شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عابد خزندار ))
ثم أُعطيت الكلمة الآن للأستاذ عابد خزندار فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الحقيقة لست من أصحاب الكلام، ولست من الخطباء ولكن الذي دفعني إلى الكلام دفعاً قوياً هو أنني مدين لأستاذي وشيخي أبي عبد الرحمن بن عقيل في الكثير من ثقافتي وخاصة ما يتعلق منها بالتراث.
 
- وهو إلى جانب الشيخ أبي تراب أول من لفت نظري إلى الظاهرية، واكتشفت أن الظاهرية ليست تحللاً وليست حلية، وإنما هي في الواقع قضية العصر. القضية التي يدور حولها أكبر جدل فلسفي ولغوي وأيديولوجي في العصر الحديث. ذلك لأن هذه القضية تتعلق بالمعنى، ثمة مدرسة فلسفية ولغوية حديثة بريادة جاك دريداه، تزعم أو تدَّعي أنه ليس هناك أي معنى وأن المعنى غير محدد، وهي في فكرها هذا تنطلق من العلوم الطبيعية، وبالذات من الفيزياء، فالفيزياء الحديثة تقرر أن المادة غير ثابتة، وأنها في حالة سيرورة دائمة، وذلك سبب وجود ما يفترضونه ويسمونه بالكوارك، وهو شيء غير موجود، ولكن يفترض وجوده. ولهذا فإن الكوارك يجعل المادة في حالة تغير مستمر.
 
- دريداه اقتبس هذه الفكرة من الفيزياء، وطبقها في مجال اللغة، وافترض وجود شيء سماه بالجرافية، أو الأثر، وقرر أن هذا الأثر يعمل مثل الكوارك وأنه يلغي المعنى باستمرار، ولهذا فإنه ليس هناك معنى، ولكن ما علاقة هذا الكلام بالظاهرية؟ العلاقة تأتي من المعنى، وتأتي أيضاً بأن كانت هناك محاولة من النحويين العرب، أو اللغويين العرب وخاصة سيبويه انطلقت من فكرة العامل، العامل ممكن أن يكون مثل الكوارك، العامل غير موجود، ولكنه مقدر وهو الذي يتسبب في حركات الإِعراب وخاصة النصب.
- وقد رد على هذه الفكرة ابن مضاء (1) ونفى وجود العامل، وقال أنه لا يشبه خطوط المهندسين أو الأجسام، أو لا يشبه ما نسميه الآن بخطوط الطول والعرض. خطوط الطول والعرض غير موجودة بالطبع فعلاً، ولكننا نفترض وجودها لنفهم مواقع المدن إلى آخره. أما العامل فلا وجود له. يترتب أو ينبني عليه فكرة أن النص واضح ومكتفٍ بذاته، ولا يمكن حمله على محمل آخر إلاَّ بنص آخر، فإذن إن المعنى محدد وثابت، وهذا المعنى هو المعنى الظاهري بدون أن نلجأ إلى قانون السببية وهو قانون طبيعي، قد يصح في الطبيعة، ولكنه لا يصح في اللغة، لأن علوم اللغة وعلوم الإِنسانية تختلف عن العلوم الطبيعية اختلافاً أساسياً.
- علوم اللغة تعتمد على الكلام، أما العلوم الطبيعية فلا تعتمد أبداً على الكلام، فإذن من الخطأ أن نطبق قوانين الطبيعة، وخاصة السببية على قوانين الكلام.
- فإذن أعود إلى ما بدأت به الكلام، وأقول إن الظاهرية هي ردنا على المذاهب الفلسفية الحديثة التي تنكر وجود المعنى. وهي حين تنكر وجود المعنى فإنها بالطبع تنكر وجود الإِنسان نفسه، بل وترفض أو تنكر الوجود كله، وبالتالي ترفض فكرة وجود الخالق. لهذا كله فأنا مدين لأستاذنا أبي عبد الرحمن الذي لفت نظري إلى الظاهرية. أطلت عليكم الكلام وأخشى أنه كان ثقيلاً، وأختم كلامي بأن الأستاذ أبا عبد الرحمن أديب جمع بين علمه واطلاعه في علوم اللغة العربية، وقرأ قراءات غربية واسعة، ولا أعرف عما إذا كان شاعراً أم لا؟ ولعله مثل ابن المقفع الذي سئل عما إذا كان يقول الشعر؟ فأجاب الذي أرضاه لا يجيئني والذي يجيئني لا أرضاه. ولعل أستاذنا أبا عبد الرحمن من هذا النوع، وشكراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :633  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 114 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج