سلام على نجوان في جَنّة الخلد |
سلام عليها ما نعيد وما نبدي |
فقدتك في أسمى اشتياقي وحاجتي |
إليك ولكن ما عسى الحزن أن يجدي |
فيا حسرتا - والحزن يعصر مهجتي |
على أنني أشقى بفقد على فقد |
وما كنت وآيم الله - أرضى بفقدها |
بكل كنوز الأرض في الصين والهند |
وهل ثَمَّ كنز مثل كنز محبة |
ظللت لها عمري أحنُّ إلى الوعد |
فلما تلاقينا - وما أسعد اللقا - |
إذا هو قرب يستحيل إلى البعد |
ويا ليته بُعْداً يرجى انتهاؤه |
ولكنه بعد يصير إلى بعد |
وكل عزاء النفس أن فراقنا |
عميقُ وصال لا يُكدَّر بالصد |
وكم من وصال أطفأ الحبَّ بردُه |
وكم من فراق لا يصير إلى بَرْد |
وإن كان ما فينا من الحب بعضُه |
يحوّلُ دنيانا إلى جنة الخلد |
فنحن نسيج بارك الله جَمْعَه |
فسوّى به ضداً حبيباً إلى ضدّ |
ومن عجب يفدى حبيب حبيبَه |
وقد كان من جَدّ عَدوّ إلى جَد |
ومن عجب تفدي النساءُ رجالَها |
فمن هو أولى بالفداء ومن يُفْدي؟؟ |
ولكنه الحب الذي ليس مثله |
وفاء وإخلاصاً وبذلاً بلا حد |
حنانيك ما أقسى النوى وأمَرَّه |
وإن كان من سعد الفناء إلى السعد |
أردتك للأخرى وللنفس لم أكن |
أبيعك بالدنيا ولو جمعت عندي |
رجوتك للأمر الذي عشت حالماً |
بتحقيقه يوماً وما بلغت زندي |
فلا الحلم أدركنا، ولا السلم لفنا |
ولا الوصل عزانا عن الحُلْمِ والقصد |
وكنت رجائي قبل كل رَجِيّة |
فصرت عزائي أن بليتُ وأن أُكدي |
فيا ليتنا - لو كنت أدري مصيرنا |
قنعنا من الوصل المُقَنَّع بالود |
وإن كان بعض الهجر في بعض حاله |
أخف من الوصل المبرح بالعمد |
ولكنَّ حالينا عجيب ونادر |
فلا البعد عن عمد ولا القرب بالقصد |
يزيد بلائي فيك حبٌّ أُكنُّه |
وحبٌّ تلقَّاه الفؤاد بلا حَدّ |
ويا روح نجوان وما غبت لحظة |
أعيذك أن أشقى بِبُعدين من بَعد |
سأحيا على الذكرى فكوني أنيستي |
ولا تتركيني عند لوعتها وحدي |
ولن أنس ما قد يفسح العمرُ مَنْ لها |
علينا وفاءُ الحق واسطةَ العقد |
تولت تناجيني تدهده خافقي |
وتنعش آمالي وتنفخ في أَيْدي |
وظلت لقلبي بعد قلبك سَلْوَة |
على شرف اللقيا ومكرمة العهد |
رعتني كما أوصيت يالكما معاً |
مناهل حبّ طاب مشربها ورْدِي |
وإن كان شأني عندها غير واحد |
فهذا بلا حدّ وهذا إلى حد |
ولكنها الأقدار قد تسعد الفتى |
بما ليس في خَلْد ولا مر بالخَلْد |
لي الله لا أشكو إلى الله فضله |
إذا هو يجزيك الأُجورَ بلا عَدّ |
شهيدة حب في نبيل مواقف |
وأكرم أرض في محاسن من قصد |
وأنت لفضل الله أهل بفضله |
وقد شاء أن حَلاَّك بُرْداً على بُرد |
وَربِّ الضحى ما ودّع الله أو قلى |
سيرضيك إذ يسقيك من كوثر الشهد |
وإن عزاء النفس أن فراقنا |
قصير وأنَّا الموعدَ الحقَ نستجدي |
فهل لي إلى جَنْبَيك في الخُلْد مقعد |
يُعوِّض هذا البعد وَجْداً على وَجْد |
وإني بحظى من دعائك أرتجي |
قبول كريم لا يَضنُّ على عبد |
هو الله أعطاني فأغدق نائلي |
وذروة هذا الحظ أنت بلا نِدّ |
فلا أشتكي إلا إلى الله لوعتي |
وبثّي إليه ما حييت مع الحمد |
هو الله قُدّوس تبارك وحده |
له الحمد إذ يبلو له الحمد إذ يُسْدي |
* * * |