أمن أجل هذا جئتها؟ ليت أَنَّني |
أقمت، فلم أبرح دياري ولا أهلي |
وجرداء تَذْروها الرياح أحبُّ لي |
من الروضة الفيحاء تعبق من حولي |
ولكنها (الشورى) عَليَّ عزيزة |
إذا بَدَرَتْ ممن أُجِلُّ، ومن خِل |
فإن جمع الاثنين معنى موحدٌ |
تنازلت في بعض المَواطن عن عقلي |
فظن بي الأَدْنُون مالا أُحسه |
وظنَّ بي الأَهْلُون ما ليس من فعلي |
وما كنت من عشاق (ليلى) و (سِرْبها) |
ولا كان زيفُ العيش هَمّي ولا شغلي |
نزلت على حكم (المشورة) قادني |
إلى النجم أحياناً وحيناً إلى الوَحْل |
فإن سبحت بي الفُلْك في النجم صاعدا |
نسيت هوان الأرض واهتزَّ بي رَحْلي |
وأرجع من حيث ابتدأت مسيرتي |
فأصحو على وطء الحوادث والحِمْل |
وحول طريقي السائرون مواكباً |
مذاهبُهم شتَّى على العلم والجهل |
يمرون بي والعينُ بالعين تلتقي |
على نظرات واللسانُ على قول |
فكم منطقٍ يُرضي العقول ومَظْهرٍ |
يشوب فلا يُرْضي الخواطرَ بالمِثْل |
يُحَيّرهم أمري فمِنْ حسْن ظنهم |
رصيدٌ ومن ماضيّ ما ليس بالسَّهل |
وشى بي في أذهانهم من يريدهم |
رعايا وإن أضفى عليهم من الكَفْل
(1)
|
نسوا أنني ما عشت بالأمس غير ما |
أعيش ولم أثأر ولا ثُرْتُ من ذُلِّ |
دَرَجْتُ على النعماء في حِجْر والد |
تفيَّأ فضل الله في وارف الظِلِّ |
وعشت على آثاره في مطارفٍ |
تِلادٍ، طرافٍ، لست أشكو من القِلّ |
فهل حَجَروا معنى الكفاح على امرئ |
تَحدَّر من نذل، ورعرع في ندل؟!
(2)
|
ولو كان ما ظنوه حقاً ومنطقاً |
فأين إذاً معنى المروءة والبذل ؟! |
ولي خَلَواتٌ ما دروا سرَّ كُنْهها |
فضاق بها صدر وراح لها يَغْلي |
وضقت بها من قبلهم في مواطن |
كثيراً وكم لَمْلَمْتُ عن مثلها رجلي |
أحبُّ الضُحى بل أعشق النورَ موكباً |
لكل معاني الحق والحب والنُبْل |
وأدخل جوف الليل ستراً وجُنَّة |
على كل ما أرضى من الأمر والحِلِّ
(3)
|
ضرائب للآمال غيرُ رخيصة |
وكم دونها الأموال في العبء والثُقْل |
رضيت بها حتى لقيل مُوَلَّهٌ |
وأي فتى يرضى إذا اختار بالغُل
(4)
|
يحبب أغلالَ الرجال إليهمو |
مآربُ أغلاها الغرامُ وكم يُغْلي |
ورب غرام قَدَّسَ الله سِرَّه |
وباركه في الرحل منه وفي الحِل |
وما ضقت "بالشورى" ولا صرت ضدها |
وأدعو إليها الناس في الربط والحَلّ |
ولا أنا منْ قد يَغْمط الرأي حقه |
ولا كلُّ رأي للصواب على عِدْل |
* * * |