وغيداء هاجتني إلى الحب ثانياً |
وقد كنت عن أمثالها - قَبْلُ - أصدف
(1)
|
تجمّع حسنُ الشرق فيها، فبعضُه |
قَصِيٌّ وبعضٌ في العروبة يُعرف |
دَلَفْتُ بقلبي نحوها، فأَجَنَّه |
هواها، وصار القلب بالقلب يشغف
(2)
|
أتاني هواها بعد أن عضّني الهوى |
وباتت جراح القلب تَنْزَى وَتَنْزِف |
وكِدْتُ أَلُمُّ النفس عن مشرع الهوى |
وأصدف عن وِرْد الغرام وأعزف |
فلما تلاقينا ترجرج خافقي |
وأحسسته ما بين جَنْبَيّ يرجف |
وحاولت أثني القلب عنها فلم يُطِعْ |
وشمت بها ما لست في الغِيدِ آلَفُ |
رأيتُ الهوى ثَرَّ المَعين نميرَه |
بعينين ما زاغت، ولا تَتَخَطَّف |
فمنَّيت نفسي أن يطيب بِوِرْدِها |
شرابي، فما لي لا أَبُلُّ وَأَرْشُفُ |
وطاوع عقلي القلبَ في خفقاته |
وما خفت أن القلب بالعقل يعصف |
وَبُحْتُ لَهَا بالسّر إذ قد لمحته |
يكاد من الأهداب يَنْدَى وَيَنْطُف |
فأعطت ولم تبخل، وإن كان طبعها |
هو البخل، في هذا المجال ويَشْرُف |
ومن تعط بعد البخل تغدق عطاءها |
على ثقة منها وتُروي، وتُسرف |
ورحنا على أنغام قلبي وقلبها |
نردّد ألحانَ الغرام وَنَعْزِف |
وعاجلنا بَرْدُ الشتاء ولم نكد |
نشم أزاهير الربيع ونقطف |
هو البين ينتاب المحبين جانباً |
ويعتصر الأكباد لا يتعفّف |
فأودعتها حبي على القرب والنوى |
رجاء لقاء عاجل يتلطف |
وَدَسَّتْ بِجَنْبَيَّ الهوى في وشيجة |
هي الحب أوفى ما يكون وأعنف |
تموج بعينيّ الدموعُ وعينها |
على رغم ما نُبْدي، وما نتكلف |
وللحب من معنى الرجاء كرامة |
على شرَّة الأحداث لا تتقصف
(3)
|
ولا يعرف الأحبابُ لليأس مدخلاً |
إلى النفس أن الحب باليأس ينسف |
إذا بلغ الحبُ الصحيحُ مكانَه |
من النفس لم تُقْهَر عليه وتأنف |
وتصطرع الأحداث فيها وإنما |
سيغلب ما عَزَّ الغلاب ويُنْصَف |
ويجتمع الشمل الذي كان جمعه |
طرازاً من الأحلام لا يتألَّف |