جُرِّي ذيول الهوى في فتنة وصبا |
يا حرة تنجب الأقمار والشهبا |
تَسْري نسائمك الأبكارُ ناديةً |
نشوى تدغدغ ودياناً لنا ورُبَى |
ما أبصر السحر فـي عينيـك ذو صلـفٍ |
إلاَّ استحال رقيقاً عاشقاً طربا |
يا حلوةً قبل التاريخ جبهتها |
وكبَّر الليلُ من لأْلاَئِهَا عجبا |
جاءت إليك تَبُلُّ الشوق أفئدةٌ |
فكنت يا جدتي أُماً لها وأبا |
قرأت في كل ركن منك ملحمةً |
تَفُوقُ مـا قيـل مـن شِعْرٍ ومـا كُتبــا |
صـاغ التفاعيـل قلـبُ الفارسـي حللاً |
بديعة تسحر الأجيال والحقبا |
وقلد الخوجه الأيام أوسمة |
من الندى تسكر الأقلام والكُتبا |
فما دعته إلى العلياء مكرمة |
إلاَّ بنى لك في هاماتها قُببا |
يذوب فيك هوى بذلاً وتضحية |
فعنك يُكْرِمُ هذي الليلة الأدبَا |
يا قائدي سفن العرفان إن لكم |
من العطاء يداً تسمو بكم حسبا |
ما للسفين على الشطآن جانحةٌ؟ |
مـا للجياد كبت؟ مــا للضيـاء خبـا؟ |
ما للكراريس في الأدراج منهكةٌ؟ |
أخالها تشتكي الإِخفاق والنصبا |
هل غاص في لجة التهويم فارسها؟ |
أم الغموض على سلطانها غلبا؟ |
أين الأصالة هل شاخت نضارتها؟ |
أم غاب كوكبها أم ماؤها نضبا؟ |
أم غالها الجدب فاعتلت مزارعها |
وطَارَ فلاحها مما رأى هربا |
إن الأعاصير تعوي بين أظهرنا |
تكاد تحرق في أفواهنا الخطبا |
شكت إلى ربها الفصحى عقــوق أخـي |
وكيف مزق منها القلب والعصبا |
وكيف سخَّرها في داره أَمةً |
وكـم كسـى أهلها الحُمَّى وكـم صلبـا |
فقلت يا دوحة الإِبداع معذرة |
ما جئت تبغينه بالأمس قد ذهبا |
إنَّا نعيش بعصر لا ضمير له |
نبيت نرضع في حاناته الكذبا |
بعنا التراث بأسواق المزاد ضحى |
وما كسبنا به جاهاً ولا نشبا |
حتى غدا البعض كالأنعام سَائِمةً |
لا دين لا أرض لا تاريخ لا نسبا |
ما ولَّد الخلف في دارٍ يحل بها |
إلاَّ القطيعة والخسران والوصبا |
إن السُعاةَ إلى الفوضى ذوو دَخَلٍ |
كل يحاول أن يَلْقَى له ذنبا |
فإن غلا مرجل ٌ زادوا عطيته |
إن العطايا دواءُ يُسكت الغضبا |
قالت أخاف عليكم أن تحيق بكم |
نارٌ تكونون في أحشائها حطبا |
أخشى علـى النَّشْءِ أن تَعْـرى مداركـهُ |
فلا يقدِّس إلاَّ اللهو واللعبا |
ما بين حاضنةٍ تزهو بِعُجْمتها |
وخادمٍ تكره الإِسلامَ والعربا |
حتى إذا طرَّ للأنظار شاربه |
شدّ الرحال إلى داريهما خببا |
حُبلى حقائبه عطشى رغائبه |
حيران في خطوه، غَصَّان مضطربا |
ياليته قبل أن يغتال عفَّته |
قضى مـن الحـب حقـاً للحِمـى وجبـا |
يا ناقشي الحرف فـي وجـه الزمان سنـىً |
ما باله بغتة لما استوى غربا؟ |
لا تدفنوا الحرف حياً في مزابلكم |
ولا يكن صمتكم في قتله سببا |
للفكر حرية لا تسفكوا دمها |
فالفكر يأنف أن يُسْبَى ويغتصبا |
وليعبق الفجر حبّاً من محابركم |
ولتشـرق الشمـس مـن أقلامكـم أدباً |