طرقتُ بابَك، كَفّي - ربِّ - ما طرقتْ |
يَدَيْن غير يديْك البَرَتَيْن نَدَى |
عَلّمتَنا القرضَ عونَ المؤمنين، فذا |
وَصْلي بهم حين أرجو عندهم سَندا |
وأنت تعلم لم أقبل هديَّتهم |
في موضع الرَّيْب، أو صانعتُهُم دَدَا
(1)
|
إلاّ الأحبّة إنّي حين أقبلُها |
منهم فأجزي عليها ضِعفَها وَجَدَا
(2)
|
ولا أرى القَرْضَ إلاّ مِنّة وَجَبَتْ |
لم يَكْفِ في الشُّكر عنْها ردُّها أبدا |
فما قبلتُ بها إلاّ لذي خُلُق |
سامٍ ومعرفة بالنّاس ذات صدى |
فضلٌ تعوّدتُ في رَغْدٍ وفي شَظَفٍ |
فلا تَكِلْنِي إلى ظَنٍّ يصير سُدى |
وما يئست ولكن رُبَّ حادثةٍ |
من الزّمان لها درسٌ يطول مدى |
أخالُها - حُسْنَ ظَني فيك - آذِنةً |
بالغيب يقصِر عنه الغيثُ مُلْتَحدا
(3)
|
فشئت أن تنزع الإسرافَ عن كَبِدٍ |
عاشتْ على البَذْل لكن لا تَمُدُّ يدا |
عَلَّمْتَها أن بذل المال في دَعَةٍ |
حتى على الخير قد يستوردُ النَّكَدَا |
درسٌ وَعَيْناه بعد العمر ما نفدت |
به السنونُ ولا أرجو له مَددا |
ما كنت أحْسبنِي أحيا لأثْقَفَه |
وإن هَدَيْتُ إليه البنتَ والولدا |
لعله آخر الإعسار شئت له |
هذا العناء لهذا الدّرس قد قصدا |
يا واهبَ العلم أمهلني إلى أجلي |
فقد رُبيتُ على نُعماك معتمدا |
وأفعلُ الخيرَ لا أبغي به سَفَهًا |
ولا إثارة إعجابٍ لمن شهدا |
وأبتغي السِّرَّ فيه قَدْرَ ما وسعت |
له الظُّروفُ ولم أُثْقِل به أحدا |
وأصطفي النّاسَ فيه رُبَّ واحِدهم |
أراه ألبسنِي الإحسان لو وجدا |
أراه إذْ يقبلُ التعبيرَ عن خَلَدِي |
بالعون مني فقد أسدى إليّ بدا |
أستغفر الله عن ذكرى لما قَصَدَتْ |
نفسي به الله ربًّا واحداً صمدا |
وهو العليم بما فيها ومقصدها |
لكنه قال: إدعوني، لنجتهدا |
أدعوه مستشفعاً من عونه مَدَداً |
أعطاه، ملتمساً من فضله مَدَدَا |
يا واهبَ العلم أمهلني إلى أجَلي |
ليس الجديدُ بمُجْد بعد ما نفدا |
واشمل بفضلك من بعدي العيالَ فما |
أرجو على الأرض بعد اليوم لي أَمَدا |
إلا رضاك، وما حَمّلْتَني كبَدَا |
أفدي بِهِ الدِّينَ والأهلينَ والبلدا |
إن كان في العمر لي من شأنه سَعَةٌ |
رضيتُ بالعبء حتى أبلغ الرَّصَدَا
(4)
|
* * * |