يا صاحبَ المنهل المورود طاب لنا |
سُقْيا وطِبْتَ به من صاحب ساقي |
أفنيت عمرك في درس ومعرفة |
تعطي وتبحث في عمق وإغداق |
العلم عندك تمحيص وفلسفة |
والفهم عندك تحليق لآفاق |
هذي الصحائف بالعرفان شاهدة |
أكرم بها من أحاديث وأوراق |
هي الخمائل بالأزهار حافلة |
هي المشاعل من حُبّ وأشواق |
فالعلم للنفس إن تألفه جَنَّتُها |
والعلم كالماء في ريّ وإيراق |
وطالبوه عليه خيرُ مُجْتَمَعٍ |
فالعلم تهذيب أفهام وأذواق |
وليس بالكَمّ حفظاً أو مُناقلةً |
فقيمة الشمس في ضوء وإشراق |
يا صاحب الخلق المرضيّ أسعدنا |
منه الوفاءُ وحلاّه بترياق |
هو التواضع طبعاً والنهى أدباً |
وللكرامة ميزان بأعراق |
لا يستهين بتلميذٍ وناشئةٍ |
ولا يُقَلّل شأنَ المنهج الرّاقي |
همو الرجال لأقدار الرجال رَعَوْا |
وللبنين: احتضان الواثق الواقي |
عفُّ اللسان عفيفُ النفس ما أَلِمَت |
منه المروءة في فان ولا باقي |
يا صاحبي ورفيق الدرب أوحشه |
فَقدُ الأحبة في صمت وإرهاق |
هذا (النبيه) الذي أَدَّبْتَ أرقبه |
فيك الرَّضِيَّ على أرث وأخلاق |
أوصيه (بالمنهل الغراء) يحفظها |
على الزمان ويرعاها بإشفاق |
ومن بنيه لها جندٌ وحامية |
فهي التراث لهم من مجد عملاق |
خمسون عاماً تقضت وهي معلنة |
جهد "المعلم" من قلب وأحداق |
علامة من علامات الطريق هنا |
لا ينكر الفضلَ إلا كُلُّ مِمْلاق
(1)
|
عَزَّ الفراق وعَزَّ القول وانبجست |
منا الدُّموع رجاءَ الواحد الباقي |
* * * |