هات أسقنا من خمرك السَّكَّار |
ذهب الغناء بروعة الأزهار |
نغمات شعرك كالنسيم مداعباً |
مُهَج الورود، بنفحه العَطّار |
كم في فناء (ندّينا) ومروجه |
عشت الليالي هامد الأفكار |
فأهجت من لُبّ الفؤاد لواعجا |
رجعت بنا لسوالف الأعمار |
عشنا بها عمر الربيع لشعرنا |
متألقاً في الروضة المعطار |
أيام (ابن أبي ربيعة) والألى |
نسجوا القريض بناعم الأوتار |
كانت قرائحهم صدى أرواحهم |
وقلوبهم كصحائف الأبرار |
وبكيت حال العرب، فاهتزت على |
حبات دَمْعِك أكبُد الثُّوار |
أرسلتها حمماً على أهل الهوى |
وهوى العقول موارد الأخطار |
وهوى القلوب - وإن تأثم - ما عدا |
وهوى العقول - وقد تأثم - ضاري |
وجرى على شفتيك من وهج النهى |
ما أيقظ التاريخ من أسفار |
ذَكَّرتنا (بأبي العلاء) وشجوه |
و (أبي فراس) و (صِنْوه الجبّار) |
غَنّوا، وما طربوا، ولكن أطربوا |
ومن الغناء مدامع الأحرار |
لو عاش (ابن الجهم) ما غنى لنا |
صوراً كما هوّمت بالأشعار |
وجمعت أشتات الثقافة، عالماً |
يكسو المعارف رقة الأسمار |
ومنحت جيدي درة أزهو بها |
أزرت بكل خرائد الأبكار |
هي من عطاء الأغنياء إذا سخوا |
ومن العطاء عجائب الأقدار |
وخجلت لكني فرحت وربما |
خجل الفقير إذا زها بِمعار |
وطربت من أدب، وحسن تواضع |
وإباء النفس في كريم دِثار |
هي من خلال الأكرمين، وحُلَّةٌ |
من شيمة العلماء والأطهار |
وحمدت (للصواف) أنك زرتنا |
نعم الجنَى من صحبة الأخيار |
لبيت دعوتنا، وَزِنْتَ رياضنا |
ببدائع الألحان، والنُّوار |
ليست بأول نفحة من حُبّه |
ووفائه للأرض، والأشجار |
هو من عرفت درايةً وروايةً |
ومحبةً قدسية الأوطار |
* * * |
(عبد الرحيم) ولا عدمتك شاعراً |
سكنت به الفصحى عزيز الدار |
غرد على شُرَفِ الديار، تُعِدْ لها |
شَرَفَ البلاغة في لسان هزار |
* * * |