| مضى العام يا عبد الكريم.. وليته |
| تحقق فيه ما صبوتَ له دهرا |
| وما متَّ يا عبد الكريم، وإنما |
| غدوت لنا من خلف أظهرنا ظَهْرا |
| تجدد ذكراك اللهيبَ بأضْلُعٍ |
| تحِسُّك في عُمْر النِّضال كما البُشْرى |
| نعم كنت أرجو أن نراك بأرضنا |
| رضياً كلانا: ما أبرَّ وما أحْرى |
| وقد كنت ترجو أن تُعَمِّر كي ترى |
| بعينيك هذا اليوم أكرمه عُمْرا |
| ولكنها الأقدار تختار دوننا |
| وما اختارت الأقدار تجري به أمرا |
| رضينا قضاء الله فينا وبيننا |
| وللصابرين اللهُ ما زادهم صبرا |
| ويا أنت يا عبد الكريم، ولا أرى |
| على اسمك ما يدعو إلى غيره ذكرا |
| بأي نعوت المجد أدعوك إنني |
| أراك (سَمِيَّ المجدِ) صورتَه الأُخرى |
| فيا أنت يا عبد الكريم تحية |
| إليك بفأل النصر أبعثها تترى |
| أحيّيك لليوم الذي قد رجوته |
| وسامرتنا الليل الذي يسبق الفجرا |
| أينساك إخوان الكفاح، وإنما |
| جمعت وإياهم على أكرم الذكرى |
| معاذ الهدى إنا على العهد مثلما |
| رأيت فإن نسكت فقد نأكل الجَمْرا |
| أحيّيك لليوم الذي امتدَّ صُبْحُهُ |
| من الرّيف يبدو عند كعبتنا ظُهْرا |
| حملت إلينا "الشمس" في كفّ مؤمن |
| وقد كان ليلُ الشرق لم يرفع السترا |
| فعادت إلى الإشراق من حيث بدؤها |
| تعاود مجراها، وتستأنف المَسْرى |
| فيا فالق الصبح الذي عشت بعدَه |
| على القَيْظ تستملي أشعتَه الحَرَّى |
| عساك رضيَّ النفس والنور دافئ |
| رطيب وهذي الشمس تستعجل العَصْرا |
| لك الله ما أقسى الذي قد حملته |
| وفي الأرض أقزامٌ تناصبك الشرَّا |
| يضيقون بالأفذاذ ذرعاً ومنهجاً |
| ويوغر مجدُ الناس أمثالهم صدرا |
| فعشت على اللأواء كالطَّوْد شامخاً |
| يقهقه "للتيس" الذي ينطح الصَّخْرا |
| وما ضر أن نالوك يوماً فربما |
| قذى الأرض غطّى (الشمس) يوماً وما ضرَّا
(1)
|
| وما ضرَّ أن نالوك غَدْراًً فإنما |
| تنال أسودُ الغاب في غابها غَدْرا |
| ويا قاهر الأبطال والسيفُ مُشْرَعٌ |
| فما أنت من يَمْضي إلى حَتْفه قَهْرا |
| دلفت إلى الموت الزؤام مغامراً |
| مِراراً، جهاراً، ثم راودته سِرَّا |
| فلما أتاك الموتُ من حيث لم تكن |
| تبالي رأيت الموتَ غايتَك الكبرى |
| وراح عدوُ المجد بالموت شامتاً |
| وأحقر أن يُبْدي شماتته جهرا |
| وفارقت أرض الناس تسمو على الثرى |
| بروحك حتى صرت في كوكب الشِّعْرى |
| تُطِلُّ على الأمجاد من ذروة العُلا |
| وتستشرف الغيب الذي عَزَّ أن يُدْرى |
| مكانُك بين الخالدين ممهد |
| وذكرك فوَّاح، كمنبته عطرا |
| وخلّفت للأرض الحطام تنازعوا |
| عليه ككنز ضَمَّ في جوفه تِبْرا |
| وخلَفت للأجيال بعدك عبرة |
| سوالفَ تستهدي فتنفحها طُهْرا |
| دروس من التاريخ أوصل بينها |
| فجدُّك في الأولى وجئت له إثرا |
| تقول لمن أعشى ضياؤك عينَه |
| تنكب عن العلياء لا تَرْكَب العسرا |
| أبوك أمير المؤمنين فهل نرى |
| عجيباً إذا ما كان أورثك السِّرا |
| * * * |