أتاني - رسول الله - داعيك، فانتشى |
فؤاد مشوقٌ، في هواك مُتَيَّمُ |
وكنتُ كما الطير الحبيس، يَشُدُّني |
إليك حنيني، والحوادثُ تَزْحَمُ |
فأطلق من قيدي النداءُ، وربّما |
أهاب بعزم القاعدين مُتَمتِمُ |
وما كنتُ غير الله أرجوك قربة |
وهل قربة أزكى لديه وأكرم؟؟ |
وفي عِزّة المقصود عِزٌّ لسائل |
ومن شرف المقصود يَشْرفُ سُلَّم |
وكيف نماري أن تكون مشفعاً |
بجاهك عند المصطفيك ليعلموا؟؟ |
به بعد أن جاز الخطيئة نادماً |
وتاب لمولاه تَوَسّل آدمُ |
لقد خارك الله الرسول لخلقه |
وشافعهم - يوم الزحام - ليُرحْموا |
وخاتمةَ الرسل الكرام وكلُّهم |
بعهدك موصولُ إليه وأقسموا |
* * * |
لذلك كنت المصطفى دون غيره |
إلى الخلق من إنس وجن تَعْلم |
فأنت - إذاً - منهم إليه وسيلة |
كما هو قد سوّاك منه إليهمو |
وما كنت غير الله - والله - عابداً |
ولكنَّ حبَّ المصطفى منه مُلْزِم |
أتيتك والأحزان ألجمن شاعراً |
يجلجل، لكن في رحابك أبكم |
هو الحبّ إن مَسّ القلوب تكلمت |
وقد تسكت الأفواه حين تَكَلَّم |
وأنت لأصوات القلوب مُسَمَّع |
وَبرٌّ لأحوال القلوب مُتَرْجِمُ |
شددتُ إليك الرحلَ والمسجدِ الذي |
إذا لم تقم فيه فما هو مَعْلَم |
بذاتك صارت طيبة بعد يثرب |
ولولاك عاشت غَيْهباً ليس يُعْلَم |
أتيتك أجترُّ الهمومَ أبثُّها |
إلى الله في ساحٍ بقربك تُكْرَم |
أعيش مع الأحزان في وحدة الضنى |
وألقى البرايا ناعماً يتبسم |
وما ذاك إلا أنني عشت مؤمناً |
بربك، والإيمان لا يتبرم |
أضيق؟ نعم؟ إني أحسّ وآلم |
ولكنما الإيمان بالله بَلْسم |
يُداوي جراحي أنني غَيْرَ بابه |
وتزدحم الأبوابُ - ما كنت أَلْزُم |
هو الله لا رب سواه وكلَّهم |
لديه عبيد، مثل حالي وأظلم |
أتيتك والأشواق تسرع بالخطى |
إليك، وقلبي غُنْوَةٌ تترنم |
وأنت سميري في الدجى حين أختلي |
إلى الله ما أنساك قَطّ وتَعْلَم |
يضيئ بك الليل البهيم لعاشق |
تَبَتَّل في نجواك، والحبُ مُلْهِم |
ومن فوقنا مَنْ يرقب الناس كُلَّهم |
فإن راقبوه أبصروه، وألْجموا |
تجلّى لهم نوراً يُغشَىّ قلوبهم |
فتسبح في نور، حواليك حُوّم |
فيا رحمةً من الله خلقه |
وفيك الهوى دين وعشق ومَغْنَم |
رميتُ بك الأحزان تترى مواكباً |
تبثّ الضنى، والشرُّ بالخير يُرجَم |
* * * |