أهجت من الشوق القديم أخي البَرُّ |
وخضخضت نفساً من خلائقها الصبر |
يكاد يظن الناس من فرط صبرها |
بها الظن حتى قد يقال بها كبر |
وما هو - وأيم الله - غير تجلد |
على المُرّ حتى لا يقال بها مُرُ |
ومن تمتلئ بالحق أنحاء نفسه |
تعرض للأخطار إن كنكن الغِرُّ |
سيألفني قومي إذا صرت بينهم |
وقد جَدّت الأحداث وانهزم الشر |
يرون فتى سمح العريكة طَيِّعاً |
تجمَّع فيه الحزم والرأي والبشر |
فتى صنعته الحادثات ومن يكن |
كذلك لم يَهْرَم وإن هرم العُمُر |
ومن عاش يبغي غاية شُغْلَ قلبه |
يعش في شباب القلب ما ازدهر الفكر |
ومن عاش يستدني الحياة كريمة |
سيشرق فيه العمر إن أشرق النصر |
رأى فيك أطياف الصبا وهي لم تزل |
تُحَوِّم في الأعماق يحضنها الصدر |
رأى فيك عمراً ثانياً من حياته |
كلانا له من عمر صاحبه شطر |
جُمِعنا على معنى هو البرُّ كُلُُّه |
إذا امتدت الأسباب فهو لها جِذْر |
هو الحب لم يدنس من اللؤم ثوبه |
ولا انشق في جوف الزمان له ستر |
نما بين بطحاء الجزيرة بذرة |
بخير ثرى من دون تربته التبر |
ترعرع حول البيت والقدس ظله |
وزمزم سقياه ومجمعه الحِجْر |
وأينع في أرجاء مكة زهره |
وفاح شذى من عرف أكمامه العطر |
وطَوّف بالآفاق لا البحر دونه |
ولا الأرض تجفوه ولا آده السفَر
(1)
|
وأورق عند النيل، والنيل مشرب |
لكل كريم النبت تَكتنُّه مصر |
وفي قرية الأنصار عند "محمد" |
تشع غداً تلك السنابل والفجر
(2)
|
* * * |