شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به
الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل ))
ثم تحدث المحتفى به حديثاً فضفاضاً، تطرَّق فيه إلى كثير من الجوانب التي رغب الحاضرون سماعها فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. أما بعد: فقد أوصاني أستاذي الشيخ عثمان الصالح أن أراعي في هذه الجلسة ما يرطبها، وكنت أعددت شيئاً وأستميحكم العذر مما يكتب بالحلمات.
- كنت أتوقع أن موضوع طرحي أدبياً بحتاً، فإذا بي أسمع عدة قضايا في اللغة، وفلسفة اللغة، والمعنى، وفكر المعنى، والتصحيحات التي أجراها الظاهريون لا في تأسيس القاعدة النحوية، ولكن في تفسيرها منذ نفطويه، مع أن الواسطي ظلمه. وقال من أراد أن يتعلم الجهل فليتعلم على مذهب نفطويه، وهو كان فقيهاً نحوياً لغوياً ظاهرياً إلى ابن مضاء إلى لفتات لابن حزم مبثوثة في كتبه التقريب، والمحلى، ومراتب العلوم، والفِصل، وأصول الأحكام، وكتابه المفقود النبذة الكافية في أصول الديانة الذي بقي منه ما يتعلق بمصطلحات الحدود.
- ثم إنني في هذا اللقاء السعيد محصور بين ترسيم محمد سعيد الطيب، وبين حدب وحنو الشيخ عبد المقصود خوجه وما يستحقه وما يجب له من ثناء ذوي الحرفة القلمية، ومحصور بين ما سمعته من ذكورة وفحولة الكلمة لشيخنا محمد حسين الزيدان، متعه الله بالصحة والعافية، بحيث لو حاولت أن أقارظه إفضاله لخشيت أن تدلف كلمتي إلى حظيرة الشيخوخة.
- ولكنني أرى منذ أن انتظمني الشيخ عبد المقصود خوجه في سمت هذا الحدب، وهذا الحنو لحملة القلم ومن يتهمون بشيء من العلم والفكر، أرى أن له ديناً في عنقي، وعنق كل رجال القلم لأنه معلم وإطار كقوس قزح. أرى له حقاً في عنقي كتابة أتعهدها بالتنقيح وليس بكلمة مرتجلة، والارتجال مزالق الرجال، وأما الشيخ الزيدان فلما تكلم عن عاطفته التي تربطني به فإنما هي عاطفة علمية.
- إذن هي علاقة فكرية حميمة، ولست أرى في كلام الزيدان وشباً ولا نَفَداً يجب إزالته عن الطريق وإنما هو يتحدث، والفضل لله ثم له بالنسبة لشخصي ولشيخ غائب لم يحضر الآن، هو الشيخ عبد المجيد شبكشي فلهم الفضل بعد الله عليَّ في ممارستي الحرفة القلمية عن طريق الصحافة، ولهم التشجيع الأرحب. وعندما يتكلم عن علاقة حميمة بيني، وبين هذا الحفل الكريم، وبين من حضر معي فهو لا ينطلق من فراغ، فأنا أعترف ويعترف تاريخ الأدب في البلاد العربية السعودية أن أدباء الحجاز، لا سيما كهولهم هم واسطة العقد بين أديب المنطقة الوسطى، وأديب المنطقة الشرقية، وأديب المنطقة الشمالية، وأديب المنطقة الجنوبية. هم واسطة العقد بين هؤلاء وبين الأدب العربي والعالمي.
- فمن خلالهم قرأنا وتذوقنا وتعرفنا على مدرسة المهجر، ومن طريقهم عرفنا وتذوقنا الرسالة والثقافة، وعن طريقهم تابعنا الحركة الرومانسية. فهي علاقة حميمة، ولهم فضل أستاذية في قضية الأدب بالذات، وفي المقالة، وفي الصحافة.
- أما ما طرحه الأستاذ عابد خزندار عن قضية أن اللغة العربية وكل لغة حية في حركة دؤوبة، وفي نمو، وفي توسع، ومدى علاقة الظاهرية بذلك، فالحقيقة أن هذا أمر يطول ولا تستوعبه هذه الجلسة، وإنما أوجز بأن الظاهريين يفرقون بين معنى الكلمة القاموسي الميت المتعدد غير المحصور، ويفرقون بين كلمة للشعور، أو بين كلمة للإِرادة، وهي الكلمة المركبة سواء أكانت أدبية بحلية البلاغة أو بحلية ما يسمى بالنحو الثالث، أم كانت علمية تحكمها وشائج الفكر والمنطق.
- ويفرقون بعد ذلك بين المعنى القاموسي والمعنى المراد للمتكلم، وبين فكر الكلمة فلو تسألني وتقول لي: ما هو القياس؟ أقول لك معنى القياس لغة في القاموس، قاس قدَّر، القوس ما يقاس به صومعة الراهب الصياد. إلى هذه المعاني المتعددة، وعندما تقول لي حدد لي ما تريد بكلمة قياس أقول: هي التقدير الذي يتبعه تسوية.
- لكن لما يقول لي أعطني فكر الكلمة؟ ففكر الكلمة لا يحدد برسم وهو ما يسمونه بالتعريف، ولا برسم حقيقي، وهو ما يعرفه المناطقة بالحد، وإنما يكون ذلك بتأليف الكتب. ما ألف في الدفاع عن القياس وإثباته، وما ألف في إبطال القياس هو ما يسمى فكر الكلمة. وهم قضية النمو يدخلون في قضية كالمجاز من أوسع أبوابه، ويقولون إن ما يوجد في اللغة العربية حينما تجد للكلمة الواحدة مائة معنى، معنى واحد حقيقي يدل دلالة المطابقة، ثم تستمر هذه اللغة بتدفق عن طريقة التعريب وعن طريقة الافتراض، وعن طريقة ارتجال المعنى لصيغة أو وزن موجود، وعن قضية المجازات وهي مجازات متعددة لا أريد أن أشرح شرحاً بلاغياً، ولا أريد أن أدخل في مسائل أصول اللغة ثم آتي إلى كلمة الدكتور سعيد السريحي، وهو يتساءل أو بالمعنى الأصح يستحث أهل الفقه الظاهري إلى أن يكون لهم بصمات بارزة في هذا العصر، وأنا أقول بكل صدق إن بصماتهم لا تغطيها الشمس ولكنها مهجورة أو مفقودة.
- فأما المفقود فهو الأسفار العديدة لفقهاء الظاهرية التي أحرقت، وبعضها غسل لأجل أن يكتب في الكتاب بعد غسله. حتى أن الإِمام أبا جعفر محمد بن جرير الطبري كان من تلاميذ داود الظاهري في حلقته، فلما خالفه عقد مجلساً وألَّف كتاباً سماه الرد على ذي الأسفار، لأن كتب داود الظاهري بلغت ألف سفر. لم يوجد من هذه الأسفار شيء، ووجدت أفكار تثب بالقلوب وتجنح بالعواطف في مؤلفات ابن حزم، ولكن مع الأسف لا يقرؤها إلاَّ خاصة الخاصة.
- وكما قلت أيضاً لو دخلت في هذا المدخل لاستبد الحديث بي، ولكنني أوجز ناحية مهمة ترتبط بالفكر وبالأصول معاً، فأقول: إن علماء أهل الظاهر ابتداءاً من داود الظاهري، إلى محمد بن داود، إلى نفطويه إلى منذر بن سعيد البلوطي، إلى ابن حزم، إلى فقهاء الموحدين، إلى إلى إلى... لا أقول إلى أبي عبد الرحمن، إلى الشيخ أبي تراب، يفصلون فصلاً مبرماً بين نظريتين من نظريات المعرفة. وهي أهم قسم في الفلسفة.
- أنتم تعرفون أن الفلسفة الآن تركز على المعايير وعلى الابتسمولوجيا (نظرية المعرفة) وعلى الوجود، فهم يولون مسألة (نظرية المعرفة) عناية خاصة ويفصلون بين نظريتين نظرية المعرفة البشرية، ونظرية المعرفة الشرعية. فيبدؤون أول ما يبدؤون من نظرية المعرفة الشرعية، وهي أول رباط لهم في الحوار الفكري مع أذكياء العالم، فقد يجلس في ساحتهم اليهودي، والنصراني، والمسلم، وغير المسلم، والمسلم الموافق في النحلة، أو المخالف في النحلة من أشعري إلى شيعي إلى معتزلي، ولكن القاسم بين هؤلاء هو الفكر والذكاء.
- توظيف الفكر في مجاله بحيث لا يغلط في اقتناص الحقيقة فلا يسوي بين المختلفين، ولا يفرق بين متماثلين، ولا يقيس مع الفارق، ولا يستدل في غير محل النزاع.
- وما أشبه ذلك من ملاحظات مثارات الغلط فهم يحررون نظرية المعرفة البشرية التي يحتاجها الرجل العادي في بقالة، ويحتاجها الدكتور في زراعته، ويحتاجها الدكتور في هندسته ويحتاجها الأديب في نقده، ثم بعد ذلك ينصرفون إلى تحديد المعرفة الشرعية، ويقولون ليس غرضنا أن نبدي عبقريتنا وذكاءنا في اصطناع مدلول بشري وإنما مهمتنا أن نتلقى، وأن نفهم ما يريده ربنا فلا نفهم مراد الله إلاَّ بما حدده لنا فإذا خاطبنا الله بلغة عربية إذ ليس من نبي إلاَّ جاء بلسان قومه... والنبي صلى الله عليه وسلم عربي، والقرآن عربي، والأمة التي حملت الرسالة وكلفت شيوعها وتبليغها عربية، فلا نفهم مراد ربنا إلاَّ بلغة العرب، وبملامحها. فهم حين يقفون هذا الموقف لا يقفون عن غباء وإنما يتقيدون بما قيدهم الله به، فلا يريدون أن يفهموا مراد الله إلاَّ كما أراده الله. لو دخلت في هذا المدخل أخشى أن أدخل في قضية الفروع والمذاهب الفقهية.
- فأكتفي بهذا وأعود إلى قضية الترطيب الأدبي، وإن صار عندي متسع فقد أحضرت أيضاً كلمتين عن الشيخ أبي تراب. لدي قصيدتان واحدة أحاول أن أرضي بها أصحاب الشعر العمودي كالشيخ أبي التراب. والثانية أرضي بها الحداثيين كالدكتور السريحي فهذه قصيدة "هوانا يتبغدد"، ألقيتها في مناسبة أدبية في العراق.
من صبا نجد ودمع المآقي
وتباريح الهوى يا رفاقي
وهوى العذري في حب ليلى
نازف الجرح أسير الوثاق
سن للعشاق شرعاً كؤوداً
لم يكن في شرعنا بالمطاق
من شماريخ طويق رعان
كم تلاقي في الهوى ما ألاقي
هدمت ذرواتها مبكيات
من قلوب داميات رقاق
تعجز الطير حسير مداها
لم ينلها طرفه بارتماق
من لظى نجد عليه سموم
من دجاها بدره في محاق
يحمل القلب طروباً غوياً
كل ما عانى هوى باحتراق
أو رنا يمتاح للأنس نجوى
راعه نذر بدت بافتراق
يمتطي ظهر الأماني ذلولاً
ضارع الأحلام والشوق باق
فر مني أضلاعه مشرئباً
ظامئاً يهفو لريا العراق
إن يغشه نعاساً هواها
أيقظته ذكريات العناق
إن للنسيان عندي ذماماً
كم تسلى معصمي عن وثاقي
غير ثنتين هما عن زمام
للتناسي في رحاب النطاق
جذوة الشوق المرجى ظنوناً
وبقايا من رضاب المذاق
إن قسا دهري غداً قلت (يا با)
من شذى (يا با) عبير انتشاقي
إيه يا ابن الرافدين المجلى
والمصلى تحت نقع السياق
لا أذم العيش في ربع نجد
أو يخاف العدل جوار اشتياقي
لا أذم العيش عزاً منيعاً
إنما حسبي ظليل الرواق
كان لي في النيل ورد نمير
لم يطير سعده شؤم غاق
إن تبغددنا هوى والتياعاً
فقذى أعين الأعادي عراقي
 
- أما القصيدة الثانية فعنوانها:
(( أبو العلاء يتألَّم ))
"لا تظلموا الموتى وإن طال المدى"
تجمَّدي يا برهتي
حداءُ حادٍ من بعيدْ
"لا تظلموا الموتى وإن طال المدى"
ورفرف اللحن البعيدْ
تراجع الصمت البليدْ
وهومَّ السِّجف الصفيقْ
"لا تظلموا الموتى وإن
طال المدى طال المدى"
أقل من عمر الثواني حلميَ الكئيبْ
يا لعنة الوجيبْ
وانزاحت الجدران للأفق الرحيبْ
أطل من ثنيَّة الوادي الكبيرْ
شيخ ضريرْ
وسائق يَحْدُو بِعدْسٍ عريبْ
يرجِّع اللحنَ العتيقْ:
"لا تظلموا الموتى وإن طال المدى"
جاوبتُه في المنحنى
بمثل لحنه الكئيبْ
كأنه ثوب الحِدَادْ
إذْ يشرب الدموعْ:
"يا جثة الخريفْ
مازلتُ مثل ما تكونْ
مجنونَ إيقاع حزينْ
يضجُّ في قلبي دم الغروبْ". [1هـ].
* * *
وأَطلق الوجناءَ ترعى كل صيفيٍّ غضيض
واستوسد الحصيرْ
من عالم الأشباح صوفيٌّ ضريرْ
وفي يديه جعبة ثقيلةٌ
أوليتُه سمعاً وتفديه
أوليته سجع الحمامْ
لكنَّ سجعه زئيرُ قَسورةْ
يسترجع اللحن الشرود حائراً
كأنه دوامة وئيدة مدوِّيه:
[أكل ربَّان يهيم في جزيرة الغرامْ
ويذرف الدمع السخينْ
والجرح محفور من الماضي السحيقْ؟!
طيوف ليلى في دَلال الشعر غافيةْ
وهدبها الداجي يرقِّص القريضْ
وقينةَ النادي ومعبداً أَوِ الغريضْ
أكلكم في هذه الحياةْ
صبٌّ بليلى والشرودْ
يستعذب البكاء والنحيبْ؟!
أكلكم في الصفحة الأولى من الغرام؟
فأين ذو القروح أو عبيدْ؟
وأين مجنون الثريا والرَّبابْ؟
وكلُّ ما قلتمْ وكلُّ ما قلناهْ
تقوله ليلى بصمتها الأليم والدلال:
"أنا عبير زنبق نقيّ
ويستحي القصيدْ
من كشحيَ الهضيمْ
ويخْجلُ اللهيبْ"
قصيدةٌ عصماءُ شُيِّدتْ
كقبةٍ على ضريحْ
وتبذرُ النُّواحْ
قصيدة رعشاء مرعِبةْ
تَقيةُ المجونْ
تُخفي بها ظلي تجاريبُ السنينْ
كزرقة السماءْ
كنفخة الهباءْ
صوتٌ بلا معنى رمادك
لكنني
قَبَّلْتُ زهرةً يُغذِّيها رُفاتك
ثرثرتُ بالشعر المقفى وجالت الراءاتُ
والدالاتُ تحتشدْ
إذْ لاذ بالصمت لسانكِ البخيلْ
حسدتُ أفواف الزهورِ في عناقها الطويلْ
فليحمد الثغرُ القرنفلا
وكل شاعرٍ
منا ومنكمُ
فراشة تطير للَّهبْ
ليلى زمانِنا عفيفة نقيةٌ
ليست كليلى هذه الحياةْ:
"دولابها يضم ألف ثوبْ
وقلبها يضم ألف حبّ".
والوقت غير الوقت يا ذئابْ
وتولدُ البطولةُ
من شرفةٍ ومعصمِ
وهدبِها الداجي وجيدْ
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى]. اهـ.
* * *
وعادت الجدران تحضن الدجى
وطرسيَ الصادي وأقلامي وعيبةً ثقيلةً
تضم أشعارَ القبيلةِ
وغاب عن عيني أبو العلاءْ
والواديَ الكبيرْ
أقل من عمر الثواني حلميَ السعيدْ
لم يبق إلاَّ صوتُه الوئيدْ
في مسمعي.
- تجمدي يا برهتي -
وعيبةٌ ثقيلةٌ
وكلها حكاية الحب المريض
ولونها كصفرة الذبولْ
ووزنها كخفَّةِ النحولْ
لكنها ثقيلة
آب الزمانْ
إلى مدارهِ.
تألَّقت دُعابةُ الأسى الجريحْ
نسترجع الماضيْ السحيقْ
وننبش الرمادْ
ويشرب الجمرَ الرمادْ
وننحتُ القاموسَ قافيةْ
نميتها سوى طيوف قاتمةْ
يميس في ظلالها الغريقةِ
شحوبُ قيس بن الملوَّح الأسيفِ أو جميلْ
تُخفي بها ظلي تجاريبُ السنين
* * *
يا شعر يا عبد القوافي
سئمتُ وقعَك الرتيبْ
دعابةَ الأسى النديبْ
هل انتهى الزمان يا عطر الربيع؟
يا شهقةَ الزهورْ؟
تجمدي يا برهتي
أقلُّ من عمر الثواني حلميَ السعيدْ
هنيهةُ الضياءْ
ويزهر السريرْ
قصيدة مضيئةً
وتنشدُ المحال والمجهولْ
وتعشقُ القلقْ
وتُولَدُ الرُّؤَى
في ظلمةِ التعبيرِ.. في زوابع الشعورْ
ويومض الضبابْ
قصيدتي أبني لها
من شارد الفكر الجموح قافيةْ
قيثارتي ألحانها
من عتمة المجهول صافيةْ
رؤى أليمة وأخرى هانئةْ
من أجل أن تهز في الجوعَى تلاحينَ السغبْ
من أجل أن يزلزل الطغاةَ بركانٌ من الغضبْ
من أجل أن يضيء في الغصونْ
حلمُ العيون بالكرى
ويعبق العرقْ
أنغامنا هوادج مسافرة
تصفيقةُ الدَّهماءِ والجموعْ
نايٌ لريفيٍّ حزينْ
وحلمه السجينْ
نايُ المعذَّبينْ
تنغيمةُ البؤس القديم والرجاء المستفيقْ
تنغيمة البعوض والذبابْ
وشاردٍ لم يبقَ في الطريقْ
إلاَّ ظلالُه وصمته العميقْ
يَنْخَسُهُ ديَّانه محوقلاً
وفي يمينه سواكُه العريضْ
ودفترُ الحسابْ
"أما علمتَ أن أعظم الذنوب والعقوقْ
الكفر بالديان، ثم أكلكَ الحقوقْ؟
أما رأيتَ البارحةْ
وظلمةً محلولكةْ؟
أما رأيتَ ليلةَ السِّرارْ؟"[اهـ .].
تجمدي يا برهتي
هنيهةَ الضياءْ
أقل من عمر الثواني حلميَ السعيدْ
ويزهر السريرْ
 
- أما شيخنا أبو تراب الظاهري فمن حقه عليَّ إذ أسعفني بقصيدة أن أسعفه بكليمة بترجمة حياته، وبعضها من إملائه. كتبتها منذ عشرين سنة يقول:
- لا أعرف تاريخ مولدي على وجه الدقة، وأما الدراسة فأول ما تلقيت على جدي، ثم والدي حيث غرس فيّ حب العربية منذ نعومة أظفاري. وكنت كلفاً بنساخة الكتب النادرة والارتحال لها. ونسخت بيدي أكثر من خمسة عشر مجلداً من الكتب النادرة. منها كتاب "العلل" للدارقطني، ومصنف عبد الرزاق، والاستذكار، والتمهيد لابن عبد البر، التمهيد وحده إذا تم طبعه سيبلغ 30 مجلداً. وكنت أنقطع في مسجد ناءٍ عن البلد للتعبد، وأتقنت النحو والصرف، وقرأت العروض وأصول الفقه، ومصطلح الحديث، وعلم العقائد، والتفسير والحديث، وقرضت الشعر، ثم جلست للتدريس وأنا طالب، فكنت أُقرئ صغار الطلبة، وعلمت الصبيان في المدارس الحكومية، ودرست الفارسية على جدي. ولما قدمت المملكة تصديت للتدريس في المسجد الحرام، وعكفت على ذلك سنوات بإذن من سماحة رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله. ولازمت مكتبة الحرم المكي أيام الشيخ أحمد عبد الله دحلان، والشيخ عبد الله فدا رحمهما الله، حيث نسخت عدة كتب، منها: قطعة من "شرح السنَّة" للبغوي، و "لوامع الأنوار" للموصلي، وهو نظم "مشارق الأنوار" للقاضي عياض بن موسى (1) ، و "كشف المعمى" لقطب الدين النهرواني. وعملت بجريدة "البلاد" مصحِّحاً منذ عهد رئيسها الأسبق الشيخ عبد الله عريف، وأنا الآن مراقب المطبوعات، ولم أحصِ الكتب التي قرأتها وهي تعد بالألوف منها المحلى لابن حزم، وكتاب الأم للشافعي، والهداية إلى آخره عدة كتب لا تحصى. وكلها من الموسوعات ومن مؤلفاته معجم النحو، واختلاف الفقهاء، وكتاب الألفاظ في اللغة. هذا وأنشد قول التفتازاني (2) :
طويت بإحراز الفنون ونبلها
رداء شبابي والفنون جنون
ولما تعاطيت العلوم وحسنها
تبين لي أن الجنون فنون
- وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وهاتكم أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري وأبو تراب الظاهري.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :880  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج