أدرك القلب محنة الأغنياء |
ورآهم في زمرة التعساء |
إذ يقاسون رغم ما هم عليه |
من متاع الحياة فقر الوفاء |
والفقير الفقير قلب وحيد |
أسمعته الحياة زيف الغناء |
والغني الغني قلب بسيط |
لمس الصدق من فم البسطاء |
إنما المال والوفاء شتيـ |
ـتان بعيدان كالثرى والسماء |
هكذا سنة الوجود رآها |
من قديم مقسم الأشياء |
حكمة دق فهمها عن ذوي الأرض |
ودانت لفطنة الأنبياء |
وأراني ولي معاش رقيق |
في ثراء بكثرة الأصدقاء |
فكنوزي لآلىء من قلوب |
ورصيدي جواهر من صفاء |
ورياضي حب كبير وريف |
مشرقات أشجاره بالضياء |
وقصوري شيدتها سامقات |
من قلوب الأحباب لا من بناء |
وكرومي من عطفهم ظللتني |
من شتاء الردى وحر البلاء |
وكؤوسي من قولهم مترعات |
بأحاديث عذبة الإفضاء |
وخواني أقلامهم ملأته |
فنتاج العقول جُلَّ غذائي |
ووسادي من رقة نسجوه |
وغطائي ولا تَسَلْ عن كسائي |
في حماهم ما مسني العرى إذ من |
نظرات الحنان حكت ردائي |
أحمد الله هم كثيرون حولي |
وعجيب تكاثر الأصفياء |
فيهم الساكن الشواطئ كالطير |
يغني للموجة الزرقاء |
وقطين العواصم الشم مجداً |
وسليل الجزيرة الشماء |
مهبط الحق والعقول حيارى |
ومنار الحقيقة البيضاء |
تلك أم الكرام مهد النبيـ |
ـين وأرض الشريعة السمحاء |
أزجت النور والظلام على الكون |
يَمُدُّ الخِبَاء إثر الخباء |
يا رعى الله في الجزيرة دوحاً |
عبقري الحنان جم الحياء |
طيب الأصل يعربي السجايا |
قد سقاه السحاب ماء الإباء |
سامقات فروعه آخذات |
تستحث الخطى إلى العلياء |
مُدَّ في مصر منه فرع نبيل |
ثابت الود والوفا والإخاء |
ماجد يدفع النفوس إلى المجـ |
ـد ويروي القلوب بالأنداء |
مالك للبيان من كل لون |
قائد في معارك الشعراء |
يرسل القول كالسهام نفاذا |
فتدين القلوب بالإصغاء |
سيد في الكرام وابن كريم |
وأمير في دولة الكرماء |
ذكرتني حنانه أغنيات |
أبدعتها حورية الدأماء |
فتعشقت وده طيب الأصـ |
ـل وثيق العرى برغم التنائي |
يا رعى الله أيكه وذويه |
يا رعى الله صفوة الأصدقاء |
* * * |