير، وتفيض به المطابع مما يكتب عن المذكرات وتاريخ الحياة، فإذا كنت لا أريد لنفسي ذلك، فإنني لا أنكره على فئة قليلة تكون حياتهم أسوة وأعمالهم قدوة، وما خطر لي يوماً من أنني من هذه الفئة. فغفر الله لإِخوتي ما أضافوه على شخصي الضعيف، ولن أقول أن هذا من الحب ومن الحب ما قتل.
 
- كلمة عابرة، لقد ذكر أستاذنا الجليل الأستاذ محمد زيدان عن أسرة الوالدة إنها من السعدون المنتفك، والصحيح أنها من السعدون الأحساء، وهم من بني قيس عيلان وليسوا من المنتفك في العراق.
 
- إذا كان هناك شيء أرجو أن تغفروا لي في أن أسألكم مشاركتي فيه هماً من هموم هذه الأمة، هماً يعيش في النفس والوجدان، ولا أجد فكاكاً منه، ذلك الهم الذي يصنعه تسريح الطرف في حال العالم الإِسلامي في أتعابه الممتدة التي قد يصعق فيه الخيال فيجده على غير ما يحب أو يهوى من ذلك الحال في جوانبه العلمية والتقنية والاقتصادية. وعندما يجد أن عالم اليوم مقسم إلى فئتين: فئة قوية غنية، هي الشعوب أو سميت الشعوب المتقدمة، وهي الصانعة لما تزخر به حياة اليوم من معطيات ووسائل تقنية وعلمية واقتصادية، وفئة أخرى أطلق عليها من باب المجاملة وأخشى أن تكون المخاتلة الشعوب النامية، وهي شعوب في أحسن حالها مستهلكة لما تعطيه الفئة الأولى، وفي أغلب حالاتها عاجزة حتى عن هذا الاستهلاك، ولو رجعنا قليلاً إلى الوراء مدةً لا تزيد عن قرنين أو نحوها، لوجدنا أن العالم الإِسلامي لم يكن متقدماً فلم يكن متخلفاً.
- وأتذكر تقريراً كتبه مسيو نافنبال، وهو أحد المختصين في الصناعة في فرنسا في القرن الثامن عشر، وكان يقارن فيه بين الصناعة وعلى الأخص صناعة الحرير في مصر وصناعة الحرير في ليون، وكانت خلاصة تقريره هو تفوق الصناعة في مصر على الصناعة في فرنسا.
- وكانت البحوث التي جاءت إلى فرنسا عندما جاء محمد علي اتجهت من عدة بلاد إلى فرنسا، كان منها بعثة من مصر، وبعثة من اليابان، وكانت اليابان في ذلك الوقت تستفيد مما هو موجود في مصر. فاتسعت هذه الشقة بين الشرق والغرب، وحصل بينهما ما قاله الأول.
وطالما كنَّا كغصن البانِ
لكنَّما وجدت بالنقصان
 
والمقارنة هنا ليست مكتملة لأنه كان فيما قبل ذلك في هذا الجانب. وأحسب أنه فيما ذكره.
- وهناك مقارنة تصورها مالك بن نبي رحمه الله عن حال العالم الإِسلامي اليوم وحاله بالأمس، وافترض تجربة تخيلية وهي أنه لو حضر مخلوق من خارج هذا الكوكب، وأخذ مركبة من هذه المركبات ولتكن الطائرة، وتحرك من غرب الكرة الأرضية من طنجة إلى شرقها في أندونيسيا، ورأى الجانب الذي على يساره وهو متجه إلى الشرق، أي الجانب الأوروبي، والجانب الذي على يمينه وهو الجانب الشرقي لهاله هذا الفرق الهائل بين ما يرى عن يمينه وما يرى عن شماله.
- ولو قدر لذلك المسافر أن قد سافر منذ ألف سنة لوجد الحال معكوسة تماماً لوجد التقدم والرقي والعطاء بالجانب الأيمن، ولم يكن بالجانب الأيسر. مما يلح عليه إرهاقاً وتفكيراً، تحت أي العوامل تضعف الشعوب وتقوى. هل هي عوامل نفسية؟ هل هي عوامل ذاتية؟ هل هي ظروف؟ يحلو للفرد منها أن يقدم أجوبة سهلة لأسئلة صعبة، فنقول هي الظروف والاستعمار وقلَّ أن نجد من حلل هذه المقولة وناقشها أو حكمها. وسأل هل الظروف والاستعمار نتيجة أم مقدمة؟ إذا كانت مقدمة أي جاءت على شعوب قوية مبدعة فكيف تغلب على قوة مبدعة وقوية؟ وإذا كانت هذه العوامل أي الظروف والاستعمار جاءت نتيجة فكيف تلومها على أن كانت نتيجة؟ وقد كان السب سابقاً؟ وتحضرني في هذه المسألة حديث لأحد من أعرف من الإِخوة الأصدقاء ذوي المكانة بالفكر والعلم، وهو حديث في منتهى البساطة، وفي منتهى قوة الدلالة على واقعنا. يقول هذا الصديق الكريم، وهو مسن أطال الله في عمره، كنت في العشرينات من هذا القرن صبياً لم أبلغ العاشرة، وكنت أتشوق لأصحب والدي من بلدتي الصغيرة إلى عاصمة بلدي لكي أرى هذه الأعجوبة وهي السيارة التي تتحرك. وإذا عرف أترابي من أبناء الجيران بذهابي مع والدي صحبونا إلى المدينة، وكانت السيارة في ذلك الوقت تصنع في ألمانيا أو تصنع في فرنسا أو تصنع في أمريكا، ثم تتعطل في المدينة فلا تذهب إلى محل صناعتها ولكنها تصلح في بلدنا.
- ونحن الآن بعد 65 عاماً تصنع السيارة في بريطانيا أو في ألمانيا أو في فرنسا وتستورد هنا والحمد لله لا تزال تصلح هنا. هذه على بساطتها كم هي بالغة الدلالة. أنا أوجه ذلك لنفسي ولإِخوة معي مشتغلين بالعلوم، فإذا سرَّح المرء طرفه في العالم العربي، وقد تكون الإِشارة أليه أقرب، فنجد فيه أكثر من 75 جامعة، في كل جامعة ما لا يقل عن عشر من الكليات الجامعية، في كل كلية ما يقرب بين المائة والمائتين من أعضاء هيئة التدريس. قد يكون نصفهم يشتغلون بالعلوم إلى جانب ذلك تضاف معاهد متخصصة من الأبحاث، ومع ذلك فإنني أبحث ما هو أثر ذلك العلم والأبحاث والتقنية في وضعنا الاقتصادي والاجتماعي والتقني.
 
- لا أريد أن أثقلكم بالألم كما أتألم، ولكنها دعوة لمشاركة أرجو أن تعذروني فيها، وأعود مرةً أخرى لكي أعتب على أخي وإخوتي ما أفضوه من كريم المشاعر، وأشكركم جميعاً وأشكرهم على تلك الدوافع النبيلة، دوافعهم فيما قالوه ودوافعهم بالحضور وكلاهما باهظ، وإنه ليتعذر عليَّ تفصيل باهظ عليَّ باهظ. أحييكم مرةً أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :532  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 196 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج