بني أمتي حان الأوان لوثبة |
يعز بها حق. ويزهق باطل |
وما الزيف إلا كالغلائل خلفها |
خبئ سيبدو حين تمحى الغلائل |
بني أمتي إما حياة كريمة |
تريدونها - حقاً - وما بعد زائل |
وإما ممات في ظلال كرامة |
أحب إلى الأحرار والظلم شامل |
ومن رام أسباب الحياة عزيزة |
ينلها كفاء للذي هو باذل |
بني أمتي غُذّوا الخطى نحو غاية |
هي الهدف الأسمى وقد عز نائل |
ومن جد يبغي غاية شغل نفسه |
فلا بد مهما يبعد العهد واصل |
وأية غايات أجل لدى الفتى |
(من الوطن الغالي) إذا قال قائل |
وقد كان مهد العلم بل مشرق الهدى |
إذا هو بين الناس حيران خامل |
بني أمتي غذوا المسير لوحدة |
تلملم شمل العرب والجمع حافل |
فتصبح أرض العرب للعرب كلهم |
فلا ثم محدود ولا ثم فاصل |
ويصبح أمر العرب أمراً موحداً |
يضمهمو في الشرق والغرب ساحل |
من المغرب الأقصى إلى الهند أُمّة |
يوحدها دين، وأصل، ومنزل |
بني أمتي إن العدا حول دورنا |
وليس لهم فينا سوى الخلف معول |
فردوا عليهم كيدهم في نحورهم |
يموتون من غيظ ويصمت مقول |
ولا تدعوا للخلف بين صفوفكم |
مجالاً وإلا أوغلوا وتغلغلوا |
وما أنتمو إلا لقيمات طامع |
إذا أنتمو لم تجمعوا الأمر تؤكلوا |
فلا تسلموا شبراً لهم من دياركم |
ففي كل شبر للعروبة معقل |
وذودوا عن الأوطان بالروح وافتدوا |
ثراها بأزكى ما به المرء يبخل |
فكل نفيس هيّن جد هيّن |
على النفس والوجدان بالضيم مثقل |
وما جئت أعني وحدة في مظاهر |
تشكلنا جمعاً لدى الجد يخذل |
ولكنني أعني تضامن أمة |
بأرواحها في ظله الجمع يعمل |
وعندئذ يكفي أخاً من شقيقه |
قواه، إذا ما كان للجهد يبذل |
وما تصدر الأرواح أقوى ذخيرة |
عليها لصد النائبات المُعَوَّل |
ولست أشك اليوم في أمر أمة |
يوحدها غاي وماض وحاصل |
ولكنها الذكرى علينا فريضة |
تواصي بها أخيارنا والأوائل |
فكيف إذا دارت رحى الحرب بيننا |
وبين العدا والشر بالأرض نازل |
وربة مصغ كان أوعى لحكمة |
من القائل الحاكي لما هو قائل |
وإن كنت لا أزجي الكلام تملقاً |
ولكن حديث القلب والقلب عاقل |
بني أمتي هبّوا فقد هبّت العدا |
وحلّ بأرض النيل منها الجحافل |
ففي الجو أسراب وفي الأرض هَجْمَةٌ |
تجندها الأحقاد والحقد قاتل |
وما الحقد إلا جذوة تقتل النهي |
إذا هو من كل المفاهيم عاطل |
ولو صاب ذا حزم وعزم ومنطق |
فقد صابه عن محكم الرأي شاغل |
فإن فاز مقتول يعربد قاتلا |
وإن خر يلقى حتفه وهو فاشل |
كذلك جَرّت أمةً أو حكومةً |
وأخرى إلى حرب حُقُودٌ وباطل
(1)
|
تبجحنا بالسلم والحق خدعة |
فهل - بعد هذا - نكبة أو مهازل |
سلام على الدنيا إذا لم يعد بها |
كذوب حصيف أو أبيٌّ مناضل |
ولكن كفاح الشعب مهما تضافرت |
عليه قوى الطغيان للنصر كافل |
إذا صدقت منه العزيمة أقبلت |
أمانيه تسعى نحوه لا تماطل |
وللمعتدين الخزي والعار صفقة |
وتَفْرَحُ بالنصر الشعوب البواسل |
وما هي (إسرائيل) إلا صنيعة |
ومستودع للشر بالشر حافل |
ومعبر أغراض الأُلى قد تآمروا |
علينا بها، والشر للشر عامل |
وحتى "اليهود" المفلحين بأرضهم |
جفوها فوافاها دَعِيٌّ وعاطل |
تقوم على الإرهاب بالدين بينهم |
فلا العرق دساس ولا العِرْض شامل |
لقد صنعوها بؤرة في ديارنا |
لأغراضهم منا تساق القوافل |
فتباً لهم. تباً لها من دويلة |
ولا تتركوها حيّةً تتكامل |
وكيف وأخوان لنا قد تشردوا |
تفاريق شتى في البلاد تحاول |
وأرض لها حق القداسة عندنا |
تعيث بها بل في سواها تجادل |
بني أمتى (مصر الشقيقة) تبتلى |
فكونوا فداها فهي للعرب موئل |
وصونوا حماها بالدماء فإنما |
فداء المعالي والكرامات تبذل |
وهذا ابتلاء للعروبة كلها |
ولكنه في (مصرنا) اليوم مجمل |
وما العرب إلا العرب أيّان خيّموا |
وأين أقاموا أو نأوا أو ترحلوا |
فردوا عداها خائبين وحطموا |
دسائسهم لا تتركوا الخطب يفحل |
وهذا لعمر الله يوم مخلد |
له بعده مستقبل ليس يجهل |
ولا يكتب التاريخ في مثل يومنا |
بغير دماء زاكيات تجلجل |
فلبوا نداء الله والحق والهدى |
إلى ساحة الجُلَّى خفافاً وعجلوا |
شعاركمو في ساحة النبل والوغى |
نداء إلى الأجيال والدهر مرسل |
فداء بلادي والعروبة كلها |
بلادي - حياتي، وهي أغلى وأجمل |
* * * |