دعانا رسولُ الله أكرَم دعوة |
تزيد بها في عاشقيه كرامتي |
وإن كان فوق المستحق عطاؤه |
وإن كنت لولا البرُّ - دون العَطِيْة |
ولكنه المبعوث للناس رحمة |
فكيف به لا يستضيف محبتي |
أتانا بها - من غير وحي - حميزتي
(1)
|
ولكنه الإلهام نور البصيرة |
فقلت له: يا حمزة الخير إن نكن |
دعينا فسل عن منزل بالمدينة |
فنحن على ميعاد مولد أحمد |
وليس لنا فيها مكان لِخُطْوة |
بها يلتقي الأحباب من كل فَدْفَدٍ |
ويسعى إليها العاشقون بلهفة |
تُجَمِّعُهم في الحبّ ذكرى (محمد) |
وتسكب فيهم صبوة فوق صبوة |
وما برحت ذكراه خمساً تجدَّدتْ |
على كل يوم في الحياة وليلة |
وما هي خمساً في الحقيقة إنما |
على عَدِّ دقات القلوب المُحِبَّة |
ولكنها الذكرى وفي بعض حالها |
بشائر من فيض السماء تَجَلَّتِ |
فلما وجدنا في المنازل فسحة |
وَقرّ لنا بيتٌ كريمُ المَحَطَّة |
تَيَقَّنت أن الله قابل دعوتي |
وما خاب من يرجو سواه المَحَجَة |
وقلت له: يا حمزة الخير سِرْ بنا |
أُروّي بلقيا سيدِ الخلق لوعتِي |
عسى في رحاب المصطفى يجمع الهدى |
شتات فؤادي أو تحقق منيتي |
فقد طال ما عانيت في غربة الجوى |
فراقَ فؤادي من فراقِ أحبتي |
ولما شددنا الرحل ناجاه خافقي |
وناداه يا خير الورى فيك رحلتي |
ولله في ظل النبي وجاهه |
وروضته الفيحاء وجهت وجهتي |
حبيبي حبيب الله إن لام عاذل |
فلا عبئت أذناي منه بلومة |
نعم أنا أهواه وأهواه عاشقاً |
تبتّل في محرابه بالمَحَبَّة |
نعم أنا أهواه استجابة مؤمن |
لأمرٍ من الرحمن في كل آية |
وأهواه إيمانَ اليقين بفضلة |
فلولاه - بعد الله ضلّت سريرتي |
وأهواه عشق الذائقين لحُبِّه |
وفي الذوق ما يُغْني بعذب الحلاوة |
وأهواه ذوق العارفين بسرِّه |
وسرّ رسول الله فوق البلاغة |
وأهواه نَبعا للبلاغة عنده |
تَعُبُّ لساناتُ النُّهى والفصاحة |
وأهواه نوراً تَسْتَحِمُّ بضوئه |
قلوبُ الورى يهدى بأسنى الهداية |
وأهواه قرآناً تنزل باسمه |
من الله قرآناً إلى كل أمة |
وأهواه (معراجَ) النفوس لربها |
ومشكاةَ أسرار السماء العجيبة |
وأهواه مفتاحَ العلوم وكنزها |
فلولاه لم تَحْبُ العلوم لغاية |
وأهواه من سرّ الإله أشعة |
بها يستضيء الكون من كل ظلمة |
فلولا معاني الله في الأرض لم تكن |
لتعلم من أمر الهدى غير لُقْمة |
ولولا معاني الله بزّت بهائم |
بني الأنس حتى طاولتَهم بصَوْلة |
فما ميّز الإنسانَ في الخلق جسمُه |
ولكنه بالعقل في خير ميزة |
ولولا هدايات السماء لعقله |
لزاد به في الخلق شرُّ الخليقة |
وما كان موسى قبله وابن مريم |
وغيرهما إلا بشير الرسالة |
به ختم الله الرسالة للورى |
فجاءت به في تِمّها كالعروسة |
تكامل فيها الحسنُ صنعة خالق |
ومن هو أوفى منه في حسن صنعة |
لك الحمد رب العالمين على الهدى |
وعن بعث خير الخلق في خير بعثه |
ويا مصطفى الرحمن من كل خلقه |
ورحمته في الأرض أبلغ رحمة |
عليك صلاة الله ملء علومه |
وذلك أوفى القول من كل قَوْلة |