قد كنت أحسب أن حبك باقي |
ما أشرقت شمس على الآفاق |
لكن توهّمت السّرابَ بُحَيْرةً |
ظمئى، بها أوحي إلى أعماقي |
وظللت ألتمس الرواء، فأرتوي |
إذ ترتوين بخافقي الدّفاق |
وظننت أن الحب زاد ُحياتنا |
أبد الحياة فهمْتُ في أشواقي |
وظننت أن الحب كنز دائم |
كالغيث لا يفنى من الإنْفاق |
فكلاهما نبع السماء ولا أرى |
نبعَ السماء، وفيضَه لِنَفَاق
(1)
|
وأخذت بي، وأنا الذي ما غَرّه |
شيء، وإن أغضَى، لكل نِفاق |
ما غرني منك الحديث ولا اللَّها |
فلقد عزفت عن الهوى البرّاق |
لكن رأيت الحب، وهو حقيقة |
سطعت على عينيك في إشراق |
وظننت أن الحق جوهر فكرة |
إن ماتت الأجساد فهو الباقي |
يحيا على مَرّ الزمان، وكَرّه |
من غير أكباد ولا أحداق |
ونسيت أن ((الرأي)) يفنى مثلنا |
ما لم يَعِشْ يَنْصَبُّ في أعراق |
وأرى السعادة حين تلتهم الفتى |
أخذت بكل فؤاده الخَفّاق |
فيضلّ بين شؤونها وشجونها |
وَعْيُ الأريب، وفِطْنَةُ الحُذَّاق |
وإذا النهاية لم تَبَرّ ظنوننا |
فلقد سعدنا حقبة بوفاق |
وإذا شربت الكأسَ من حلو المنى |
لم تُذْهِبِ الأيامُ طَعْمَ لُعاق |
أنا ما جحدت نعيم حبك إنما |
أشكو جحيم فراقك الحرّاق |
ولقد أضن بأدمعي في محنة |
تهمي الدموع لها بغير فَواق |
إلا عليك، فما ضننت بمهجة |
سالت مع العبرات في أوراقي |
أعطيتني ما أن أخذتِ على المدى |
مني، رضيتُ به رضى العشاق |
* * * |