شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عزيز ضياء ))
ثم أُعطيت الكلمة للأستاذ عزيز ضياء الذي قال:
- بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- هذا اللقاء الذي يتاح لنا فيه أن نجتمع برؤساء الأندية الأدبية في المملكة يذكِّرني بأول لقاء سطعت فيه فكرة هذه الأندية، وكان ذلك في الرياض بمناسبة التفكير، على ما أذكر، في استعادة سوق عكاظ، واجتمعنا في مجلس صاحب السموّ الملكي الأمير فيصل بن فهد. ولست أدري مَن الذي طرح فكرة تأسيس أندية أدبية، فإذا بهذا الأمير الشاب الرائع يصرِّح بأنَّ مَن يطلب تأسيس أندية فسيجد الترحيب في الحال، وكان معي الأستاذ محمد حسن عوّاد فتهامسنا، وقلت له: ما رأيك في أن نتقدَّم بطلب تأسيس نادٍ أدبي في جدة؟ والعوّاد رحمه الله، كان رائداً من روّاد الفكر والأدب في هذا البلد، كان رائداً لن يُنسى أبداً، فقال: هل ترى أن نكتب لسموّه الآن؟ فقلت: بلى، ولا أخفي أنّي كنت أشعر بأنَّ هذا الطلب سيأخذ طريقه المعتاد الرسمي من إدارة إلى أُخرى، ومن مكتب إلى آخر، فكأني كنت أتحدَّى أو اختبر الفكرة التي طُرحت، فأخذت القلم وكتبت الطلب مقدّماً إلى سموّ الأمير فيصل بن فهد نطلب فيه، العوّاد وأنا، تأسيس نادٍ أدبي بجدة، وقدَّمت إليه الطلب بتوقيعي وتوقيع الأستاذ العوّاد، وظللت في نفسي أردِّد أنَّ الإِجابة أو الموافقة على هذا الطلب ستستغرق وقتاً قد لا يقلّ عن شهر مثلاً، وكنا قد دُعينا لتناول طعام الغداء في دار سموّه، وكان من أغرب ما لقيته في حياتي أننا بعد أن تناولنا طعام الغداء وجئنا نسلِّم على سموّه مودِّعين، تلقيتُ مظروفاً وفتحته فوجدت فيه الموافقة الرسمية على تأسيس نادٍ أدبي في جدة، وفرحنا وكانت مفاجأة لي وللأستاذ العوّاد ولمن حضر معنا. وأعتذر عن ضعف ذاكرتي من الذي تقدَّم بعد ذلك بطلب تأسيس نادٍ أدبي، لعله الأستاذ ابن إدريس أو غيره. المهم في الموضوع أننا عدنا إلى جدة وفي يدنا الموافقة على تأسيس النادي، وأخذنا نفكِّر في الناحية المادية ومَن الذي سيساعدنا على ذلك؟ ولم يطل بنا الانتظار، فقد بلغنا بأن الرئيس العام لرعاية الشباب قد أَمر باستئجار مكان وتأثيثه إلى آخره.
- كل هذه ذكرى يثيرها اجتماعنا هذه الليلة بالأخوة رؤساء الأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية، ونحن سعداء بالاجتماع بهم. ولكن ما ينبغي أن يقال في هذه المناسبة هو أننا في نادي جدة على الأقل أو في نادي أبها بالذات لأن لي معه حكاية خاصة في هذا النادي، وأعني نادي جدة، فقد كان الحوار دائماً حواراً بين المحاضر والحضور، وكان الحوار يحتدم أحياناً، وكان من هذا الاحتدام ما جعلنا نظن أننا تجاوزنا الحدود التي كان ينبغي للنادي أن يتمسَّك بها، لأنه أولاً وأخيراً مؤسسة حكومية، وفي كل مرة يحتدم فيها الحوار كنت أنتظر ما يمكن أن يسمى أمراً بألاَّ يمتد الحوار إلى ما وصل إليه، وهذا بالرغم من أنَّ ما انبثق من هذا النادي تتخذ منه بعض الصحف وسيلة لاستعداء السلطة على النادي وما يدور فيه من حوار، وفي كل مرة أقرأ فيها مثل هذا الاستعداء كنت أعتقد أنه سوف يسفر إما عن: إغلاق النادي أو إلغاء وجوده أو إيقاف الحوار أو، أو، إلى آخره. لم يحدث شيء من هذا بالرغم من أن ما ألقي من محاضرات في نادي جدة الأدبي لم يكن النوع الذي تحتمله بعض النفوس أو بعض العقول ولا حاجة بي إلى أن أذَّكر أو أذكر أسماء معينة من الذين حاضروا في هذا النادي ومن الذين ناقشوا وحاوروا، ولكن الغريب والرائع والذي ينبغي أن يذكرَ وأن نذكره جميعنا هو أنه لم يحدث قط أن نجح الذين استعدوا الدولة على النادي أو على رجاله أو على المفكرين فيه أو على الذين حاوروا وناقشوا بعض الأفكار التي لا تخلوا من خطورة بالنسبة لأجواء معينة.
- ولعله مما ينبغي أن أذكره الليلة أنني قد دعيت إلى نادي أبها وكان الأستاذ رئيس النادي الحميد.. هو الذي دعاني فذهبت وليس في فكري ماذا سأقول أو عن ماذا سأحاضر، ولكن المشكلة التي كانت مطروحة في الصحف في تلك الأيام هي الغزو الفكري، فاخترت أن أتكلم في نادي أبها عن الغزو الفكري، ولعل مما لا أرضى عنه لنفسي أني أكثر جرأة وصراحة مما ينبغي، وألقيت تلك المحاضرة التي أحسست أنَّ الأستاذ رئيس النادي كان يمكنه بسببها أن ينهي علاقتي ليس بنادي أبها فقط وإنما بأي نادً آخر.
- ولكن الذي حدث رغم كل الذي قلته وقد كان كثيراً ورغم استعداء بعض الذين تعودوا استعداء الدولة على الفكر، رغم كل هذا لم يحدث قط لا بصورة رسمية ولا بإشارة خاصة أن نُبِّه عليَّ أنك قد تجاوزت الحد فيما قلت.
- ننتهي من هذا إلى حقيقة وهي أن الفكر يتمتع بحرية لم يسبق له أن تمتع بمثلها قط ليس في النادي، وإنما على صعيد الفكر بشكل عام. ولذلك أنتهي إلى الترحيب بالإِخوة رؤساء الأندية، وبالشكر أتوجه به إلى الأستاذ أو الابن أو الأخ عبد المقصود خوجه الذي أتاح لنا هذا اللقاء، وكنت أتمنى أن لا يكون فيه هذا السخاء بالأكل، ولعلي قد ذكرتُ هذا له وكتبته أيضاً وتمنيت عليه أن يكتفي بشيء من البليلة أو اللدو (1) إلى آخره، ولكنه مصر على أن يولم هذه الولائم السخية.
- وأحسن ما أريد أن أختم به هذه الكلمة هو التنويه والإِعجاب والتقدير الكبير جداً لأمير الشباب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد الذي أكد بحرصه وبشعوره الطيب على أن حرية الفكر مضمونة في هذا البلد والحمد لله، والسلام عليكم ورحمة الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :576  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 163 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.