يا مصر يا مصر ما أحلاك صاحية |
وصحوك العذب وسنان الرؤى غرد |
يا مصر تلمح فيك النفس حاجتها |
من كل ما تتشهى والمنى جُدُد |
كأن روحاً من الفردوس حائمة |
أطيافها نغم أعطافها رغد |
للماء فيك ترانيم مسهدة |
قلوب واجدة مثل الذي نجد |
كذكريات لها عند الدجى تِرَةٌ |
تدري النجوم بها والموج والزبد |
في كل هاتفة رجع لعاطفة |
معزوفة لمستها بالحنان يد |
يا مصر أنت هوىَ قد صيغ من ضرم |
الشمس تنهل منه والضحى يَرِد |
والظل يسحب فوق الظل أجنحة |
كالروح يمرح في أنفاسها الجسد |
حتى النخيل تلاقت وهي ذائبة |
فللذوائب وَقْدٌ فيه تَبْتَرِد |
يا رعشة حلوة في خافق رجفت |
أحناؤه في هوى يدنو ويبتعد |
ويا حنيناً تلاقى في مساربه |
تجري به الريح رهواً والضحى رأد |
ذاب الدجى في تلافيف السرى فهفت |
أشعة فجرها الوسنان متئد |
أما الأصيل فدعه إنه مهج |
من أجلها راح يطوي نفسه الأمد |
المتعبون استراحوا في مشارفه |
والساهرون على شطآنه رقدوا |
والهاربون من الصمت العميق إلى |
بوح الهوى للضفاف الخضر قد خلدوا |
ورب نشوة حب لا يطارحها |
عزف على هدهدات الورق منفرد |
تهوي الهديل على الأمواج مصطفقا |
لا الهمس يظمأ في أحشائه البرد |
يا مصر في كل ركن منك زاوية |
لنازح أنت فيها الأهل والبلد |
فما يمل غريب فيك غربته |
حتى الثرى والنسيم الحر والولد |
الحب ساقيته حتى ارتوت فبدت |
نوازع الود في الأعماق تتحد |
إن حاربتنا صروف فيك ظالمة |
فلن يُصيخَ إلى غُربانها أحد |
وأنت يا نيل صافح زمزماً أبداً |
إن الهوى للهوى دين ومعتقد |
* * * |