| أفنيت بين تعلّل وتخيّل |
| أزهارَ عمري في الشباب الأمثل
(1)
|
| ومشيت خلف الوهم مشية حائر |
| عشق الجمال فسار سير مُضَلّل |
| قالوا... إليك عروسة عربية |
| عشقتك دون العالمين، فأَجْمِل
(2)
|
| وتفنّنوا في وصفها، وصفاتها |
| حسناء تزخر بالجمال المُذْهل |
| وتحجّبت - خلف النِّقاب، فإنها |
| بنت الحرائر، والرجال الكُمَّل |
| قالوا... تُكِنُّ لك الغرام، فلا تَكُنْ |
| عَجِلاً، وصابر ما استطعت، وأمهل |
| إن الدّلال على المحبة شامةٌ |
| أكرم بهذا العاشق المُتَدَلّل |
| ما كلُّ دعوى في الغرام صحيحةً |
| وكِذَابُها ما خاط ثوبَ تَبَذُّل |
| إن الرخيصة في دخيلة نفسها |
| تسترخص الأشياء دون تأمل |
| فاصبر لشرع الحب رُبَّة أن ترى |
| طيب الإقامة في عسير المدخل |
| ومضت رسائلها إليّ وكلُّها |
| أمل وأشواق ولهفة مُقْبِل |
| ومضت رسائلها إليّ يزفُّها |
| أهلي وأهلوها، ولم تتحوّل |
| ومضيت أرتخص الثمين لأجلها |
| ولأجلها ألتذ كُلّ تحمّل |
| وبذلت ما بذل امرؤ بحياته |
| بالنفس راضية، وكفٍّ مِغْزل |
| ومضيت أحتمل العذاب ولا أرى |
| فيه العذاب، كأنه لم يحصُل |
| وأفلسف الآلام فلسفة امرئ |
| طَربٍ بمعناها الخفيّ المُخضِل
(3)
|
| مهر الكريمة لا يقاس بكَمّه |
| لكن بمعناه الجليل الأجمل |
| ولئن قَصُرتُ عن الكثير، فربما |
| فَضُلَ القليلُ على الكثير المُرْسَل |
| وحملت عِبْءَ الحب، دون تبرُّم |
| وصبرت دون تأوّه، وَتَمَلْمُل |
| ومضت بنا الأَيام غير خفيفة |
| وكأنها ربطت بقيد مثقل |
| والشوق يعتصر القلوب على الجوى |
| فَنِياطُهَا حبل الغرام الأول |
| ورنت بعين الغيب أفئدة إلى |
| غدنا القريب، وحظنا المُتأَمَّل |
| وظللت لا غدُنا بمحدود المدى |
| لكنه حُلم لذيذ المجمل |
| وحنيناً نحو اللقاء يسوقنا |
| فنطيعه طوع الغشيم الأهبل |
| فإذا انتهجنا كل معقول الخطى |
| فنكاد نسلك بعض ما لم يُعْقَل |
| وكذا الغرام إذا استبدّ بعاشق |
| أودى بحكم العقل أيُّ تأوُّل |
| واستأثر الشوق الملح بأكْبُد |
| حريّ تعيش على الهوى المتغلغل |
| وتوالت الأيام بين مرارة |
| نَجْنِي، وذوق العاشق المُتَبَتِّل |
| إن المحب إذا تألّف لم يجد |
| طعم الحياة وإِلْفُه في معزل |
| وأضر من ألم النوى أن لا نرى |
| شيئاً نَرُدُّ به حديث العُذّل |
| قالوا.. أضاع الحبُّ صحوة لُبّه |
| فمضى بغير رويّة وتمهُّل |
| واستأثر الوهم الكبير بقلبه |
| فانصاع للوهم الرخيص المخجل |
| والله يعلم ما الغرام بهيّن |
| والوصل دون سواه - غاية مأملي |
| قالوا... نراه عن الديار مُحَوِّلاً |
| أتراه - رغم البعد - لم يتبدّل |
| قلت.. ارحموني ما المقيم بربعها |
| أوفى لها مني برغم تنقّلي |
| ولقد يَدُسُّ رؤى الغرام متيّمٌ |
| حُرٌّ يقيم على الهوى المتأصل |
| ويفارق الأحباب وهو ـ على النوى ـ |
| يرعى هواه بقلبه المُتَجَوِّل |
| * * * |