وَمدَّتْ - كصيّاد - شِبَاك عيونها |
- على غير ميعاد - فبُوغِتُّ بالقَدَرْ |
دعتني للقياها - على حين غِرّة |
ونفسي لها عزْلى من الذَّوْد والحذر |
أعدّت للقياي العَتاد، وهيّأت |
وكنت خَلِيَّ البال من كل مُنْتَظر |
فكنت كما شاءت وشاء لها الهوى |
وشاءت لها الأقدار فيَّ - على غرر
(1)
|
رمتني بأجفان طوال نبالُها |
وقلبي على مَدِّ الذِّراع من الخطر |
فطارت بأحشاء الفؤاد من امرئ |
رقيق المعاني، مرهف الحِسّ والوتر |
وغنّت على قيثارة القلب غُنْوةً |
وراقصت الأحلامَ في غَشْوة السّحر
(2)
|
فخامرني منها الذي خِلْتُ أنه |
نديّ القوافي، طيّب اللّحن والوَطَر |
وأفضى بنا هذا اللّقاء لغيره |
وَمدَّت رُوَاقَ الحُلْم بحبوحةُ السّمر |
وطال بنا ما أفعم النّفسَ نَشْوةً |
ومزّقت الأمالُ من سُترة الخَفر |
وكنا إذا ما الليل باعد بيننا |
إلى مثله إذ يهمس الفجرُ للقمر |
أقول لها إمّا التقينا: ترفّقي |
فإنّا وإن طال اللّقاءُ على سفر |
وأهفو لدى صحوي إلى حلو جَرسها |
على مسمعي منذ الصباح إذا بكر |
أحنّ إليها كلّ حين كأنما |
خَلُصْتُ لها - عمري ووقتي - من البشر |
وباتت تمنيني الأمانيَّ ثَرّة |
وتُدني إلى عينيّ من أعذب الثّمر |
وأخرى أذوق المُرَّ من علقم الهوى |
فَأكْرَهُ في بستانه الأرض والشَّجر |
ورغم الذي عانيته من مرارة |
صبرت على الشّوك الذي دونه الإبر |
وبتّ يعزيني عن المُرِّ حلوُها |
وأعذرها في بعض ما بيننا شَجَر |
وأخرى أَلُمُّ النّفسَ عن سَمْح طبعها |
فتبعث في إِثْري فآتي على الأثر |
أقول لنفسي ويح من لا يهزُّه |
نداءُ حبيبٍ إنما الحرُّ من عذر |
ونبدأ من حيث انتهينا وتارةً |
نعاود من حيث ابتدأنا من الصُّور |
ودارت بنا الأيام كالبحر صاخباً |
مراراً، وميّاساً رفيقاً بنا أُخَر |
ولم ندر ما قد أضمر الغيب عنده |
لقلبين باتا مطمع الدّهر والغِيَر |
* * * |