هل أنت أنت؟.. أم الأحداث والغِيَر |
جارت عليك، فما تبقي، ولا تَذَرُ |
أصابك الوهن في قلب، وفي بدن |
وكنت من كنتَ.. لا بأس، ولا ضجر |
قد كنت تهزأ بالدنيا وضجتها |
هزأَ الكبار بما قد يألف البشر |
فعدت كالطفل.. أدنى الأمر يكْربه |
ويشعل النارَ في أحشائه الشرر |
وكنت تسخر بالأحداث عارمة |
فصرت يؤذيك منها الطيف والذِّكَر
(1)
|
وكنت تستقبل الآلام مبتسماً |
فصرت تعبث في إحساسك النذُر |
وكنت للصبر نداً، لم تكن مثلاً |
بل منك تتخذ الأمثال والعِبَر
(2)
|
وكنت تَزْدَرِدُ الأوجاع تأنف من |
آه الشكاة، وتؤوي غيرك السُررُ |
واليوم تغلبك الأوجاع هيّنة |
فتستكين لها، والقلب منفطر |
وكنت ما كنت.. أحلاماً وفلسفة |
فهل صحوت على الآمال تندثر؟! |
كم صارعتك ظروف، فانتصرت على |
كل الظروف، ولا خوف ولا خور |
فَلِمْ تخضخضك الأوهام في صور |
شتى يعز عليها أَمْسِك الحذر
(3)
|
وما أصابك.. في قلب وفي بدن |
أَمَسَّكَ الضعفُ أم قد هَدَّك الكِبر |
العمر؟ ما أنت في سن عَدَوْتَ بها |
عهد الشباب، فهذي السن تزدهر |
الضعف؟ طبعك يأباه، وكل فتى |
طباعه منه، لا سِنُّ، ولا صِغَر |
عُذْرى إليك.. فكم في العمر من سَنة |
في حِسْبة الحق أضعافُ الذي عمروا |
وما السنون بتعداد، فكم عبرت |
بعض السنين، ولا عبء، ولا خطر |
من السنين طوال يومها سنة |
وفي السنين قصارٌ لَفَّها القِصر |
والعبء في بدئه قد يستهان به |
ويثْقل الحِمْلَ طولُ الحمل، والسفر |
وفي الجسوم لعبء القلب أوعية |
به تطيب، ومن جرآه تنكسر |
ليت العواذل إذ لاموك قد علموا |
لأقصروا اللوم، بل جاءوك فاعتذروا |
* * * |