(( كلمة المحتفى به |
سعادة المهندس زياد أحمد زيدان ))
|
ثم أعطيت الكلمة لسعادة المهندس الأستاذ زياد أحمد زيدان، ليحدث الحاضرين الذين جاءوا لتكريمه والاحتفاء به فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة، والسلام على سيد المرسلين. مضيفي الكريم، الأخ عبد المقصود خوجه، أصحاب المعالي، سعادة الأدباء والأفاضل، إخواني الكرام، إنه لشرف كبير لي أن أكون بين أيديكم اليوم أحظى بهذا الكرم الكبير، وهو حضوركم لتكريمي. إن مساهمتي في معهد العالم العربي، أو في المشاريع الأخرى المحلية، أو العالمية كانت مكانة تقدير من فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، ورئيس الوزراء الفرنسي في ذلك الوقت السيد جاك شيراك. |
- وكان تقدير المجلس الأمريكي العربي في نيويورك للتواجد العربي في مشروع معهد العالم العربي كتواجد حضاري وهندسي.. مصدر سعادتي وفخري واعتزازي كمهندس عربي سعودي أنبتته هذه الأرض الطيبة غير أنكم شرفتموني وأكرمتموني بكرم لا يوازيه ولا يساويه أي كرم ممكن للإِنسان أن يحظى به، وأعتبر هذا التكريم أكبر شرف وأكبر كرم لي. |
- إن الأخ عبد المقصود رجل كريم، دأب على تكريم الرجال، وتكريم الأدباء، ورواد الفضاء، والأطباء. ولي الشرف أن أكون أول المهندسين المهنيين في القطاع الخاص أحظى بهذا التكريم وهذا التقدير، وإن تكريمه لي ليس لذاتي، وإنما لكل مهندس وطني يعمل لخدمة وطنه. إن تكريمه لي هو تقدير لكل شاب يطمع أن يبني وطنه بحماس وطني. زرعه حباً في قلبه مجتمعه وبيئته ويمكن أن أرجع الفضل لله، ثم لوالدي في توجيهي وفي تحديد واجباتي ومسؤولياتي كمواطن يجب أن يلتزم بها في عمله وكفاحه في خدمة وطنه كأولوية أولى، قبل الماديات، أو المعايير الأخرى. |
- إن تكريم الأستاذ عبد المقصود لي هو تكريم لأساتذتي الموجودين الذين يصنعون الشباب مثلي. أما الحديث عن إنجازاتي المعمارية، والهندسية، والحضارية فالفضل يرجع إلى الله في توفيقي، ثم لاهتمامي الخاص بحضارتنا وتراثنا. |
- فبعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية إثر حصولي على شهادة الماجستير، رأيت أن أمامي كتلاً خرسانية مستوردة إلى بيئتنا المعمارية والحضارية، لعدم وجود مهندسين وطنيين يقدرون بيئتنا وحضارتنا. فالمهندسون مستوردون استوردوا أفكارهم سواء كانت على مستوى تخطيط المدن، أو على مستوى تصميم المنازل، أو المشاريع الخاصة والعامة. |
- وكان يحزنني جداً أن أرى في قلب عصر الحضارة العربية أو قلب أرض الحضارة العربية للمملكة العربية السعودية تقليداً لبعض المعالم الإِغريقية، أن أرى تقليداً لبعض المعالم "للشاليهات" السويسرية. غير أنني مع نخبة من إخواني المهندسين المعماريين العرب عامة والسعوديين بصفة خاصة أخذنا نواصل السعي، وما زلنا نعمل في سبيل توجيه النمو والعمران لبناء حضارة. |
- والحضارة هنا تعبر عن تاريخنا المجيد ومستقبلنا الطموح، تعبر عن بيئتنا الاجتماعية، بيئتنا الاقتصادية، ترابطنا الاجتماعي الذي لا يتواجد في الغرب، لا يتواجد في بيئات اجتماعية، أو ثقافية أخرى، أو حضارية أخرى. وربما كان السبب في اهتمام الغرب بأعمالي وتقديمهم لي هو اهتمامي الحضاري والثقافي بمجتمعنا، وحضارتنا، وبيئتنا المعمارية والتراثية، وهو جهد مشترك من إخواننا المهندسين السعوديين الذين يشاركونني العمل في مكتبي، كما يساهم فيه أيضاً خبراء متخصصون في التراث والثقافة والحضارة بأبحاث يهدف منها تصحيح البيئة المعمارية المتواجدة حولنا، بحيث أنها تعكس أنفسنا، وحضارتنا، وثقافتنا، وبيئتنا. |
- ولا أعتقد أن أية حضارة معمارية ممكن أن تتواجد بدون رجوعها وتعبيرها عن التراث الذي هيأ لهذه الحضارة والعمارة أن تنمو. كان لي الشرف أن أعمل في منطقة عسير في بدايتها كأرض بكر للتنمية، وزرعت فيها المنتزهات الوطنية، بحيث أنتجت البيئة المعمارية الخاصة بمنطقة عسير، وهي البيئة النادرة لمنطقة عسير. |
- وقد رأينا أن واجبنا كمهندسين يهدفون إلى التطوير أن نستعمل التقنية الحديثة التطبيقية، وليست التقنية العمياء وأعني بالتطبيقية تلك التقنية العملية التي تفي باحتياجاتنا دون تحميلنا أعباء تكاليفها، وصيانتها، أو تشغيلها، فقد استعملنا المواد الطبيعية من البيئة في بناء المنتزهات الوطنية في عسير. |
- وقد شجع هذا الأسلوب المسؤولين في المنطقة على تكليفي بتطوير مقر أمير المنطقة وسكنه.. ومقر إمارة المنطقة، وجميع هذه المجمعات العمرانية، هي مجمعات حضارية وثقافية تعكس حضارة القديم بأسلوب حديث متطور. وليس هدفي من حديثي هذا أن ألقي عليكم محاضرة في العمارة لأنكم أنتم أدباء لا تحتاجون لمثل هذه المحاضرة، ولكن أعرف أنكم تقدرون أن العمارة هي جزء من الثقافة وجزء من الحضارة. وعلينا تقع أهمية ومسؤولية تنميتها وتوجيهها، كما توجهون الأدب، والشعر، والثقافة. |
- وأنتهز هذه المناسبة لأشكر الأخ عبد المقصود خوجه لدعوتي الليلة وأنا مستعد للإِجابة على أي استفسار يوجه إلي من قبل أي فرد منكم، غير أنني أود أن ألبّي قبل كل شيء رغبة الأستاذ العطار فيما يتعلق بموضوع المشربيات التي استخدمت في عمارة معهد العالم العربي، وهي عنصر من عناصر العمارة العربية الإِسلامية، لا شك أنكم تعلمون أن الحكومة الفرنسية موَّلت مشروع معهد العالم العربي بـ 50% من التكلفة، وقامت الدول العربية مجتمعة بتمويل الـ 50% الأخرى. وقد اختار الجانب الفرنسي مهندساً معمارياً فرنسياً اسمه جان نوفيل، بينما اختارتني الدول العربية ممثلاً لها، وقد دارت مناقشات وحوارات على المستوى المهني، وعلى المستوى الثقافي في دمج الحضارتين، بحيث يعكس المبنى الحضارة العربية لأنه مركز حضاري وثقافي يعبر عن الحضارة العربية ويقدمها للغرب. وفي نفس الوقت يجب أن يعبر عن حضارة فرنسا الحديثة وخاصة في تواجد هذا المبنى في موقعه وهو في قلب المنطقة التراثية الهامة والحضارية الهامة في باريس، وهي منطقة سان جرمان التي تطل على نهر السين. وكان الإِشراف مستمراً من قبل التخطيط والبلدية، وكنا نتنافر أحياناً وكان هدفنا تزاوج الأفكار وليس تنافرها. وأن نعمل جاهدين للوصول إلى أفكار وقواعد ومعايير تصميمية، يمكن تحديدها، ومن ثم يمكن دمجها بأساليب تفي احتياجات العصر العمرانية. من ضمن هذه الأفكار فكرة المشربية للتحكم في الإِضاءة. وإذا كانت المشربية في الماضي كان الهدف منها وظيفياً هو تبريد الماء، فإن المشربيات التي اتخذت في معهد العالم العربي كان الهدف منها تنظيم كمية الإِضاءة الداخلة من الخارج إلى الداخل، بحيث تكون الإِضاءة متساوية في جميع الأوقات. وهذه المشربيات عبارة عن فتحات متحركة يتحكم فيها جهاز جداً بسيط يدعى بالإِنجليزية (Photo Cell)، فهذه الفتحات تفتح عندما تحجب الغيوم الشمس، وتقفل عندما تنقشع الغيوم، وتسطع الشمس. ويعتبر الفناء الداخلي عنصراً ثانياً مهماً جداً، استخدم لصب الإِضاءة إلى قلب المبنى حيث يقع المتحف. وكان يهمنا المحافظة على ألوان المعروضات المختلفة بشكلها الجميلة الزاهية بإضاءة طبيعية، فأدخلنا الفناء الداخلي الذي يعتبر القلب النابض للإِضاءة في المتحف. |
- إن الحديث عن معهد العالم العربي يطول، وكان هدفي شرح النقطة التي تعرض وتطرق لها سعادة الأستاذ العطار. وفي شريط الفيديو الذي سوف يوزع عليكم تفاصيل أكثر إيضاحاً وتفصيلاً. |
- أشكركم مرة أخرى، ولا أستطيع أن أعبر عن اعتزازي وفخري بهذه المناسبة الطيبة، شكراً جزيلاً. |
|