شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثورة إيمان
ليس عيباً أن تمر بالرجال أزمات، بل لا تمر الأزمات إلا بالرجال فالحمد لله الذي يمتحن الرجال والحمد لله الذي يمدهم بفضله وعونه فله الحمد أولاً وأخيراً.
خجلتُ يا ربّ من نفسي وقد كَثُُرتْ
منها الديونُ، وضاقت بالوفاء يدي
أعطتْ وما بخلتْ وَهْبَاً بلا ثمن
قلبَ الملائكِ، لولا صورة الجسد
وأغدقت في عطاء الحب منعمة
شأنَ الكرام بلا مَنٍّ ولا نكد
تغضي حياء إذا ما أَفْضَلَتْ وسخت
إن الكريم حيّي كلما يَجُد
وإن تَحَوّل حَرُّ الحب فيّ لظي
صبت على الجمر ماء ليس في البَرَد
تضمني بصفاء الحبّ - مؤمنة
بعمق صدقي وإن لم أُبْدِ مستنَدي
وأنت يا ربّ - مَنْ عودتني أبداً
رَدَّ الجميلِ كففتَ اليوم عنه يدي
أحسُّها وبودّي لو يطوّقها
طوقُ الحديد ولا طَوْقٌ من الحَدَد (1)
إن كان عندك ذنبي أننّي رجل
إلاك في حاجة لم أتخذ سندي
فلن أزال على ذنبي أمارسُه
عن سبق قصد وإصرار إلى أبدي
فإن كفاك الذي ذوّقتني محناً
للصدق فيّ وإن لم يكفِ فَلْتَزِد
حملت كُلَّ ثقيل الوطء مبتسماً
حتى كأني لم أشعر ولم أَمِد (2)
ولم أَخَفْ طعنات الموت آثمة
بل زادني الإثمُ إصراراً فلم أَحِد
وطال صبري والأيام تَعْركُني
والدرب يوحش لم أضجر ولم أَفِد (3)
ولم يشقني بَهْرُ المجد أعشقه
من صنعة الجِدّ لا من صنعة الدَّدَد (4)
وعفْتُ كل عروض المال في صور
شتى تُبَرّرُ بالإسهام والعَتَد (5)
وصنت طبعي عما قد يُدَنِّسه
حتى اتهمت بمعنى الكبر والعَنَد (6)
وما انحرفت عن الأهداف أحسبها
دربي إليك على الأشواك والقَصَد (7)
فهل تَخَلَّيتَ عني؟! لا أظنُّ، إذاً
ماذا؟! ومن يا تُرى للحق من صَمد؟!
ذوّقتني بعد مُرّ البعد عن بلدي
مُرَّ الضنى فيّ، في أهلي وفي ولدي
فكم قعدت وبي مما أحس به
ما دونه الجَمْرُ وَقْداً شبّ في خَلَدي
يدي التي عُوِّدَتْ أني أُمِدُّ بها
أصابها العجز لم تمسك ولم تجد
وخاطر عشت فوق الحادثات به
خضخضته بشئون فتتت كبدي
رأيت بيتي - قَصْدَ الوافدين - خلا
إلاّ على نفر إن جاء لم يَزِد
رأيت من حَوّموا حولي وقد فقدوا
فيّ الرجاء ومَلُّوا اليأسَ كالشُّرُد (8)
رضيت - في ذات نفسي - أنهم هربوا
من خشية الوهم أو من خيفة الحَرَد
رأيت من كنت استدعي فيسعده
أني دعوتُ إذا ما جاء لم يَعُد
لولا حياء من الماضي ومن خُلقي
يُكَرِّمون به وجهي بكل نَدي (9)
وأحمدُ الله أني ما ذُكِرتُ لهم
إلا حُمدْتُ على ما قدمته يدي
فإن تعزيت عن هذا بيوم غد
فأنت تعلم أني ما ضمنت غدي
فكم تذوقت مُرَّ اليوم مرتجياً
غداً فجاء بمُرّ المُرّ يومُ غد
وهكذا تنفد الأيام من عمري
إلا مزيداً من الآلام والمُدَد
يومي كأمسي وأمسي مثلُ سابقه
فما يزيد غدٌ إلا إلى العَدَد
عذراً إلى الأمس بل عذراً لسابقه
فكل تال تلى بالزَيْد في الكَبِد (10)
وقد أراني غداً لليوم معتذراً
عما سخطت على يومي به وقَدِ
لولا صغارٌ وأكبادٌ مُعَلَّقَة
في ذمتي كفتيل الخيط في المَسَد
ومأملٌ عشت كي أشقى بنعمته
إذا يعيش خَلِيُّ البال في رَغَد
ذابت مع الريح والتيار موجتُه
حتى غدت كغثاء البحر والزَبَد
كرهت شمسَ غد أني أطالعها
أو أن تطالعني في الموعد النَكِد
قد كنتُ أعجوبة الأمثال في جَلَدي
حتى شقيت - على الأيام - بالجَلَد
لولا بقيةُ ستر منك تشملني
أبدو بها في عيون الناس كالعُمُد (11)
أخالط الناس لا أشكوك عندهمو
إن لم أُدِلّ بزيف ظاهر ونَدِي (12)
حتى ليحسبني العُذّال في دَعَة
خالي الوفاض عريضَ البال والوُسُد (13)
فإن تعزيت عن هذا بفلسفة
عن الحقيقة والإيمان والبلد
فقد ظننتُ - إذاً - أني أراك بها
ترضى عليّ، إذا ترضى على أحد
وفي الكرامة معنى للرضاء على
من قد رضيت، وإلا ساء معتقدي
فالعزُّ بالله دِرْعُ المؤمنين به
إن كان للشر في الطاغوت من عَضُد
فهل تراني أخطأت الطريقَ وقد
سلكت درباً إلى ما كنتُ لم أُرِد؟!
أليس ينفع حسنُ القصد من عثرت
به الخطى حين يعدو مسلكَ الجَدَد؟ (14)
لقد علمتَ وما نفسي بكاذبة
أني لأَزْهَدُ في دنياي من أُحُد (15)
أما العزاء عن البلوى وإن عظمت
أَني - على رغمها - مُسْتَهدَفُ الحَسد
فاسْتُر عَلَيَّ بعين الحاسدين إذا
أبطأتَ - عني - بالإسعاف والمَدَد
 
طباعة

تعليق

 القراءات :569  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 692 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.