شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في غَار حرَاء
"روايَة في ثلاثة مَناظر"
(نظمت بمناسبة قيام تلاميذ مدرسة تحضير البعثات برحلة إلى غار حراء بين عامي 1360 و 1361 هجرية على ما أذكر وكان الشاعر أحد طلبة السنة الرابعة فيها آنذاك).
المنظر الأول
راعيا غنم يَطْلُع من بعد محمد (صلى الله عليه وسلم) في طريقه إلى غار حراء حيث كان يتحنث (1) فيتحدثان:
الأول:
مَنْ ذلك الساري تجاه (2) حراء
مُتَرَبِّثاً في سِيمة الكبراء
يتأمل الآفاق من نظراته
فِكْرُ الحكيم وخاطر الشعراء
تبدو عليه مَهابة وَدَمَاثة
سَمْتَ الملوك ورِقَّةَ العباد (3)
وعليه من عَرْف السماحة والرضى
نَفْحُ الكريم وعِفّةُ الزهاد
أهو الأمين؟..
الثاني:
... نعم فذاك بأنه
أبداً يهيم إلى رُبىً ووهاد
زهد الحياة مليئة صخابة
بهوى النفوس وشهوة الإفساد
هو لا يحن لمزهر أو مَحْفِل
جَمع النِّدامَ على كؤوس الراح (4)
جم التواضع أريحي نابه
ما أنساق في إثم ولا بجُناح
الأول:
أي!. قد سمعت، قد ابتلى أخلاقَه
سكانُ (مكة) في ربى وبطاح
الثاني:
أما سجاياه! فقد ذاعت كما
شَعّ الشَّذى من مَنْبِتٍ فَواح
المنظر الثاني
الراعيان مجتمعان يتحدثان عن محمد (صلى الله عليه وسلم) بعد أن أعلن دعوته - وحديث هذا المنظر طبعاً - يُمثل - أحاديث الجاهلية آنذاك:
الأول:
أنظر أخي!. هذا هو الرجل الذي
كنا نبجله ونكبر شأنه
الثاني: من ذا محمد؟
الأول: إنه هو
الثاني: ما له؟
الأول:
قد سب رب خزاعة وأهانه
وأتى بدين ما عهدنا مثله
في شرعة الآباء والأجداد
ونحا إلى دين جديد غير ما
قد وَرَّث الأسلافُ للأحفاد
الثاني: ماذا يقول محمد يا صاحبي؟
الأول: نادى بحمل رسالة من ربه.
الثاني:
مَنْ ربه؟! أفجاءكم بدليله؟
فلكل حق حجة توحي به
الأول:
سماء (رحمانا) ولا ندري به
ومضى يُؤَلُف وحيه وخياله
الثاني:
لكننا ما آن عهدنا (أحمداً)
كذب المقال ولا أساء فعاله
أَفَجُنّ؟ فاتخذوا الدواء فإنه
لَيَعِزُّ ذاك على قريش أجمعين
الأول:
ما إن به من جِنّةٍ. بل آمنت
بكلامه فئة تُرى في العاقلين (5)
الثاني: أفشاعر؟!
الأول: ما قال شعراً عمره
الثاني: أفكاهن؟
الأول: لا بل عدو الكَهَنَهْ
الثاني:
هذان نَسَّاجا الخيال وربما
يستفرغ الشيطان فيه فِتَنَه
أفطامع في الملك؟
الأول:
قد وهبوا له
أمر البلاد شيوخها وشبابها
هو في قريش سيد وله بها
عضد أشد فَسَابَها ورمى بها
المنظر الثالث
ينتصر سيد البشرية محمد (صلى الله عليه وسلم) فينتشر الإسلام وتتابع الأجيال ويقف على (جبل النور) (6) حيث (غار حراء) مسلم من أبناء الجيل الحاضر فيقول:
ذاك ابن عبد الله صفوة يعرب
وسليل بيت وافر الأمجاد
زهد الأُلى جعلوا الألوهة شاخصاً
بل أَشْخُصَاً خُلقت من الأصلاد (7)
يسعون في الدنيا على أكبادهم
مملوءة بحميّة الأحقاد
زهد الحياة وجاء يرقب ها هنا
(وحي السماء) وَلمحَةَ الإرشاد
من ها هنا انبثق الضياء وها هنا
مهد الهدى ومنازل القرآن
من ها هنا انبثقت لقافلة الحيا
ة أشعةٌ ضاءت على الأكوان
في ربوة من هؤلاء الْتَقَت
دنيا السماء بعالم الإنسان
ومشى النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) مستلهماً
وحي السماء وحكمة الرحمن
ودعا إلى الإسلام أهْليه الأُلى
أَوْلى برحمته وفيض حنانه
فتنكروا - لمخافة من سُبَّةٍ -
بعض. وبعض لَجَّ في شنآنه (8)
ومضى وما وهنت عزيمته بما
يلقاه من عنت وطول عناء
حتى استبان الحق فانفضح الضلا
ل وشعشع الإسلام في الأنحاء
ومشى على خطواته - من بعده -
خلفاؤه واستلهموا اسْتِلهاما
فعلت بنصر الله دولة أمة
في العالمين تَجِلةً ومقاما
وأتى أعقابهم - يا ويحه!. -
خَلْفٌ أضاع المجد والإسلاما
واستمرأ النوم العميق فحينما
صحت الحياة تجرع الآلاما
من ها هنا انبثق الضياء وها هنا
خفت الضياء فَوَدِّعوا الأوهاما
وخذوا النصيب من الحياة بقوة
إن القويَّ يُذَلِّل الأياما
بقوى النفوس المستنيرة والتي
تقفو (النبي) وتشحذ الأفهاما
فضعوا (النبي) أمام أعينكم هُدىً
في كل أمر مرشداً وإماما
 
طباعة

تعليق

 القراءات :769  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 121 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج