بنور هديك أستهدي لدى الظُّلَم |
فنور هديك يمحو حَالك الظُّلَم |
وفيض حبك استوحي إذا نطقت |
بكلمة شفتي من طيّب الكلم |
وبعض عزمك أستملي إذا عصفت |
بالقلب عاصفة الأهواء والنَّهَم |
فليس بعد كتاب الله ملتجأ |
إلا إلى محكم من هدى ذي عصم |
ومن يكن برسول الله مقتدياً |
لم ينحرف عن سبيل الحق أو يَهِم |
حبيك خالط مني الروح منسكباً |
فيها ومتخذاً مجراه نهر دمي |
كم وقفة جئت عند القبر أعلنها |
تحية من صميم القلب لا بفمي |
وكم دأبت على الأمداء أبعثها |
في طلعة النور أو في ظلمة العتم |
وكم وجدت كريم الرد في كبدي |
بَرْداً يسكِّن ما في النفس من ضَرَم |
كم وقفة بجوار القبر ملهمتي |
آيات عزم وصبر غير منفصم |
عزم تقاصر عنه فهو منقطع |
عند البداية منه منتهى الهمم |
أشوم مجد رسول الله مصطبراً |
على الأذية في إشراقة الألم |
يشكو إلى الله ما يلقى ويسأله |
رضى يضاعف عزماً غير منهزم |
ويمنح العذر من آذوه محتسباً |
يقين مستمسك بالله معتصم |
إليك يا رب أشكو ضعف مقدرتي |
وحيلتي وهوان الحق والشيم |
إن لم يكن بك من سُخْط عَلَيّ فَلاَ |
حُزْن بنفسي ولا طيف من السأم |
لاَ هُمّ رحماك واهد القوم إنهمو |
لا يعلمون فهم بالجهل في صمم |
والمرء بالجهل في دَرْك الحضيض وفي |
عَماية العقل لا يسمو على البَهَم |
إن جاع يأكل ما قد صاغ من صنم |
وقبل ذاك مضى يجثو لدى الصنم |
ولا مفاهيم في معنى الحياة ولا |
خير يرجى ولا شمل بملتئم |
والفقر والسّقم فرعا الجهل حين هما |
والجهل أفتك ما قد ضر بالأمم |
صبرت لم تألهم نصحاً وموعظة |
ولم تبادلهمو عَسْفَاً ولم تَسُم |
مجاهداً في سبيل الله مدَّرعا |
بمنطق لا بجيش جَحفل عَرِمِ |
وللفصاحة ما تعيا الرماح به |
في النفس من أثر للشك مُصْطَلِمِ |
وكم خفضت جناح الذل مرحمة |
لا شأن مختصم أو شأن منتقم |
حتى أُذنْت أذان الحرب تحسم ما |
بغيرها لم يكن يوماً بمنحسم |
والله جَلَّتْ - تعالى الله - حكمته |
أدرى بمختلف الأرواح والأُدُم
(1)
|
قد سنها شرعة للعدل حامية |
حرية الحق من باغ ومقتحم |
لم يشترعها أداة يستبد بها |
قوم على القوم أو يطغى أولو عَلَم |
كل ابن أنثى سواء في شريعته |
إذا رَعى حرمة الميثاق والذمم |
فالشرك بالله سِرُّ الظلم في بشر |
طاغ وفي بشر يَحْيَوْن كالغنم |
جاهدت في الله حقاً غير مدخر |
جُهداً ولا مبقياً غايا لمستنم |
حتى تركت سبيل الحق واضحة |
يسير فيها أولو الأبصار والقيم |
طوبى لسالك دربٍ كنت مَعْلَمَه |
وويل من عن هداك القلب منه عمى
(2)
|
كم وقفة بجوار القبر مفعمة |
نفس المحب بفيض غير منخرم |
ذكرت هجرة خير الأنبياء إلى |
ربوع طيبة يَفْدي الحقَ بالرَحِم |
حتى إذا أسلموا لله كان لهم |
فوق المؤمل من بِرٍّ ومن ذمم |
ذكرت من حوله الأنصار أفئدة |
عاشت على الحب لم تفرغ ولم تَرِم |
يرجون من هديه ما يسلكون به |
إلى الهداية درباً غير منعجم |
وكان أولى بهم من ذات أنفسهم |
بهم رؤوف رحيم رحمة العمم |
ذكرت فيهم رسول الله يخطبهم |
بمحكم القول أو مستنزل الحكم |
من منبر فوق نهر سلسل عطر |
من أنهر الجنة الفيحاء في شَبَم |
ما بين موضعه والبيت منتجع |
من جنة الخلد عند البارئ الحكم |
أتيت أستغفر الله العَليّ لِمَا |
جنيتُ أو فتنةٍ سارت لها قدمي |
وما يغالب نفساً من تكالبها |
فيما يزول فمهما طال لم يدم |
وفي رحاب رسول الله أسكبها |
من مُقْلَتيَّ وقلبي عَبْرَة الندمِ |
في روضة من رياض الخلد خص بها |
ربي جوارك إكراماً ومن عظم
(3)
|
وأسأل الله نوراً يستضيء به |
قلب يعيش على الآلام في بكم |
حسبي إذا كنت يوم الجمع تشفع لي |
أني لأطمع في عفو وفي كرم |
يارب شفعه في عبد إذا عظمت |
ذنوبه جل عفو منك ذو نعم |
يا خير من يَمَّمَ المضطر ساحته |
وخير معط ومسؤول وذي رُحُم |
يا من بسبق قضاء منك ما اقترفت |
جوارحي وإلى رحماك محتكمي |
وإن أتيت بما ترضاه من خلق |
فسبق لطفك لا عزمي ولا هممي |
ولا ينالك كسبي كل طيبة |
ولا يضيرك ما حُملْتُ من سَخَم
(4)
|
وما أجادل أو أخفي مجادلة |
إذاً لأَبْرَأُ من نفسي ومن قلمي |
فقد أتيتك يا رباه ملتجئاً |
إلى حماك ذليلاً مُلْقِيَ السَّلَمِ |
ومن يلذ بك رباً غير محتكم |
إلا لعفوك من حَرّ الجحيم حُمى |
يا رب فاشمل بلطف منك ما سبقت |
به مقادير طَيَّ اللوح والقلم |
* * * |